رئيس الموساد يعتبر أن على إسرائيل "ضمان" عدم استئناف إيران لبرنامجها النووي
في خطوة دراماتيكية تعكس أزمة أعمق في القدرة الصناعية البحرية للولايات المتحدة، أعلنت البحرية الأمريكية إلغاء برنامج فرقاطات "كونستليشن" البالغة قيمته 22 مليار دولار، بعد سنوات من التأخير وتضخم التكاليف ومشكلات فنية متراكمة.
البرنامج الذي كان من المقرر أن يقدم ما يصل إلى 20 سفينة من فئة FFG-62، أصبح رمزًا لفشل منهجي في تصميم وبناء مقاتلات السطح الجديدة.
أكد وزير البحرية جون فيلان في 24 نوفمبر أن القرار جزء من "تحول استراتيجي" يهدف إلى إعادة توجيه الموارد نحو مشاريع أكثر قابلية للتنفيذ.
وقال: "لن أنفق دولارًا واحدًا لا يعزز جاهزيتنا"، مشيرًا إلى أن البحرية توصلت مع شركات بناء السفن إلى اتفاق ينهي بناء أربع سفن لم يبدأ العمل فيها أصلًا، مع استمرار بناء أول سفينتين فقط، "Constellation" و"Congress".
المشكلة بدأت مع التعديلات الأمريكية الثقيلة على تصميم الفرقاطة الإيطالية FREMM، والتي ضاعفت تعقيد المشروع. فبحسب وثائق رسمية، لم يُستكمل سوى 10-12% من بناء السفينة الرئيسية، رغم أن العمل بدأ قبل اكتمال التصميم النهائي.
كما كشف مكتب المحاسبة الحكومية عن زيادة وزن غير مخطط لها بنحو 759 طنًا — ارتفاعًا بنسبة 13%، ما يهدد قدرات السفينة التشغيلية ويقلص عمر خدمتها.
وتُظهر الأرقام فجوة صارخة؛ رغم أن الفرقاطة مستوحاة من FREMM، إلا أن نسبة التشابه بين التصميمين لا تتجاوز 15%، مقارنة بالهدف الأصلي البالغ 85%. وهو ما جعل البرنامج يتضخم فنيًا وماليًا بطريقة غير قابلة للإصلاح.
بين "الغطرسة الصناعية" والفشل المتكرر
يأتي إلغاء برنامج "كونستليشن" في وقت تتعرض فيه البحرية الأمريكية لانتقادات واسعة بشأن سجلها في تصميم السفن خلال العقود الثلاثة الماضية.
فقد سبقت هذا الإخفاق حالات مشابهة طالت المدمرة "زوموالت" وسفن السواحل القتالية LCS، ما دفع خبراء إلى وصف الأزمة بأنها منهجية أكثر من كونها حالة فردية.
نيكولاس جيرتين، المسؤول السابق عن المشتريات البحرية، قال سابقًا: "أحيانًا يكون من الأفضل تصميم سفينة جديدة بدلًا من تعديل تصميم قائم".
هذا التوصيف ينطبق بشدة على "كونستليشن"، التي بدأت تُبنى قبل اكتمال تصميمها، في سابقة نادرة تسببت في فوضى تقنية معقدة.
من جانب آخر، يرى محللون أن القرار يعكس "غطرسة في الصناعة الدفاعية الأمريكية"، التي تميل لرفض النماذج الأجنبية رغم نجاحها. البعض اقترح التوجه نحو بدائل، مثل النسخة الكندية من الفرقاطة البريطانية Type-26، إلا أن احتمالات ذلك تبدو ضئيلة سياسيًا.
وفي الوقت الذي تبحث فيه البحرية الأمريكية عن إعادة هيكلة لأسطولها، يسلط معهد البحرية الأمريكية الضوء على حاجة الأسطول إلى 73 سفينة سطحية صغيرة، بدلًا من الاعتماد المفرط على المدمرات الثقيلة والطرادات، ما يعيد النقاش حول دور الفرقاطات في الحروب الحديثة.
تراجع واشنطن وتقدم الصين
يُبرز توقيت الإلغاء فجوة مقلقة بين إيقاع بناء السفن في الولايات المتحدة والصين، التي تضخّم أسطولها بوتيرة غير مسبوقة.
فبينما لم تملك البحرية الأمريكية أي فرقاطات قيد الخدمة التشغيلية، يشغّل الأسطول الصيني نحو 50 فرقاطة حديثة، بينها الفئتان 054A و054B، واللتان تشكلان العمود الفقري للانتشار البحري الصيني في بحري الصين الشرقي والجنوبي.
تقديرات البنتاغون تشير إلى أن الصين قد تمتلك 400 سفينة في الخدمة، فيما توقع مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية أن يصل العدد إلى 425 سفينة بحلول 2030، مقارنة بـ300 سفينة فقط للبحرية الأمريكية.
ورغم التفوق النوعي الأمريكي في أنظمة الأسلحة وتدريب الطواقم، يحذر قادة البحرية من أن "الكمية أصبحت مصدر قلق"، بحسب الأدميرال جيمس كيلبي.
وتكمن أهمية الفرقاطات الصينية في كونها ركيزة لعمليات "الحماية في البحار البعيدة"، ودعم أي تحرك محتمل تجاه تايوان عبر فرض حصار بحري أو حماية القوات البرمائية.
هذا التطور يمنح بكين ميزة عملياتية في المسارح القريبة من سواحلها، بينما تكافح واشنطن لتعويض الفجوة العددية.
ومع دخول البحرية الأمريكية مرحلة مراجعة عميقة لتصميم الأسطول المستقبلي، يبدو أن قرار إسقاط "كونستليشن" ليس النهاية، بل بداية لمرحلة إعادة صياغة كاملة لاستراتيجية القوة البحرية الأمريكية في مواجهة توسع الصين المتواصل.