مقتل 8 أشخاص بغارات أمريكية على 3 مراكب في شرق المحيط الهادئ
طارق رحمن؛ إذا كان غائبا بجسده خلال السنوات الماضية وحاضرا في تأثيره، فإن الأمر قد يتغير خلال الفترة القادمة؛ لأن الرجل سيقفز من الظل ليطرق باب الواجهة السياسية في بنغلاديش.
ومن المنتظر أن يتنازل سليل العائلة السياسية، عن "منفاه الاختياري" خلال قادم الأيام، ليس لفعل شيء جديد، بل لممارسة السياسة التي خبرها منذ نعومة أظفاره في بلده بنغلاديش.
وأعلن حزب بنغلاديش الوطني الجمعة أن طارق رحمن، نجل زعيمة الحزب ورئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء، سيعود إلى بلاده في وقت لاحق من هذا الشهر بعد أن قضى 17 عاما في المنفى ببريطانيا.. فمن هو؟
ويعيش رحمن البالغ 60 عاما في لندن منذ عام 2008، بعد فراره، على حد قوله، من الاضطهاد السياسي في عهد رئيسة الوزراء السابقة الشيخة حسينة.
ويعد رحمن وريث الحزب الوطني البنغلاديشي الذي تتزعمه والدته المريضة ورئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء البالغة 80 عاما.
وصرح رحمن، الذي يعد من المرشحين البارزين لتولي منصب رئيس الوزراء، أنه سيخوض الانتخابات العامة المقرر إجراؤها في 12 فبراير/شباط العام المقبل.
يعد رحمن إحدى أكثر الشخصيات إثارة للجدل في المشهد السياسي في بنغلاديش، ليس فقط بصفته نجل رئيسة الوزراء السابقة خالدة ضياء، بل لدوره المحوري داخل الحزب القومي البنغالي، حيث يُنظر إليه بوصفه العقل التنظيمي والسياسي للحزب خلال العقدين الأخيرين، وأيضا لملاحقته قضائيا في وقت سابق.
وُلد طارق رحمن في ستينيات القرن الماضي، ونشأ في كنف عائلة سياسية بارزة؛ إذ تُعد والدته خالدة ضياء إحدى أبرز الزعامات السياسية في تاريخ بنغلاديش الحديث، فيما ارتبط اسم والده، ضياء الرحمن، مؤسس الحزب القومي البنغالي، بإرث عسكري وسياسي ما زال حاضرًا بقوة في الذاكرة الوطنية.
وبرز اسم طارق بقوة مطلع الألفية، عندما شغل منصب السكرتير العام المشترك للحزب القومي البنغالي خلال فترة حكم والدته بين عامي 2001 و2006.
خلال تلك المرحلة، توسّع نفوذه داخل مؤسسات الحزب، حتى بات يُنظر إليه باعتباره "الرجل الثاني" في السلطة، وصاحب القرار غير المعلن في كثير من الملفات السياسية والأمنية.
واستند نفوذ طارق إلى شبكة واسعة من العلاقات داخل الحزب، وإلى دوره في إعادة هيكلة التنظيم، خاصة في الأقاليم؛ ما منحه قاعدة دعم صلبة داخل الصفوف الحزبية، رغم الانتقادات المتزايدة بشأن تداخل النفوذ العائلي مع العمل السياسي.
غير أن مسيرته السياسية اصطدمت بسلسلة من القضايا القانونية، أبرزها اتهامات بالفساد واستغلال النفوذ، إلى جانب إدانته في قضية هجوم بالقنابل عام 2004 استهدف تجمعا لحزب رابطة عوامي الحاكم حاليا.
وأدت هذه القضايا إلى صدور أحكام بحقه، دفعت به إلى مغادرة البلاد والاستقرار في المملكة المتحدة، حيث يعيش منذ سنوات في "المنفى الاختياري".
وتُعد هذه الملفات القضائية محورا دائما للصراع بين الحزب القومي البنغالي والحكومة؛ إذ تصفها قيادة الحزب بأنها "ملاحقات ذات دوافع سياسية"، في حين تؤكد السلطات أنها أحكام صادرة عن القضاء.
ورغم غيابه الجسدي عن بنغلاديش، لم يتراجع دور طارق رحمن داخل الحزب. فمن لندن، يواصل الإشراف على الاستراتيجيات السياسية للحزب القومي البنغالي، ويُنظر إليه اليوم بوصفه الزعيم الفعلي للحزب في ظل تراجع الحالة الصحية لوالدته.
ويحافظ طارق على تواصل دائم مع القيادات الحزبية؛ إذ يوجه الخطاب السياسي للحزب، ويشرف على الحملات المعارضة ضد حكومة الشيخة حسينة؛ ما يجعله عنصرا رئيسا في معادلة الصراع السياسي البنغالي.
وينقسم الشارع البنغالي حول طارق رحمن بين من يراه وريثا سياسيا طبيعيا لعائلة لعبت دورا محوريا في تأسيس الدولة الحديثة، ومن يعتبره رمزا لحقبة من الفساد والمحسوبية.
وبين هذا وذاك، يبقى طارق رحمن لاعبا لا يمكن تجاوزه في السياسة البنغالية، سواء عاد إلى البلاد أم واصل إدارة المشهد من الخارج.
وفي ظل التحولات السياسية المتسارعة في بنغلاديش، يظل مستقبل طارق رحمن مفتوحا على احتمالات متعددة، بين عودة محتملة تعيد خلط الأوراق، أو استمرار دور "زعيم الظل" الذي يدير حزبه من المنفى، بانتظار لحظة الحسم.