الكرملين: مشاركة الأوروبيين في مفاوضات أوكرانيا "لا تبشّر بالخير"

logo
العالم
خاص

من تايوان إلى فنزويلا.. صراع الكاريبي يكشف "صفقات خلفية" بين واشنطن وبكين

دونالد ترامب والرئيس الصيني شي جين بينغالمصدر: رويترز

مع تصاعد الصراع في البحر الكاريبي بالتحشيد العسكري الأمريكي تجاه فنزويلا، وفي ظل تصاعد الوجود الصيني في هذه المنطقة وقلق الولايات المتحدة منه، أصبحت التساؤلات قائمة حول مدى خروج معادلة في العلاقات الدولية بين واشنطن وبكين، تحمل مقايضة فنزويلا بتايوان، وذلك بالتزامن مع مستجدات تعامل جديدة قامت بها الولايات المتحدة مؤخراً بالموافقة على بيع قطع غيار طائرات مقاتلة لتايوان مقابل 330 مليون دولار.

ويقول مصدر مطلع في بكين لـ"إرم نيوز"، إنه في خضم التوترات المتصاعدة بين واشنطن وبكين تعود إلى الواجهة تساؤلات حول طبيعة الملفات التي قد تدخل في حسابات النفوذ بين القوتين، وما إذا كانت دول بعيدة جغرافياً مثل فنزويلا ستصبح أوراق تفاوض في ملفات حساسة، منها تايوان.

أخبار ذات علاقة

 المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان

"انتهاك خطير".. الصين تندد بموافقة أمريكا على صفقة أسلحة لتايوان

وأضاف المصدر أنه مع الصفقة العسكرية من واشنطن إلى تايبيه، بات هناك نوع من المحاولة لربط قضية فنزويلا بتايوان بأفعال تشبه المقايضة، لكنها ليست كذلك، على الرغم من أنها تبدو كذلك في الظاهر.

وفسر المصدر ذلك بأن بكين تعتبر تايوان قضية وجودية وجزءاً من أراضيها، وهذا الأمر غير قابل للنقاش، في حين تظهر فنزويلا للصين كموطئ قدم مهم في نصف الكرة الغربي، لكنها تظل ضمن هامش أدوات النفوذ، لا في قلب أولوياتها. ومع ذلك، لا يتردد داخل الدوائر الصينية القول إن الحضور في كراكاس مهم للغاية لأنه يبعث القلق لدى واشنطن التي تنظر إلى أمريكا اللاتينية باعتبارها مجالاً حيوياً لمصالحها.

الوحدة الترابية خط أحمر

وأكد المصدر أنه بالنسبة لبكين، فإن الوحدة الترابية خط أحمر، ولا تقبل أن تجعل منها نوعاً من الضغط للمقايضة أو المساومة. أما الولايات المتحدة، وفي ظل رغبتها بإعادة تشكيل المشهد الفنزويلي بما يخدم مصالحها، فهي أيضاً لن تقدّم أي تنازلات لملف تعتبره محورياً لها في آسيا، في إشارة إلى تايوان.

يأتي ذلك في وقت أوضح دبلوماسي أمريكي محسوب على الحزب الديمقراطي أن ترامب يواجه في الفترة الحالية "أوراقاً مبعثرة" تتعلق بقراره نحو كراكاس، أهمها المخاوف من أن يقدم للصين من خلال فنزويلا "ورقة مقايضة" مستقبلية تضعها مقابل تايوان في حال القيام بعملية عسكرية ضد نظام نيكولاس مادورو، وهو ما يأتي بتمركز عسكري صيني بالبحر الكاريبي على المدى القريب.

منحة ترامب لبكين

وأوضح الدبلوماسي الأمريكي في تصريح، أن تحويل فنزويلا لساحة حرب سيجعلها مفتوحة دولياً للدعم التسليحي الصيني، وينتج عنه حضور خبراء صينيين بشكل رسمي، وسيعطي التداعيات والمسارات لتواجد فعال متمركز للسلاح الصيني في الكاريبي، وهو ما سيعتبر "منحة" قدمها حينئذ ترامب لبكين.

