logo
العالم

عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال تشهد أكبر انقسام منذ انطلاقها

أكراد يلوحون بأعلام حزب العمال الكردستاني (PKK) وأعلام تح...المصدر: (أ ف ب)

تشهد عملية السلام الجارية في  تركيا بين الحكومة وحزب العمال الكردستاني أكبر انقسام بين أطرافها بعد مرور عام على انطلاق الدعوة لها من أنقرة، واستجابة زعيم الحزب المسجون عبدالله أوجلان.

وبرزت عدة خلافات في اليومين الماضيين، بين أطراف عملية السلام، وبينها احتجاج أحد أحزاب البرلمان التركي على دعوة حزب آخر للقاء أوجلان بشكل شخصي، بينما أسهم عدم إطلاق أنقرة لسراح السياسي الكردي البارز، صلاح الدين ديميرتاش، في غضب أكبر الأحزاب الكردية الداعمة لعملية السلام.

وحضرت تلك الخلافات في الجلسات الأولى للبرلمان التركي الذي عاد أعضاؤه للاجتماع، مطلع الشهر الجاري، بعد انتهاء عطلة صيفية، وبدء فصل تشريعي جديد سيشهد نقاشات، وقرارات مصيرية حول عملية السلام، وإقرار دستور جديد وإمكانية إجراء انتخابات مبكرة.

انقسام حول أوجلان

ظهر الانقسام حول عملية السلام الجارية، مع دعوة رئيس حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، لجنة السلام التي تضم ممثلين عن الأحزاب السياسية في البرلمان، للقاء أوجلان عند الضرورة في سجنه بجزيرة "إيمرالي" قرب إسطنبول في غرب تركيا.

وبدت دعوة بهتشلي التي جاءت أمام نواب حزبه في البرلمان، حلاً وسطاً بين الرافضين للقاء أوجلان نهائياً، والداعين لحضوره إلى داخل البرلمان، ومع ذلك فقد أثارت انقساماً قد يتسبب بانسحاب أحد الأحزاب التركية من اللجنة.

هدّد نائب رئيس حزب "الرفاه من جديد"، سوات كيليتش، بالانسحاب من لجنة السلام احتجاجاً على دعوة بهتشلي تلك للقاء أعضاء اللجنة مع أوجلان في سجنه.

وقال كيليتش في بيان أعقب اجتماعاً لحزبه، إنه يعارض حضور أوجلان الذي وصفه بـ "زعيم الانفصاليين"، للبرلمان، كما يعارض اقتراح بهتشلي بزيارة لجنة السلام له في سجنه، وسيدرس حزبه الانسحاب من اللجنة إذا قررت بالفعل تنفيذ الاقتراح.

غضب كردي

قُوبلت دعوة بهتشلي بدعم حزب الديمقراطية والمساواة للشعوب، وهو أكبر حزب ممثل للأكراد في تركيا، لكن الحزب أبدى عضباً في الوقت ذاته على قرار حكومي أعاق إطلاق سراح السياسي الكردي البارز صلاح الدين ديميرتاش.

وشهدت القاعة الرئيسة للبرلمان في مستهل جلسته، الأربعاء الماضي، احتجاجاً لنواب حزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، ضد استئناف وزارة العدل التركية على قرار المحكمة الأوروبية الذي يعارض سجن ديميرتاش المحكوم بالسجن لمدة 42 عامًا في 6 قضايا منفصلة تتعلق بنشاطه السياسي، وعلاقته المزعومة بحزب العمال الكردستاني ونشاطاته.

ورفع النواب صور الرئيسين المشاركين السابقين لحزب "الشعوب الديمقراطية" (منحل حالياً)، ديميرتاش، وفيجن يوكسكداغ، وسياسيين أكراد محتجزين يطالب الحزب بإطلاق سراحهم.

كما نظم نواب الحزب قبل جلسة البرلمان تلك، احتجاجاً أمام وزارة العدل في أنقرة، والتي قدمت اعتراضاً، الثلاثاء، قبل عقد المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان جلسة في "ستراسبورغ"، الأربعاء، للنظر في التزام تركيا بقرارها الذي يدعم ديميرتاش.

