أثارت تصريحات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستعداد موسكو لتطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة والدول الغربية الأخرى، دون المساس بمصالح بلاده، الكثير من التساؤلات.
وتساءل مراقبون حول سيناريوهات العلاقات المتبادلة في خضم الصراع الأوكراني وتأثيرها على مسار الحرب بالتجميد أو باتفاق سلام.
بوتين قال عن إمكانية تطبيع العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة، إنه من الممكن أن نفعل كل شيء بناء على الرغبة، خاصة أن أي شيء يتغير في العلاقات الدولية، والمصالح فقط تبقى ثابتة، وفي هذه الحالة مصالح روسيا وشعبها.
وأضاف الرئيس الروسي: "إذا رأينا أن الوضع يتغير بطريقة تجعل هناك فرصا وآفاقا لبناء علاقات مع دول أخرى، فنحن على استعداد لذلك، إنها ليست مسألة تتعلق بنا بل هي مسألة تتعلق بهم، ولكن يجب أن يكون هذا دون المساس بمصالح الاتحاد الروسي.
وعن دلالات تصريح الرئيس الروسي، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الأمريكية، الدكتور توفيق حميد، إن تصريح بوتين سيؤثر قطعاً في الحرب الأوكرانية؛ لأن الإعلان عن ذلك في هذا التوقيت سيعود على روسيا بالنفع فيما يتعلق بفتح المجال أمام التبادل التجاري وإسقاط العقوبات المفروضة على روسيا.
وتابع في تصريحات لـ"إرم نيوز": "بوتين يستهدف جذب الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب نحو إظهار تحقيق انتصار دبلوماسي أمام العالم، بالإضافة للداخل الأمريكي".
وأوضح: "يقدم ترامب أنه رجل السلام وقادر على حل المشكلات التي استمرت لسنوات مع روسيا واستطاع في لحظة إنهاء تلك الأزمات، بل إن بوتين أصبح صديقه ومستعدا للتطبيع، وبالتالي يبدأ في إنهاء العقوبات بما يسمح للشركات الأمريكية بالعمل في روسيا؛ مما سيحقق فائدة اقتصادية للشركات الأمريكية".
وذكر المحلل السياسي أنه حال عودة العلاقات الأمريكية الروسية فإنه سوف يتم إنهاء الحرب وبشكل يرضي روسيا وسيطرتها على الأراضي التي ضمتها في الشرق الأوكراني.
وأكد أن بوتين سوف يعقد صفقة نفعية اقتصادية مع ترامب للتنازل عن بعض الأشياء والاتفاق على أشياء أخرى بحيث تضمن الصفقة بيع الغاز الروسي والأمريكي لأوروبا بعيداً عن المضاربات.
وأشار إلى أنه يعتقد أن ترامب سوف يتقبل مبدأ "تقسيم الكعكة" مع روسيا في صفقات الغاز لمصلحة الطرفين، كما أن ذلك قد يسمح له بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية الأمر الذي يعد انتصارا كبيرًا له، فضلاً عن إعادة الاقتصاد الأمريكي إلى وضع أفضل لتحقيق معدلات النمو.
وحول تأثير التقارب الأمريكي الروسي على الجانب الأوكراني، أكد حميد أن ذلك الأمر سيضع الرئيس الأوكراني فلودومير زيلينسكي في موقف بالغ الصعوبة؛ لأن رغبة الولايات المتحدة الأمريكية في إنهاء الحرب أصبحت واضحة.
وأضاف: هناك إمكانية لمنع المساعدات الأمريكية عن أوكرانيا فور مجيء ترامب إلى السلطة في الوقت الذي يعلن فيه الرئيس بوتين إمكانية تطبيع العلاقات، فيكون من الصعب أن يلعب زيلينسكي على العداء التاريخي بين روسيا وأمريكا.
وخلص الخبير في الشؤون الأمريكية إلى أن كل المعطيات تدل على إنهاء الحرب الأوكرانية مع مجيء دونالد ترامب لسدة الحكم، الأمر الذي يمثل خطورة على المصالح الأوكرانية.
وأكد أنه وفقا للصفقات الأمريكية الروسية؛ فإن روسيا ستحقق المصالح الأمريكية مقابل سيطرة روسيا على جزء من الأراضي والثروات الأوكرانية بالتنسيق مع الجانب الأمريكي، بحيث تحصل الولايات المتحدة على جزء من الثروات الأوكرانية التي ستسيطر عليها روسيا.
وأشار إلى أن هذ الأمر يعد بداية النهاية للحرب الأوكرانية والصراع الروسي الأوكراني، ويمكن أن تتطور الأمور لتكون ضد مصالح الاتحاد الأوروبي.
ومن جانبه، قال المحلل السياسي الخبير في الشؤون الروسية، الدكتور محمود الأفندي، إن توتر العلاقات في بداية الأمر بين روسيا والولايات المتحدة الأمريكية، وقطع العلاقات كان من الطرف الأمريكي بالأساس.
وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز": "دعت الدول الأخرى خاصة الغربية لعزل روسيا سياسيًّا، وهو نوع من الحرب الهجينة التي تقوم على عزل روسيا سياسيًّا وحصارها اقتصاديًّا مع دعم عسكري كبير لأوكرانيا".
وأوضح أن الهدف من ذلك كان إشعال انتفاضة داخل روسيا ضد الرئيس بوتين والثورة ضده لإجبار الرئيس بوتين على الانسحاب من أوكرانيا.
وذكر أن عودة العلاقات بين روسيا والولايات المتحدة وإعلان الرئيس بوتين استعداده لتطبيعها يحمل إشارات إيجابية كبيرة سوف تؤثر على نتيجة الحرب الروسية الأوكرانية بإضعاف أوكرانيا رغم كثرة الدعم الغربي.
وقال الأفندي، إن أهم شيء في عودة العلاقات هو إضعاف أوكرانيا وتفوق روسيا في الحرب ومنع الوصول إلى الحرب العالمية الثالثة؛ لأن كل خطوط الاتصال بين روسيا والولايات المتحدة انقطعت بشكل كامل.