logo
العالم

حرب التهديدات تتصاعد.."آلية الزناد" تعيد الصراع الإسرائيلي الإيراني للمربع الأول

علم الاتحاد الأوروبي والعلم الإيرانيالمصدر: موقع "إيران إنترناشونال"

يتوافق محللون في الشأن الإيراني على أنّ إعادة تفعيل "آلية الزناد" أعادت الملف النووي الإيراني إلى ما قبل اتفاق 2015، وأنّ فرضيات التصعيد العسكري الإسرائيلي الأمريكي ضدّ إيران باتت راجحة جدًّا، في ظلّ التغيرات الكبرى التي شهدتها التوازنات الإقليمية في الشرق الأوسط.

وعاد الملف النووي الإيراني بشكل غير مسبوق إلى الواجهة و"المواجهة" بعد انقضاء عقدٍ من الزمن، كانت إيران حصلت عليه لتسوية ملفها النووي وطمأنة الغرب من نواياها التسليحية الصاروخية والنووية، وذلك عقب فشل مشروع القرار الروسي – الصيني بتمديد تعليق العقوبات على طهران.

أخبار ذات علاقة

البرلمان الإيراني

إيران.. مطلب نيابي بطرد سفراء "الترويكا" الأوروبية بعد تفعيل "آلية الزناد"

وبعد تصويت الترويكا الأوروبية، المتمثلة في فرنسا وبريطانيا وألمانيا، ضدّ المشروع الروسي – الصيني في مجلس الأمن الدولي، يكون الاتفاق النووي الذي وقعته إيران مع مجموعة (5+1) قد طُوي فعليًّا ونهائيًّا.

ولم تنجح الوساطات الروسية ولا التطمينات الإيرانية التي جسدتها الرحلات المكوكية لوزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى العواصم الغربية في إيقاف اندفاعة الترويكا الأوروبية نحو استئناف العقوبات الدولية ضدّ إيران.

وستشمل العقوبات حظر تصدير واستيراد الأسلحة التقليدية إلى إيران، سواء كانت هجومية أو دفاعية، بما في ذلك الأسلحة الخفيفة والثقيلة وأنظمة الصواريخ، إضافة إلى حظر نقل أو تصدير تقنيات أو معدات يمكن استخدامها في برنامج تخصيب اليورانيوم أو تصنيع الصواريخ البالستية. كما تتضمن العقوبات تجميد أصول الأشخاص والكيانات المرتبطة مباشرة بالبرنامج النووي الإيراني، وتفتيش الشحنات الإيرانية البحرية والجوية من قبل أعضاء الأمم المتحدة، وحظر تمويل أو دعم المشاريع المرتبطة بالبرنامج النووي.

تناغم شبه كامل

وتؤكد مصادر غربية أنّ هذا القرار الأوروبي يعكس تبني الترويكا الأوروبية بشكل شبه كامل للرواية الأمريكية – الإسرائيلية حول الملف الإيراني، وأنّ الهوة السابقة بين المواقف الأوروبية من جهة والأمريكية – الإسرائيلية من جهة أخرى قد جُسرت تقريبًا بشكل نهائي.

وتربط المصادر الغربية بين تفعيل آلية الزناد وبين الموقف الأوروبي المؤيد للعمليات العسكرية الأمريكية – الإسرائيلية ضدّ المفاعلات النووية الإيرانية في حرب الـ12 يومًا الأخيرة، حيث ظهر جليًّا التناغم شبه الكامل بين الموقفين.

كما تشير المصادر إلى أنّ إيران استغلت فترة تعليق العقوبات في تطوير برنامجها النووي وزيادة مستويات التخصيب، دون اكتراث بالتقارير السلبية لوكالة الطاقة الذرية التي اتهمتها مرارًا بعدم الشفافية وبالسعي لتطوير سلاح نووي.

ومن ضمن المقترحات الإيرانية الأخيرة للترويكا الأوروبية كان تخفيض التخصيب من 60% إلى 20%، وهو إقرار غير مباشر بامتلاكها اليورانيوم المخصّب بنسبة عالية يكفي لصنع سلاح نووي، واعتراف بتجاوزها حدود التزاماتها مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

إسرائيل ترحّب وتستعد للحرب

في تل أبيب، يُنظر إلى هذه الخطوة الأوروبية كاعتراف بالخطأ في تقدير النوايا الإيرانية، وتناغم كامل مع الرؤية الأمريكية – الإسرائيلية في ضرورة تضييق الخناق على طهران.

وتعتبر مصادر إعلامية إسرائيلية قريبة من رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أنّ الموقف الأوروبي يشكل تصعيدًا ضدّ إيران على مستويات عديدة: التصنيع النووي، والتسليح الصاروخي البالستي، والتمدد الإقليمي.

ويرى الخبراء العسكريون أنّ تفعيل آلية الزناد يعيد أجواء الصدام الإيراني – الإسرائيلي لِما قبل 2015، لكن وسط ظروف إقليمية ودولية جديدة تميل لصالح إسرائيل، مثل تراجع حزب الله في لبنان، وانحسار الميليشيات الشيعية العراقية، وتعرُّض الحوثيين لضربات إسرائيلية قاسية، إضافة إلى الموقف الروسي – الصيني غير الحاسم، والانكفاء التركي.

ويُجمع المراقبون على أنّ نتنياهو لن يتوقف قبل استكمال "الحلقة الثانية" من الضربات العسكرية ضدّ إيران، مدفوعًا باعتبارات داخلية وخارجية، بينها استباق الاستحقاق الانتخابي الأمريكي عام 2026، وتفادي استئناف محاكماته في الداخل الإسرائيلي بفضل وضعية الحرب والطوارئ.

وضعية حرجة لإيران

في المقابل، تدرك طهران أنّ تفعيل آلية الزناد يمثل نهاية المهلة التي منحها لها الرئيس الأمريكي الأسبق باراك أوباما لبناء الثقة مع المجتمع الدولي.

وتشير مصادر سياسية مقربة من طهران إلى أنّ إيران لم تواجه وضعًا أصعب منذ الثورة عام 1979 سوى خلال الحرب العراقية – الإيرانية (1980-1988).

ومن المتوقع أن تلجأ إيران إلى تحركات دبلوماسية واقتصادية للتخفيف من آثار العقوبات، مثل اتفاقها مع روسيا لبناء 4 محطات نووية بقيمة 25 مليار دولار، وتعزيز شراكاتها مع الصين ودول "البريكس" وأمريكا الجنوبية.

ومع أنّ الموقفين الروسي والصيني الرافضين لآلية الزناد وفّرا لطهران متنفسًا، إلا أنّ القلق الإيراني من التداعيات الأوروبية لا يزال قائمًا.

ويرى الخبراء أنّ طهران أمام سيناريوهين: إمّا الدخول في حوار مباشر مع واشنطن والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتجنب التصعيد العسكري الإسرائيلي، وإمّا الاستعداد لجولة جديدة من الحرب مع إسرائيل، تبدو وشيكة في ضوء التطورات الراهنة.

 

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC