ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
على الرغم من موقعها الجغرافي الاستراتيجي، وتراثها الثقافي الغني، ومواردها الطبيعية غير المستغلة، أصبحت منطقة دول القرن الأفريقي رمزًا للخلل الاقتصادي في الجنوب العالمي.
وتعاني المنطقة من أزمات متشابكة تشمل عدم الاستقرار السياسي، والتفتت الداخلي، وتغير المناخ، وانعدام الأمن الغذائي، وضعف البنية التحتية، والحوكمة الهشة، والتنافسات الجيوسياسية.
ولم تقتصر هذه التحديات على إعاقة النمو الاقتصادي فحسب، بل أسهمت في استمرار دوامة الفقر والكوارث الإنسانية، مؤثرة على حياة الملايين.
يُعد عدم الاستقرار السياسي أبرز المعوقات الاقتصادية، خاصة في إثيوبيا والصومال. ففي إثيوبيا، أدت صراعات تيغراي وأمهرة وجيش تحرير أورومو إلى تدمير البنية التحتية وتعطيل التجارة واستنزاف الموارد المالية.
وفي الصومال، أدت سيطرة أمراء الحرب والجماعات المتطرفة إلى اقتصاد غير رسمي، مع تآكل ثقة المستثمرين وتحويل التركيز الحكومي إلى البقاء على المدى القصير.
وتضاف إلى ذلك تأثيرات تغير المناخ، إذ تواجه المنطقة موجات جفاف متكررة وفيضانات دورية، ما يهدد الزراعة التي يعتمد عليها غالبية السكان.
زبين 2020 و2023، تسبّب الجفاف في فقدان ملايين الرعاة لمحاصيلهم وقطعانهم، ما دفع الحكومات والوكالات الدولية إلى التدخل الطارئ، مؤديًا إلى تحويل الموارد بعيدًا عن التنمية طويلة الأمد.
كما أدى التدهور البيئي إلى النزاعات على الموارد بين الطوائف، وزيادة الاعتماد على المساعدات الإنسانية، ما يكرّس الفقر الهيكلي ويضعف الأسواق المحلية.
يُعد نقص البنية التحتية الأساسية أحد أهم العوائق للنمو الاقتصادي، مع طرق وموانئ وكهرباء واتصالات متخلفة أو مهترئة، ما يحد من التجارة الداخلية والاندماج الإقليمي.
وتحاول مشاريع مثل مبادرة الحزام والطريق الصينية وPIDA تحسين الوضع، لكن عدم الاستقرار والفساد يعيقان الإنجاز.
تضاف إلى ذلك تحديات الحوكمة، مع انتشار الفساد وضعف المؤسسات. في الصومال، يختلس أصحاب النفوذ المحليون إيرادات الموانئ والمطارات، بينما تمنع السياسات الاستبدادية في دول مثل إريتريا الابتكار وريادة الأعمال.
كما تواجه المنطقة اختلالات تجارية متجذرة، إذ تصدر غالبية الدول خامات منخفضة القيمة وتستورد منتجات عالية القيمة، ما يخلق عجزًا مزمنًا ويزيد الاعتماد على التحويلات والمساعدات الأجنبية.
مشكلة أخرى حرجة هي البطالة بين الشباب، إذ يُشكل الشباب الغالبية في السكان، ويواجهون نقص فرص العمل والتعليم، ما يدفع البعض للهجرة غير القانونية أو الانضمام للجماعات المسلحة.
وأخيرًا، تزيد التوترات الجيوسياسية والإقليمية، مع وجود قواعد ونفوذ أجنبي في المنطقة، من تعقيد المشهد الاقتصادي، حيث غالبًا ما تُقوّض هذه الاستثمارات التنمية الشاملة وتزيد من هيمنة النخبة أو التفاوت الإقليمي.
تعكس الأزمات الاقتصادية في القرن الأفريقي شبكة معقدة من التحديات السياسية والبيئية والهيكلية والجيوسياسية.
ولتحقيق تحوّل اقتصادي حقيقي، يجب التركيز على السلام والاستقرار، المرونة المناخية، الإصلاح المؤسسي والحوكمة الرشيدة، والتعاون الإقليمي.
كما يجب الاستثمار في الشباب عبر التعليم والصحة وريادة الأعمال، لاستثمار الفرصة الديموغرافية بدلاً من أن تكون عبئًا.
ورغم أن الطريق نحو التنمية لن يكون سهلاً أو سريعًا، فإن الالتزام المستدام والسياسات الشاملة والشراكات الدولية المسؤولة يمكن أن يفتح أبواب مستقبل أكثر استقرارًا وازدهارًا لدول القرن الأفريقي.