كشف تقرير حديث أن قمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين المزمعة قريبًا في بودابست، شكلت ضربة موجعة للاتحاد الأوروبي، بينما وفرت فرصة ذهبية لرئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان لتعزيز مكانته على الصعيدين المحلي والدولي.
وأعلنت الإدارة الأمريكية أن ترامب سيجتمع مع بوتين في العاصمة الهنغارية لمناقشة الأزمة الأوكرانية؛ ما أثار استياءً واسعًا في أوروبا، واعتبره مراقبون صفعة سياسية للاتحاد الأوروبي، الذي شعر بالتهميش في قلب المحادثات حول السلام الدولي.
من جانبه، بدا أوربان وكأنه "القط الذي حصل على الكريمة"، مستفيدًا من علاقته الطويلة بالتيار المحافظ الأمريكي، ومن ولائه الواضح لترامب منذ فوزه بانتخابات 2016؛ فقد ظل أوربان متماسكًا خلال فترة غياب ترامب عن البيت الأبيض، وواصل بناء شبكة من الدعم داخل المجتمع المحافظ الأمريكي، حتى أصبح "المرشد الأوروبي" للسياسات الموالية للـMAGA.
وبحسب مصادر فإن أوربان، المعروف بتحديه المستمر للاتحاد الأوروبي، لطالما صرح بمعارضته لانضمام أوكرانيا إلى التكتل الأوروبي، ووجه انتقادات حادة للقيود الغربية على روسيا، متمسكًا بمواقفه من أقلية المجر في أوكرانيا، وما زال مصممًا على حماية مصالح بلاده عبر استراتيجيات فردية رغم العقوبات الأوروبية.
ويرى الخبراء أن اختيار بودابست لاستضافة القمة منَح أوربان منصة عالمية، بينما أضعف نفوذ الكتلة الأوروبية في المفاوضات؛ ففي الوقت الذي يواجه فيه التكتل تحديات في تنسيق سياساته حول أوكرانيا، احتفظت المجر بموقعها المحوري، متحديةً الأعراف الدبلوماسية التقليدية، ومظهرةً قدرة الدول الصغيرة على التأثير في الصراعات الكبرى لدى استفادتها من ولائها للقوى العظمى.
أما ترامب، من جهته، استخدم هذه القمة لإظهار حدة موقفه تجاه الاتحاد الأوروبي، مؤكدًا أن مصالح الولايات المتحدة هي الأهم، وأنه لن يلتزم بالمعايير التقليدية للتكتل، وهو ما أدى إلى إحراج بروكسل أمام العالم.
كما سلّطت القمة الضوء على مدى اعتماد ترامب على الشخصيات الموالية له في الخارج لتعزيز سياساته الدولية، حيث كرّم أوربان صراحةً على دعمه للتيار المحافظ في الولايات المتحدة، وأكد للجمهور العالمي أن الولاء للـMAGA يحقق نتائج ملموسة على المسرح الدولي.
وفي الوقت نفسه، كشف الحدث عن تصدع صورة الاتحاد الأوروبي كجهة موحدة في مواجهة الأزمات العالمية؛ خصوصًا أن بعض الدول الأعضاء مثل المجر باتت قادرةً على تحدي التكتل، وتحويل النزاعات الدولية إلى أدوات لتقوية مكانتها الداخلية والخارجية.
وفي نهاية المطاف، جاءت قمة بودابست لتوضح أن أوروبا، رغم كونها لاعبًا رئيسًا في السياسة الدولية، إلَّا أنها يمكن أن تُهمش بسهولة أمام صعود دول أصغر تستفيد من ولائها لقوى كبرى مثل الولايات المتحدة وروسيا، وأصبحت بودابست رمزًا للقوة الاستراتيجية للمجر، ونموذجًا لكيفية تحويل الولاء السياسي إلى نفوذ عالمي ملموس.