لا شيء في الأفق يشير إلى قدرة النواب الجمهوريين والديمقراطيين في مجلس النواب على تجاوز الخلافات القائمة بشأن إقرار حزمة إنفاق حكومي جديدة بنهاية العام الحالي ومطلع العام المقبل.
الديمقراطيون غاضبون من حالة الارتباك التي يعيشها الجمهوريون بشأن موقفهم من الاتفاق الذي تم مناقشته لعدة شهور.
وأخيرًا، تم التوصل إلى مسودة اتفاق شبه نهائية كانت على وشك العرض للمصادقة في المجلس، لكن الخلافات التي ظهرت فجأة أعادت الاتفاق إلى نقطة الصفر.
بات الوقت ضاغطًا على المشرعين للعمل على تضييق الخلافات في الـ 24 ساعة المقبلة لتجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية الذي أصبح وشيكًا في واشنطن.
النواب الجمهوريون والديمقراطيون ألقوا اللوم على وزير تطوير الأداء الحكومي في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترامب، الملياردير إيلون ماسك، لتدمير الاتفاق في لحظاته الأخيرة.
عند استلامه مسودة الاتفاق، وصف ماسك المشروع بأنه "أسوأ مشروع إنفاق حكومي كتب على الإطلاق".
هذا التصريح أثار تساؤلات حول ما إذا كان النواب الجمهوريون سيواجهون واقعًا جديدًا في التعامل مع إدارة ترامب.
وعادةً ما يكون الاعتراض أو الترحيب على مشاريع الإنفاق المقدمة من الكونغرس للرئيس، لكن ظهور ماسك وإعلانه رأيه منفردًا أحدث حالة من الارتباك في الكابيتول.
الرئيس المنتخب دونالد ترامب دعم ماسك في موقفه عبر منصته "تروث سوشال"، ووصف الاتفاق أيضًا بأنه "سيئ"، مطالبًا بتعديلات جديدة تشمل إضافات وتخفيضات يرغب في رؤيتها في المشروع.
من بين مطالبه تمويل حكومي إضافي للمزارعين المتضررين، تمويل إضافي لمتضرري الأعاصير في ولايات الساحل الشرقي، ورفع سقف الدين العام، لكنه يريد هذه التعديلات دون المساس بالمسائل التي تم التوافق عليها مع الديمقراطيين.
هذه التطورات دفعت نائب الرئيس المنتخب "جيدي فانس" للانخراط في سلسلة مشاورات داخل مبنى الكونغرس مع الأطراف المعنية من الجمهوريين والديمقراطيين، بهدف تضييق الخلافات بين جناح ترامب الحكومي: الرئيس ترامب شخصيًا، النواب الجمهوريين، ورئيس مجلس النواب "مايك جونسون".
النواب الجمهوريون، على لسان زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس النواب ستيف سكاليس، أكدوا أنهم سيعملون بكل ما يتطلبه الأمر للسماح للرئيس ترامب ببدء ولايته في ظروف مريحة، عبر إدخال التعديلات التي يرغب فيها على المشروع الأصلي. وأكد سكاليس أن الجمهوريين يتطلعون لأن تكون هذه بداية جيدة لعلاقة المجلس مع الإدارة الجديدة.
في المقابل، يظهر أن الديمقراطيين غير راضين عن الارتباك الذي يشهده معسكرهم المنافس، ليس فقط بسبب الوقت الضيق، ولكن أيضًا بسبب توقيت الحزمة المالية التي تعتبر ضرورية لتأمين موارد الحكومة الفيدرالية في هذا التوقيت، خصوصًا مع موسم الأعياد وإجازات نهاية العام، بالإضافة إلى تأمين ترتيبات مراسم انتقال السلطة في 20 يناير/ كانون الثاني المقبل.
بعد هذه التطورات، يجب على الديمقراطيين والجمهوريين العمل على مدار الساعة للتوصل إلى اتفاق بين الأطراف المختلفة في الكونغرس: النواب الجمهوريين، رئيس المجلس "مايك جونسون"، نواب الأقلية، الوزير ماسك، الرئيس ترامب في الإدارة الانتقالية، بالإضافة إلى إدارة الرئيس بايدن في البيت الأبيض.
يجب التوصل إلى اتفاق عبر التصويت الإيجابي عليه في الغرفتين قبل تحويله إلى البيت الأبيض للمصادقة عليه من قبل الرئيس بايدن، وذلك في موعد لا يتجاوز منتصف الليل من ليلة الجمعة إلى السبت. هذا هو السبيل الوحيد لتجنب إغلاق الحكومة الفيدرالية بحلول الساعة الصفر من ليل الجمعة.
أكثر ما يخافه رئيس مجلس النواب "مايك جونسون" هو نشوب أزمة داخلية في كتلته الجمهورية قبل أسبوعين من موعد إجراء انتخابات المجلس الجديد لاختيار رئيس للمجلس.
كان واضحًا أن جونسون سعى طوال العامين الماضيين للحفاظ على منصبه عبر إظهار دعم كامل للرئيس المنتخب دونالد ترامب، حتى اتهمه الديمقراطيون بتنفيذ أجندة ترامب وتيسير حملته الانتخابية.
كما كان الحال في تعطيل مشروع الهجرة بعد المصادقة عليه في مجلس الشيوخ.
اليوم، يجد جونسون نفسه في واقع جديد بسبب دعمه للاتفاق وتجهيزه للمصادقة عليه، لكنه يواجه معارضة من اثنين من المقربين من ترامب، هما إيلون ماسك وفيفك رامسوامي.
هذه المعارضة تثير قلقه، خاصةً وأنه يعرف أن غضب النواب الجمهوريين من سلفه "كيفن ماكارثي" بسبب اتفاقه مع الديمقراطيين كان السبب وراء سقوطه.
جونسون لا يريد أن يتكرر سيناريو ماكارثي في وقت يستعد فيه للتمسك بمنصبه كرئيس لمجلس النواب، وهو الذي راهن على أن إعادة انتخاب ترامب تعني ضمان ولاية ثانية له كرئيس للمجلس حتى انتخابات التجديد النصفي في 2026.