أعلنت الولايات المتحدة خطةً عاجلة لإنقاذ الاقتصاد الأرجنتي، حيث أبدى ترامب استعداده لفعل كلّ ما يلزم لدعم اقتصاد بوينس آيرس المتأزم، وتقديم مساعدة لرئيس البلاد المثير للجدل، خافيير ميلي، قبل الانتخابات التشريعية الشهر المقبل، غير أن هذه المساعي ليست دعما ماليا بقدر ما هي رهان سياسي لترامب على بقاء حليفه الشعبوي ميلِي كحصن ضد الصين في أميركا اللاتينية.
ونقلت "نيويورك تايمز"، أن وزير الخزانة الأمريكي سكوت بيسنت أكد استعداد بلاده لتقديم قروض للبنك المركزي الأرجنتيني، وشراء العملة المحلية، وشراء ديون الحكومة الأرجنتينية المقومة بالدولار الأمريكي من صندوق استقرار الخزانة للحفاظ على استقرار الاقتصاد.
تراجعت قيمة البيزو الأرجنتيني في الأسابيع الأخيرة وسط مخاوف من تماسك الرئيس ميلي السياسي، ويصف ميلي نفسه بالليبرتاري الراديكالي، ومنذ توليه الرئاسة أواخر 2023، أدخل سياسات لخفض الإنفاق الحكومي وتقليل الدعم لتقليص العجز المالي والسيطرة على التضخم.
إلَّا أن الرئيس واجه عدة انتكاسات، منها هزيمة مزدوجة في الانتخابات الإقليمية، وفضيحة فساد مرتبطة بعقود طبية تخص شقيقته كارينا ميلي، بالإضافة إلى ثلاثة تصويتات في البرلمان ألغت قراراته الرئاسية وأعادت التمويل للصحة العامة والتعليم.
ومع تخفيف ميلي القيود على العملة المحلية في وقت سابق من هذا العام، اضطر البنك المركزي الأرجنتيني لبيع احتياطيات كبيرة من العملات الأجنبية لدعم البيزو، حيث أنفق أكثر من مليار دولار الأسبوع الماضي للحفاظ على سعر الصرف تحت سقف اتفاق الـ20 مليار دولار مع صندوق النقد الدولي.
وتواجه الأرجنتين نحو 10 مليارات دولار مستحقة الدفع لصندوق النقد في النصف الأول من 2026، وهو ما يمثل نحو 35% من إجمالي الدعم العالمي البالغ حوالي 164 مليار دولار.
رحب المستثمرون، بما في ذلك مدراء صناديق كبار في الولايات المتحدة، بإعلان بيسنت؛ ما أدى إلى ارتفاع أسعار السندات الأرجنتينية بالدولار وانخفاض العوائد على سندات الحكومة الأمريكية لمدة 10 سنوات من أكثر من 17% إلى حوالي 15%، كما ارتفع البيزو بنحو 2% مقابل الدولار.
على الرغم من التفاؤل، قال بعض المستثمرين إنهم بحاجة لمزيد من التفاصيل حول نوع الدعم الذي ستقدمه الولايات المتحدة عمليا، وما الشروط المترتبة عليه.
وأوضح بيسنت أن الرئيس ترامب سيجتمع مع ميلي في نيويورك يوم الثلاثاء، مؤكداً أن "فرص الاستثمار الخاص لا تزال واسعة، والأرجنتين ستعود عظيمة مجددا".
ورد ميلي عبر منصات التواصل الاجتماعي بشكر بيسنت وترامب على دعمهما "غير المشروط"، مضيفًا: "أولئك الذين يدافعون عن أفكار الحرية يجب أن يعملوا معا من أجل رفاه شعوبنا".
في نهاية المطاف، يرى مراقبون أن مصير الاقتصاد الأرجنتيني يظلُّ مرتبطا ارتباطا وثيقا بالسياسة الأمريكية، حيث تلعب إدارة ترامب دورا حاسما في تحديد مدى استقرار البيزو وثقة الأسواق، وبينما يسعى ميلي للحفاظ على مكتسباته الاقتصادية والسياسية، يبقى السؤال مطروحا: هل الدعم الأمريكي كفيل بضمان بقاء الأرجنتين واقفة على قدميها، أم أن المخاطر المتراكمة قد تفرض تحولات غير متوقعة قبل انتخابات أكتوبر؟