وأفاد الدبلوماسي الأمريكي لـ"إرم نيوز" أن "هناك خلافات حادة داخل الإدارة الجمهورية حول أي عملية عسكرية محتملة داخل فنزويلا؛ إذ يخشى البعض أن تمنح مثل هذه الخطوة الصين فرصة لمقايضة الدور الأمريكي في تايوان مقابل تقديم دعم عسكري مباشر لكراكاس، بما قد يفضي إلى تمركز السلاح الصيني على أرض ثابتة في الكاريبي، في تطوّر يُعدّ تحوّلاً استراتيجياً يهدد المجال الحيوي للولايات المتحدة".

العقدة الأبرز

وفي هذا السياق، يصف الباحث في العلاقات الدولية، الدكتور محمد بايرام، تايوان بـ"العقدة" الأبرز بين واشنطن وبكين حالياً، حيث إنها الجزيرة التي تحوّلت إلى مركز عالمي لصناعة الرقائق الإلكترونية، وتمثل للصين جزءاً لا يتجزأ من سيادتها الوطنية، وفي الوقت ذاته تعتبر واشنطن جزءاً أساسياً من استراتيجيتها في آسيا والمحيط الهادئ.

ويرى بايرام لـ"إرم نيوز" أن أي تغير في وضع جزيرة تايوان سيترك تأثيراً على النظام الدولي، وفي المقابل تحتفظ فنزويلا بموقع مختلف، بفضل احتياطها النفطي الهائل، لتصبح ملاذاً مهماً للاستثمارات الصينية، أما الولايات المتحدة فهي تتعامل مع الوضع الفنزويلي على أنه اختبار لكبح تمدد النفوذ الصيني في الحديقة الخلفية لها.

حسابات ثلاثية

وبين بايرام أن هناك حسابات ثلاثية بين واشنطن وبكين وكراكاس، يمكن شرحه في أن الصين، رغم سعيها لترسيخ حضورها في أمريكا اللاتينية، إلا أنه غير وارد الدخول في أي مقايضة تتعلق بتايوان، في حين أن فنزويلا تستهدف توظيف تناقضات القوى الكبرى، وترى في الصراع الأمريكي الصيني فرصة لتأمين دعمها اقتصادياً وسياسياً، وتنظر إلى ذلك على أنه نافذة لزيادة هامش الحركة في مواجهة العقوبات، خاصة القادمة من الولايات المتحدة.

وعن مدى إمكانية الحديث عن شبه مقايضة بالنسبة للصين، أشار بايرام إلى أن الملفات السيادية بالنسبة للدول الكبرى لا تدخل ضمن صفقات، ولكن يمكن توظيف فنزويلا من جانب بكين كأداة ضغط، أما تحويلها إلى ورقة مقايضة مقابل تنازلات مقابل مصالحها وحضورها في كراكاس فهو مستبعد، ليس فقط بسبب اختلاف الوزن الاستراتيجي، بل بسبب تعقيد المشهد الفنزويلي وتعدد أطرافه من الصين إلى روسيا وصولاً إلى الولايات المتحدة.

الصفقات الخلفية

وذكر الباحث في العلاقات الدولية أن الحضور الصيني المتصاعد في فنزويلا يمثل مشهداً مقلقاً لواشنطن، وفي المقابل يدرك صانعو القرار في الولايات المتحدة أن أي تراجع في التزامهم تجاه تايوان سيفتح الباب أمام تحولات جيوسياسية عميقة في آسيا، لافتاً إلى أن كراكاس ستبقى جزءاً من لعبة النفوذ لكن ليس أكثر من ذلك، فيما تبقى تايوان نقطة التماس بين أكبر قوتين في العالم.

واستطرد بالقول إن الولايات المتحدة قررت مؤخراً دعم تايوان بقطع تبديل عسكرية، مما أثار سخط بكين التي اعتبرت أن هذا التصرف نوع من الضغط السياسي، لذلك فإنه رغم عدم الترابط بين الملفين، فإن الحديث عن مقايضة فنزويلا بتايوان يظل أقرب إلى الصفقات الخلفية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC