كشفت شبكة سرية في بروكسل أن نواباً أوروبيين يجنون رواتبهم من القوانين التي يكتبونها، حيث فضحت سجلات رسمية جديدة عن شبكة معقدة من تضارب المصالح داخل البرلمان الأوروبي.
ويحتفظ عشرات النواب بوظائف جانبية مدفوعة الأجر في قطاعات يعملون على تنظيمها وتشريع قوانينها.
ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز"، أن هذه النتائج، التي وُصفت بأنها "ناقوس خطر للشفافية الأوروبية"، أثارت تساؤلات حول نزاهة العملية التشريعية داخل الاتحاد.
وبحسب السجلات الرسمية، هناك 59 نائبًا من أصل 720 يعملون في مجالات تتقاطع مع نشاطهم التشريعي، بينما 8 فقط أعلنوا عن تضارب مصالح محتمل.
وتشير بيانات منظمة الشفافية الدولية إلى أن 202 نائبًا لديهم مصادر دخل إضافية، وأن بعضهم يتقاضى مبالغ تتجاوز 640 ألف يورو سنويًّا بجانب الراتب البرلماني الأساسي البالغ 130 ألف يورو.
من جهته يقول رافاييل كيرغوينو من منظمة الشفافية الدولية، إن "النظام الحالي عاجز عن التعامل مع تضارب المصالح المتزايد داخل البرلمان".
وأظهرت البيانات أن أكثر من 20 نائبًا يشاركون في إعداد تشريعات ترتبط مباشرة بوظائفهم الخاصة دون الإفصاح عن ذلك.
ومن أبرز الحالات، النائب الألماني أكسل فوس من حزب الشعب الأوروبي (EPP)، الذي يقود المفاوضات حول قوانين الخصوصية والذكاء الاصطناعي، بينما يعمل في الوقت نفسه مستشارًا مدفوع الأجر لشركة دويتشه تيليكوم ومحاميًا في مكتب قانوني متخصص في قضايا البيانات، ورغم هذا التداخل، كتب فوس أنه "غير مدرك لأي تضارب مصالح"، فيما أكدت الشركة أن منصبه "استشاري بحت".
وتشير الصحيفة إلى أن فوس واحد من 72 نائبًا يعملون في مؤسسات مدرجة في سجل الشفافية الأوروبي، الذي يضم الكيانات المعنية بممارسة الضغط على مؤسسات الاتحاد، ورغم أن البرلمان يحظر "الضغط المدفوع"، فإنه لا يمنع النواب من العمل لصالح جهات ضغط، ما دام ذلك لا يتعارض رسميًّا مع مهامهم التشريعية.
وبحسب مصادر فإن قطاعات المال والزراعة وتنظيم الأعمال تُعد من أكثر المجالات المتأثرة؛ ففي لجنة الزراعة وحدها، هناك 8 نواب مرتبطون بمصالح مهنية أو مالية في القطاع، ومن بينهم ستيفان كولر، نائب ألماني عن حزب الشعب الأوروبي، يعمل مزارعًا ورئيسًا لاتحاد المزارعين في بافاريا وعضوًا في مجلس إدارة شركة Agrokraft، ويتقاضى 126 ألف يورو سنويًّا من هذه الأنشطة، إلى جانب إشرافه على تشريعات تخص الغابات ونقل الحيوانات.
وفي حالة أخرى، أعلن النائب الروماني غيورغي بيبيريا عن دخل إضافي قدره 641 ألف يورو من عمله كمحامٍ وأستاذ جامعي، رغم أنه معني في البرلمان بملف قوانين الإفلاس الأوروبية، أما النائب الإستوني ريهو تيراس، فيتقاضى 24 ألف يورو سنويًّا من شركة دفاعية، فيما يحصل التشيكي فيليب تورك على 126 ألف يورو كمستشار سيارات أثناء عمله على قوانين تخص المركبات الكهربائية.
ويحذر مراقبون من أنه ورغم الدعوات المتكررة لإصلاح القواعد، فإن محاولات البرلمان فشلت في فرض قيود صارمة على الوظائف الجانبية.
كما وعدت رئيسة البرلمان روبرتا ميتسولا بتعزيز الشفافية، لكن نشطاء يرون أن التغييرات ما تزال شكلية، وحذر كيرغوينو قائلًا: "البرلمان أُتيح له الوقت لتصحيح المسار، لكنه لم يفعل، ولذلك فإن السؤال ليس إن كانت هناك فضيحة جديدة قادمة، بل متى؟".