logo
العالم

ترامب "رجل الصفقات" يُجبر الأوروبيين على مقاربة جديدة للملف الأوكراني

ترامب "رجل الصفقات" يُجبر الأوروبيين على مقاربة جديدة للملف الأوكراني
دونالد ترامب وزوجته ميلانيا ونائبه فانسالمصدر: أ.ف.ب
11 نوفمبر 2024، 10:44 ص

لم يكن مستغربا أن تحرك عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، المياه الراكدة بشأن الملف الأوكراني، وأن تفرض مقاربة أوروبية جديدة قد تنهي الحرب المندلعة منذ شباط/ فبراير العام 2022 ، وفق ما تعهد به المرشح الجمهوري ترامب الثاني.

أخبار ذات علاقة

دونالد جونيور ترامب

ترامب جونيور لزيلينسكي: "أيام وينقطع مصروف جيبك"

 ووفقا لخبراء، فإن هذه المقاربة الأوروبية الجديدة التي تتشكل ملامحها بالتزامن مع الانتهاء التدريجي لحقبة جون بايدن، نابعة أساسا من خشية الزعماء الأوربيين في أن يعقد ترامب، الذي يوصف بـ"رجل الصفقات"، صفقة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لا تضمن حقوق كييف، أو بمعنى آخر صفقة منحازة لروسيا على حساب أوكرانيا التي بذل الغرب الغالي والرخيص في سبيل انتصارها، لكن دون جدوى.

وتذهب غالبية التحليلات إلى أن انتخاب ترامب يحمل في طياته مؤشرات على إمكانية قلب الصراع الأوكراني لصالح "صديقه" بوتين، بحيث يصر على إنهاء سريع للقتال دون مرعاة للتعقيدات الجيوسياسية ولطموح كييف في الانضمام إلى معسكر الغرب، والابتعاد عن  سطوة موسكو.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب وفلاديمير بوتين

"محض خيال".. الكرملين يعلق على مكالمة بوتين وترامب

 "دبلوماسية الهواتف"

ضمن هذا السياق يمكن فهم إعلان المستشار الألماني أولاف شولتس الذي أكد عزمه على إجراء محادثة هاتفية مع الرئيس الروسي قريبا.

وأوضح شولتس في مقابلة "نعم، أنوي التحدث معه في الوقت المناسب، لكنني لن أفعل ذلك بقرار منفرد، حيث يتطلب ذلك العديد من الاتصالات والمفاوضات مع الكثيرين".

وأبدى شولتس استعداده للتفاوض على ما أسماه "سلاما عادلا" مع بوتين.

ووفقا لتقارير ألمانية، فإن المكالمة المنتظرة بين شولتس وبوتين من المتوقع أن تجرى قبل قمة مجموعة "العشرين" التي تستضيفها البرازيل في  18 الشهر الجاري.

ويرى خبراء أن هذا التوقيت يؤشر على الأرجح إلى أن قمة العشرين المنتظرة، والتي تعتبر أهم محفل سياسي عالمي وتضم أبرز الدول المؤثرة ذات الثقل السياسي والاقتصادي، ستناقش الملف الأوكراني من زاوية جديدة تأخذ في الاعتبار عودة ترامب.

ويرجح خبراء أن هذا الاستعداد الألماني للتفاوض مع بوتين، لا يمكن اعتباره خطوة أحادية الجانب، بل يعبر عن رؤية أوروبية مختلفة في التعاطي مع الملف الأوكراني، مشيرين إلى أن شولتس لا يمكن له أن يفصح عن عزمه الاقدام على هذه الخطوة لو لم يحصل على الضوء الأخضر من شركاء بلاده الأوروبيين، وفي مقدمتهم فرنسا.

ولم تتوقف دبلوماسية الهواتف هنا، بل كان شولتس قد أجرى محادثات هاتفية مع ترامب، أمس الأحد، وقال كلاهما إنهما "مستعدان للعمل معا من أجل عودة السلام إلى أوروبا".

وبين المتحدث باسم شولتس أن "الطرفين تبادلا وجهات النظر في شأن العلاقات بين ألمانيا والولايات المتحدة والمشكلات الجيوسياسية الحالية".

"اختراق"

في غضون ذلك، أجرى ترامب محادثة مع بوتين، حثه فيها على تجنب تصعيد النزاع في أوكرانيا، معربا عن اهتمامه بإيجاد حل سريع للحرب. 

وبحسب مصادر مطلعة على فحوى المكالمة، طلب ترامب من بوتين ضبط النفس، مشيرا إلى الحضور العسكري الأمريكي الكبير في أوروبا، وأبدى اهتمامه بمواصلة المحادثات بهدف إيجاد "حل قريب للحرب في أوكرانيا."

ورأى خبراء أن هذه المكالمة، في حد ذاتها، تعد "اختراقا" في ضوء تعثر المفاوضات بشأن إنهاء الحرب الأوكرانية التي تعهد ترامب بتحقيقه دون أن يقدم تصوراته وأفكاره وخططه بهذا الصدد.

ولعل من الأخبار القليلة السارة التي تلقتها موسكو في الآونة الأخيرة هو خبر فوز ترامب، إذ وصل أخيرا إلى البيت الأبيض رجل "يتحدث عن السلام بدلا من المواجهة"، ويمكن له ببساطة أن يرفع سماعة الهاتف ليحاور خصمه بوتين، بدلا من الاكتفاء بتسليح الجيش الأوكراني ومنح الدعم السخي لكييف.

ووفقا لخبراء، فإن سياسة ترامب، كما يستنتج من ولايته الأولى، تعتبر الصين وإيران عدوين أساسيين، بينما تتعاطى مع روسيا بالكثير من المرونة والتفهم.

ولم تتأخر وسائل الإعلام الروسية عن الإشادة بفوز ترامب، كما قال ديميتري بيسكوف، المتحدث باسم الكرملين، إنه يرى "إشارات إيجابية" في موقف ترامب بشأن أوكرانيا، مضيفا أنه ينظر إلى النزاع في أوكرانيا من خلال عقد اتفاقات، وأنه يستطيع إبرام اتفاق يمكن أن يؤدي إلى السلام".

"عليكم أن تدفعوا فواتيركم"

ويعتقد على نطاق واسع أن أي اتفاق سريع يبرمه ترامب قد يتطلب من أوكرانيا التنازل عن بعض الأراضي التي فقدتها في مناطقها الجنوبية والشرقية، وهو ما يرفضه الرئيس الأوكراني الذي سارع الى تهنئة ترامب وتطلع إلى العمل معه.

ويرى خبراء، كذلك، أن ترامب سيبلغ كييف بتأجيل مسألة الانضمام إلى حلف شمال الاطلسي "الناتو" من أجل كسب ثقة موسكو والحصول منها على ضمانات ترضي كييف كذلك.

ومن غير المستبعد، أن يلجأ ترامب إلى التهديد بوقف المساعدات العسكرية لكييف للضغط عليها لصنع "سلام غير عادل".

ومن المرجح كذلك أن تتعرض "وحدة الناتو" لخطر الانقسام بعد فوز ترامب، وسيكون ذلك كارثيا على أوكرانيا لا سيما أن لترامب سجلا حافلا من العداء والتناقض والاستهتار بإرث الحلف العسكري الأكبر والأكثر قوة في العالم.

وينظر ترامب إلى الناتو من منظور تجاري بسيط "الحماية بمقابل مادي"، ولا يزال ينتقد الإنفاق الدفاعي المحدود لدول أوروبا الغربية على ميزانيات الدفاع بها. 

وفي لقاء تلفزيوني قبل شهور قال "لا، لن أحميكم، أود أن أشجع الروس على فعل ما يريدون، عليكم أن تدفعوا فواتيركم".

ورغم أنه من المستبعد ان ينسحب ترامب من الحلف، لكنه سيصرّ على أن تنفق الدول الأوروبية المزيد على الدفاع، وقد يحاول أيضا منع الناتو من التورط في صراعات مثل التي في أوكرانيا.

وهذا ما يفسر مسارعة إدارة بايدن إلى تقديم مزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا فور فوز ترامب، والعمل على إجراءات إخراج أكثر من 6 مليارات دولار متبقية لمساعدة كييف، قبل حلول موعد تنصيب الرئيس الجديد.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC