قال خبراء في الشؤون الأمنية إن تحذير السفارة الأمريكية لمواطنيها بالمغادرة الفورية يعكس وصول الوضع في مالي إلى مرحلة خطيرة وغير مسبوقة، في ظل تدهور الأمن وتصاعد التهديدات الإرهابية.
وتأتي هذه الدعوة بعد أسابيع من حصار متشددين عطل إمدادات الوقود وشل المدارس والخدمات الحيوية، ما جعل العاصمة باماكو تعيش حالة توتر غير قابلة للتوقع.
وقال الباحث الأمني السنغالي المتخصص في شؤون الساحل والصراعات الإرهابية في معهد الدراسات الأمنية (ISS) في داكار الدكتور إبراهيم مايغا، إن دعوة الولايات المتحدة لمواطنيها بالمغادرة "تعكس مستوى غير مسبوق من القلق الدولي تجاه الوضع في مالي".
وأضاف أن "حصار الوقود ليس مجرد أزمة اقتصادية، بل تكتيك عسكري يستخدمه المتشددون لخنق الدولة ومنع الحركة اللوجستية للقوات الحكومية. هذا النوع من الحصار يشير إلى قدرة تنظيمات مسلحة على التحكم بمسارات الإمداد داخل دولة عاصمتها محصّنة عسكريًا".
وأوضح مايغا أن العاصمة باماكو لم تكن تاريخيًا مسرحًا مباشرًا للهجمات، لكن انتقال التهديد إلى محيطها "يعني تحوّلًا خطيرًا في موازين القوة".
بدورها، قالت المتخصصة في أمن غرب إفريقيا في مركز الأبحاث الجنوب إفريقي "أفريكا ريبورت" الدكتورة كاميل فريدمان، لـ"إرم نيوز" إن التحذير الأمريكي سيدفع دولًا أخرى لاتخاذ خطوات مماثلة".
وأضافت: "عندما تطلب واشنطن من رعاياها المغادرة فورًا، فهذا يُقرأ في العواصم الغربية كإنذار مبكر عن احتمال انهيار السيطرة الأمنية أو انزلاق العاصمة إلى الفوضى. الولايات المتحدة لا تصدر مثل هذا التحذير إلا بعد معلومات استخباراتية مؤكدة".
وترى فريدمان أن الأزمة الحالية مرتبطة بضعف الدولة بعد انسحاب القوات الأجنبية، وعودة الجماعات المسلحة لتوسيع نفوذها على طرق التجارة الحيوية، خصوصًا الوقود والمواد الغذائية.
وحثت السفارة الأمريكية في مالي، أمس الثلاثاء، جميع مواطنيها على مغادرة البلاد فورًا عبر الرحلات التجارية، في وقت تواجه فيه مالي منذ أسابيع حصارًا إرهابيًا على الوقود أدى إلى تفاقم الوضع الأمني.
وقالت السفارة في بيان رسمي: "يتعين على المواطنين الأمريكيين الموجودين حاليًا في مالي مغادرة البلاد فورًا عبر رحلات تجارية"، مؤكدة أن "نقص الوقود، وإغلاق المدارس، واستمرار الصراع بين الحكومة المالية وعناصر إرهابية قرب العاصمة باماكو، يزيد من الطابع غير المتوقع للوضع الأمني".
وأوضحت السفارة أن التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد خلال الأسابيع الماضية أسهمت في تعقيد المشهد الأمني ورفع مستوى المخاطر، لا سيما في العاصمة التي تشهد توترًا متناميًا وعمليات عسكرية ضد الجماعات المسلحة.
