بحسب روايته، نجح الرئيس دونالد ترامب في "تسوية" ثماني حروب، من قطاع غزة إلى جنوب شرق آسيا، خلال تسعة أشهر من ولايته، لكنه في مكان أقرب بكثير إلى وطنه، وفق صحيفة "واشنطن بوست"، يبدو الآن عازماً على إشعال "التاسعة".
وصعّدت إدارة ترامب في الأسابيع الماضية من أجواء الحرب في الكاريبي، فأرسلت إلى هناك سفناً حربية وطائرات وقوات لمكافحة المخدرات، في حين يرى البعض أن الهدف النهائي هو الإطاحة بالرئيس الفنزويلي، نيكولاس مادورو.
وعندما سُئل عما إذا كان قد فوض وكالة المخابرات المركزية الأمريكية "بالإطاحة" بمادورو، قال ترامب إنه "سؤال سخيف أن أجيب عليه. لكنني أعتقد أن فنزويلا تشعر بالخطر".
وبينما تحدثت تقارير عن أن عمليات نشر القوات الأمريكية وضربات القوارب في الكاريبي كانت بمثابة حرب نفسية لتعزيز الانقسامات في القوات المسلحة الفنزويلية أو إقناع مادورو بالتنحي، إلا أن ترامب لم يقل شيئاً يبدد المخاوف من أن الولايات المتحدة قد تشن عملية عسكرية واسعة النطاق.
بعد إعلان الحرب على تجار المخدرات، وتعيين مادورو "رئيساً" لواحد منهم على الأقل، "لا مجال للعودة إلى الوراء إلا إذا كان الزعيم الفنزويلي خارج السلطة بشكل أساسي"، وفق ما نقلت "واشنطن بوست" عن مصدر أمريكي، لم يكشف عن هويته لمناقشة "قضية حساسة".
و"في نهاية المطاف، إذا كانت لديك السلطة للقضاء على مهربي الكارتل" في البحر، "فيمكنك القضاء على زعيم الكارتل"، كما أكد المصدر.
وفي حين أن التعليمات الدقيقة التي وجهها ترامب لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية سرية للغاية، فإن شخصين مطلعين على الوثيقة التي وقعها وصفاها بأنها تفوض الوكالة باتخاذ إجراءات "عدوانية" ضد الحكومة الفنزويلية وتجار المخدرات المرتبطين بها.
ولا تأمر الوثيقة صراحة وكالة المخابرات المركزية الأمريكية بالإطاحة بمادورو، لكنها تسمح بخطوات من شأنها أن تؤدي إلى هذه النتيجة، حسبما قال أشخاص مطلعون عليها.
ونقلت "واشنطن بوست" عن مصادر مطلعة أن وكالة التجسس عزّزت وجودها في المنطقة، إذ أرسلت أعداداً كبيرة من الموظفين إلى منطقة البحر الكاريبي والمناطق المحيطة بها لجمع معلومات استخباراتية بشرية وإلكترونية. كما أرسل البنتاغون بالفعل قوات عمليات خاصة أمريكية إلى المنطقة، بما في ذلك وحدة مروحيات النخبة.
ووفق جيف رامزي، الخبير في شؤون فنزويلا في المجلس الأطلسي، فإن "الولايات المتحدة تمر بمرحلة تحول، وعلى واشنطن أن تقرر ما تريده".
وبينما وصل ترامب إلى السلطة بحملة لإنهاء الحروب التي لا تنتهي، وجد نفسه الآن يدافع عما قد تكون أطول حرب أمريكية، بحسب رامزي.
وبالنسبة للعديد من المراقبين الخارجيين، بمن في ذلك المشرعون والخبراء الإقليميون، لا يزال من غير الواضح ما إذا كانت تصرفات ترامب حتى الآن جزءاً من استراتيجية سياسية أو عسكرية تهدف إلى الحد من تدفق المخدرات، أو تؤدي إلى الإطاحة بمادورو أو تكون جزءاً من تحول أوسع نحو أمريكا اللاتينية.
وقال توم شانون، الذي شغل عدة مناصب عليا في وزارة الخارجية: "من المؤكد أن الأمور ستزداد سوءاً إذا بدؤوا تنفيذ ضربات برية داخل الأراضي الفنزويلية، خاصة إذا كانت هذه الضربات ذات غرض سياسي".