كشفت وثائق انتخابية ألبانية حديثة أن مستشارين بارزين من حملة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تلقّوا أكثر من 1.6 مليون دولار مقابل تقديم استشارات سياسية لحزب المعارضة اليميني في ألبانيا قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة.
وبحسب "نيويورك تايمز"، فإن المدفوعات، التي أُدرجت في تقرير مالي قُدم للجنة الانتخابات الألبانية، أظهرت أن حزب الديمقراطيين الألبان دفع ما يعادل 1.62 مليون دولار لشركة المستشار السياسي كريس لاسيفيتا، أحد مهندسي حملة ترامب 2024، إضافة إلى نحو 65 ألف دولار لشركة استطلاعات الرأي التابعة لـ توني فابريزيو، وهو أيضًا من مستشاري حملة ترامب.
ورغم هذا الدعم من الفريق الأمريكي، الذي ضم كذلك مدير حملة ترامب لعام 2016 لفترة قصيرة بول مانافورت، فإن الحزب المعارض خسر الانتخابات أمام الحزب الاشتراكي بقيادة رئيس الوزراء إيدي راما، وسط محاولات لتقديم زعيم الحزب صالي بريشا في صورة "ترامب ألبانيا".
وبحسب التقرير، جاءت المدفوعات خلال أقل من 4 أشهر، بين منتصف فبراير ونهاية مايو؛ ما يعكس طبيعة الحملات المكثفة التي يقودها مستشارون أمريكيون بأسلوبهم المعروف في التسويق السياسي، ويبدو أن شركة لاسيفيتا "Advancing Strategies" كانت تنسق الجهود مع فابريزيو ومانافورت ضمن هيكل استشاري موحد، وهو نمط شائع في إدارة الحملات الدولية.
وكشفت مصادر أن مشاركة هؤلاء الثلاثة في حملات أجنبية ليست جديدة؛ فبعد فوز ترامب، ازداد الطلب العالمي على خبراتهم، وقد سافر لاسيفيتا إلى ألبانيا مرات عدة لدعم بريشا، فيما تجنب جميعهم التعليق على التفاصيل المالية أو السياسية للتعاون.
وركز فريق الخبراء على تقديم بريشا كضحية "مؤامرة سياسية" ضد النخبة المحافظة في ألبانيا، زاعمًا أن خصومه المحليين يقفون وراء "حملة اضطهاد" تستهدفه، بدعم من الملياردير الأمريكي جورج سوروس وإدارة الرئيس السابق جو بايدن.
لكن الصورة كانت أكثر تعقيدًا؛ إذ يواجه بريشا اتهامات بالفساد تتعلق بصفقة عقارية، وقد فُرضت عليه عقوبات أمريكية عام 2021 بتهمة "الفساد الكبير"، وفق بيان وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن، الذي اتهمه بسوء استخدام السلطة لتحقيق مكاسب شخصية لعائلته وحلفائه.
وبعد الهزيمة الانتخابية، تبنى لاسيفيتا رواية بريشا القائلة بأن الانتخابات "مزورة"، رغم أن إعادة الفرز التي طلبها الحزب لم تؤكد تلك المزاعم؛ ما أشعل جدلًا واسعًا حول الدور الأمريكي في حملات سياسية خارجية يشوبها الفشل والاتهامات.
لكن في نهاية المطاف، يعكس هذا الملف كيف تحولت الاستشارات السياسية الأمريكية إلى تجارة عالمية مربحة، تمتد حتى إلى البلقان، حيث يُستورد فيها الخطاب الشعبوي والنهج الانتخابي الأمريكي.