وقضت المحكمة الأوروبية، في تموز/يوليو الماضي، بأن سجن ديميرتاش، منذ تشرين الثاني/نوفمبر 2016، ينتهك حقوقه القانونية ويستند إلى مبررات سياسية، في انتهاك للاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان.

وهذا ثالث قرار من نوعه للمحكمة الأوروبية بعد 2018 و2020، وكان من شأن عدم اعتراض وزارة العدل عليه في اليوم الأخير لمدة الاعتراض، أن يكون إطلاق سراح ديميرتاش ممكناً، والذي يعتبره الحزب خطوة ضرورية لدفع عملية السلام الجارية.

وقالت النائبة غولستان كيليتش كوتشيغيت في بيان خلال الاحتجاج أمام وزارة العدل، إن ديميرتاش، وشريكته في رئاسة الحزب يوكسكداغ، وزملاء آخرين، محتجزون منذ سنوات نتيجة محاكمة سياسية.

وأضافت كوتشيغيت التي تترأس مع رفيقها سزائي تملي، رئاسة مشتركة للمجموعة البرلمانية لحزب "الديمقراطية والمساواة للشعوب"، إن المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان، والتي تُعد تركيا طرفاً فيها، قررت 3 مرات أن استمرار احتجاز زملائنا يشكل انتهاكاً لأحكامها وللمبادئ القانونية، ولحقوق المعتقلين".

كما أشارت كوتشيغيت في البيان، وبشكل صريح لكون استمرار سجن ديميرتاش ورفاقه يؤثر على عملية السلام الجارية مع حزب العمال الكردستاني. وهو ما أكدته في اليوم السابق، الرئيسة المشاركة للحزب تولاي حاتم أوغللاري، أمام كتلة حزبها البرلمانية.

انقسام شعبي

أخذ الخلاف والانقسام حول عملية السلام بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني طابعاً شعبياً عندما احتج رؤساء جمعيات مدنية تركية تمثل "المحاربين القدماء" (ضباط وضباط صف متقاعدين) على التعامل مع أوجلان الذي وصفه أحد المتحدثين أمام اللجنة بزعيم منظمة "إرهابية".

وجاء كلام رؤساء تلك الجمعيات أمام لجنة السلام التي تحمل اسم "التضامن الوطني والأخوة والديمقراطية" في اجتماعها رقم 14 برئاسة رئيس البرلمان نعمان كورتولموش، والتي اجتمعت، سابقاً، مع جمعيات مدنية تمثل خبراء حل نزاعات، ومحامين، وذوي ضحايا الصراع المسلح المستمر منذ نحو 50 عاماً بين أنقرة وحزب العمال الكردستاني.

وعلى الجانب الآخر، نظمت منظمة نسائية تركية من ديار بكر في جنوب شرق تركيا، في البرلمان التركي بأنقرة احتجاجاً يطالب بالإفراج عن أوجلان، ورددت المحتجات هتافات تمجد زعيم حزب العمال الكردستاني الملقب بـ : آبو".

 

مسار عملية السلام

تصنف أنقرة حزب العمال الكردستاني منظمة إرهابية، لكنها بدأت بعملية سلام مع الحزب، منذ العام الماضي، شهدت دعوة أوجلان المسجون منذ 26 عاماً، حزبه لحل نفسه وإلقاء السلاح، والانخراط في الحياة السياسية، وهو ما استجاب له الحزب بالفعل عندما ألقت مجموعة صغيرة من مقاتلي الحزب أسلحتهم في بادرة رمزية جرت في مدينة السليمانية بكردستان العراق.

وتتضمن العملية بجانب حل الحزب وإلقاء السلاح، وضع تشريعات وقوانين تحدد مصير قادة الحزب ومقاتليه ومن سيخضع لعفو ومن يستطيع العودة لتركيا، بجانب قضايا سياسية وثقافية واجتماعية، بينها مصير اللغة الكردية، وإمكانية جعلها لغة تعليم بجانب اللغة الكردية.

وتواجه العملية صعوبات وعقبات، بينها مطالبات أنقرة بأن تشمل دعوة أوجلان لإلقاء السلاح، قوات سوريا الديمقراطية في سوريا (قسد)، والتي تشكل وحدات حماية الشعب الكردية عمادها، وتعتبرها أنقرة فرعاً سورياً لحزب العمال الكردستاني.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC