ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
كشفت صور أقمار صناعية أن باكستان باتت المصدر الرئيس للأفيون في العالم، متجاوزة أفغانستان التي كانت تهيمن على هذه التجارة لعقود، وسط مخاوف من تأثيرات ذلك على الأمن الإقليمي.
وبحسب تقرير لصحيفة "تيليغراف" البريطانية، تغطي مزارع الخشخاش الآن آلاف الهكتارات في إقليم بلوشستان الباكستاني المضطرب، وهي منطقة تعاني من الفوضى الأمنية وتواجد جماعات مسلحة، بما في ذلك تنظيمي "داعش و "جيش تحرير بلوشستان".

ووفق التقرير، فإن هذا التوسع في زراعة الخشخاش، الذي يُعد المكون الرئيس للهيروين، يثير مخاوف من أن ملايين الدولارات من أرباح تجارة المخدرات قد تتدفق إلى الجماعات الإرهابية.
وترجع الصحيفة البريطانية، السبب الرئيس وراء هذا التحول إلى حظر طالبان زراعة الخشخاش في أفغانستان منذ عام 2022، بعد الإطاحة بالحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، ما دفع هذا الحظر المزارعين الأفغان إلى عبور الحدود إلى بلوشستان، حاملين معهم "خبراتهم الفنية".
وتُظهر صور الأقمار الصناعية، التي جمعتها شركة "ألسيس" للبيانات الجغرافية، انتشاراً واسعاً لحقول الخشخاش، حيث تم اكتشاف حوالي 8100 هكتار في منطقتين صغيرتين فقط من بلوشستان، وهو رقم يتجاوز المساحات المكتشفة في ثلثي مقاطعات أفغانستان.
وفي بعض المناطق، تُخصص ما يصل إلى 70% من الأراضي الزراعية لهذا المحصول غير القانوني، إذ يقول ديفيد مانسفيلد، خبير تجارة الأفيون، إن "إنتاج باكستان من الأفيون من المتوقع قريباً أن يتجاوز نظيره الأفغاني بشكل كبير".
ويُشير إلى أن حجم مزارع الخشخاش، التي غالباً ما تتجاوز خمسة هكتارات، وموقعها القريب من المناطق المأهولة، يعكس "زراعة غير مقيدة" لم يسبق لها مثيل حتى في ذروة إنتاج أفغانستان.
ويستخدم المزارعون تقنيات متقدمة، مثل الطاقة الشمسية لضخ المياه من الآبار العميقة، مما يُمكّنهم من زراعة الخشخاش في بيئات قاحلة.
وتثير هذه التطورات قلقاً عميقاً بشأن الأمن في بلوشستان، التي تُوصف بأنها "برميل بارود" بسبب وجود متمردين عرقيين وجماعات إسلامية متشددة، إذ يُشير مايكل كوجلمان، الباحث في مؤسسة آسيا والمحيط الهادئ، إلى أن "تجارة المخدرات في منطقة مليئة بالتشدد ستؤدي حتماً إلى تصعيد المخاطر الأمنية".
وتُعد بلوشستان موطناً لمنشآت نووية باكستانية ومشاريع استثمار صينية كبرى، مما يجعلها منطقة حساسة استراتيجياً، كما تُواجه الحكومة في إسلام أباد تحديات في مواجهة جيش تحرير بلوشستان، الذي يستهدف العمال الصينيين في مشاريع البنية التحتية، وتنظيم داعش.
وكان داعش قد أعلن مؤخراً مسؤوليته عن تفجير انتحاري في كويتا أسفر عن مقتل 15 شخصًا وإصابة 30 آخرين.
ويُشير المزارعون الأفغان المهاجرون إلى أنهم يضطرون لدفع رسوم لـ"ميليشيات باكستانية"، بما في ذلك قوات الشرطة المحلية مثل فيلق الحدود، لتصدير محاصيلهم.
كما تُظهر مقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي مراحل إنتاج الأفيون، من شق قرون الخشخاش لاستخراج السائل الحليبي إلى تجفيفه وتحويله إلى مادة بنية لزجة تُعبأ للتهريب.
ويعمل العديد من المزارعين الأفغان بالشراكة مع البلوش المحليين، إما عبر استئجار الأراضي أو تقاسم الأرباح، على الرغم من التوترات الناشئة عن الفروقات في الخبرة الزراعية.
وأدّى التوسع في زراعة الخشخاش إلى انخفاض أسعار الأفيون، حيث تراجع سعر الكيلوغرام من 1050 دولاراً في أواخر 2023 إلى حوالي 370 دولاراً حالياً، ويُعزى هذا الانخفاض جزئياً إلى زيادة العرض من باكستان.
ورغم إعلان باكستان خلوها من الخشخاش في 2001، إلا أن السلطات تواجه صعوبات في السيطرة على هذا الانتشار الجديد. وقد عقدت جمعية بلوشستان مناقشة عاجلة الشهر الماضي، حيث حذّر أعضاء المعارضة من أن هذا التوسع "يسمم الشباب"، بينما وعد المسؤولون الحكوميون باتخاذ إجراءات صارمة.