قال خبراء في العلاقات الدولية، إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استهدف من اجتماع فرجينيا الاستثنائي مع كبار القادة العسكريين في الولايات المتحدة، فرض تقديم قرابين الولاء لشخصه فقط من جنرالات الجيش، والرد على العرض العسكري الصيني الذي أقيم مؤخرًا.
ولفت الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن ترامب أكد على عدم قبوله خروج جنرالات الجيش الأمريكي عن سياساته العسكرية والاستراتيجية في أي مكان في العالم، باعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة الأمريكية.
وأكد ترامب، خلال لقائه مع قادة القوات المسلحة الأمريكية في قاعدة كوانتيكو بولاية فرجينيا، أنه قام بإعادة بناء الجيش الأمريكي في ولايته الأولى ليصبح الأقوى في العالم، وأنه لا يريد استخدام القوة النووية أبدًا، لكنه يشعر بتهديد حول ذلك من موسكو.
وقال إنه يعمل مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على إنهاء حرب أوكرانيا، وأنه في هذا الصدد سيواجه موسكو بقوة.
وأشار ترامب إلى أنهى 8 حروب في 8 أشهر؛ لذلك فإنه يستحق جائزة نوبل للسلام، لافتًا إلى أن بلاده تتفوق على روسيا والصين في مجال الأسلحة الفضائية بنسبة أكثر من 180%، وأن نسبة التجنيد في الجيش والشرطة الأمريكية الآن أكثر من 95%.
وفي هذا السياق، قال الباحث في العلاقات الدولية، أحمد العزيزي، إن هذا الاجتماع كان بمثابة مشهد استعراضي من ترامب، حيث يقدم نفسه على أنه رئيس مجلس إدارة العالم، محاولًا إظهار القوة بحضور قادة الجيش الأمريكي مصطفين أمامه.
وأضاف العزيزي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ترامب قدم رسائل عامة في هذا الحدث بأنه يستطيع الذهاب إلى أي مكان في العالم للحفاظ على قوة الولايات المتحدة، وأخرى خاصة إلى موسكو وبكين.
ويعتقد العزيزي أنه من الواضح أن العرض العسكري الصيني الضخم الذي جرى في بكين قبل 3 أسابيع، بإشهارها قدراتها من غواصات ومقاتلات، أزعج الرئيس الجمهوري كثيرًا، وظل يبحث عن حدث يستطيع من خلاله الرد على بكين، ليؤكد أن الولايات المتحدة هي القوة العسكرية الأولى في العالم.
وتابع: "ترامب وجد الرد في حدث يجمع فيه جنرالاته من كافة أنحاء العالم، في رسالة مفادها أن الولايات المتحدة متواجدة في كل مكان، وفي شتى البقاع"، لافتًا إلى الأخبار التي سبقت هذا الاجتماع بشأن استدعاء الضباط الكبار بشكل مكثف، وأن هناك أزمة في حركة الطيران والملاحة الجوية بسبب تكدس رحلات عودة القادة العسكريين الأمريكيين، لحضور هذا الحدث.
واعتبر العزيزي أن هذا الاجتماع جلسة يريد ترامب من ورائها إشباع الرغبة في التباهي والتفاخر بذاته، حتى لو وصل الأمر إلى تقديم بيانات ومعلومات غير دقيقة، ومن بينها على سبيل المثال، الادعاء بأنه قام بإعادة بناء الجيش الأمريكي خلال ولايته الأولى ليصبح الأقوى في العالم، وكأن الجيش الأمريكي قبل وصول الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض في العام 2018 كان في مركز آخر، في حين أنه يتربع على صدارة جيوش العالم منذ سنوات، ولا سيما مع انتهاء الحرب الباردة منذ أكثر من 3 عقود.
وأشار إلى أن هناك رسالة من ترامب في هذا الاجتماع برسم استراتيجية الولايات المتحدة العسكرية وسط سباق التسلح العالمي، والتأكيد على أنه القائد الأعلى للقوات المسلحة، وأنه لن يقبل بمعارضة سياسته رغم خبرات القادة العسكريين، مستهدفًا بذلك فرض تقديم قرابين الولاء لشخصه فقط على جنرالات الجيش.
بدوره، يقول الخبير في الشأن الأمريكي، نبية واصف، إن هذا الاجتماع محاولة لإظهار القوة العسكرية الأمريكية، وتقديم رسالة من ترامب مفادها أنه رغم هذه القوة العسكرية إلا أنه "رجل سلام"، لافتًا إلى أداء ترامب بأنه منع نشوب حروب في الأشهر الأخيرة.
وبين واصف، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن ترامب قدّم في الاجتماع رسائل للداخل تخص ملف الهجرة، تتمثل بالقدرة على حفظ الأمن الداخلي ومواجهة وجود المهاجرين الذين يطلِق عليهم اسم المجرمين، ويوجه لهم قوات الحرس الوطني، كما حدث في واشنطن وكاليفورنيا، متجاوزًا سلطات حكام الولايات في ذلك.
وتابع: "من رسائل ترامب أيضًا، ما يوجهه للأوروبيين بأن الغرب أمام مخاطر الروس والصينيين لن يجد قيادة للتعامل مع هذه المخاطر سوى الولايات المتحدة، وأن جبهة الناتو لن يكون لها حضور إلا بالقوة الأمريكية، وأن أي رهان أوروبي على تصنيع سلاح محلي بعيدًا عن الشركات الأمريكية يعتبر فقدانًا للردع".
وأكد واصف أن ترامب يرغب في ترسيخ فكرة أن القطب الأوحد هو الولايات المتحدة، وأن ذلك بحسب رسائله لنشر السلام والحفاظ عليه، لكنه في النهاية لا يبحث سوى عن صفقات استراتيجية واقتصادية في مواقع عدة في العالم.
وبين أن ترامب رسم صورة التوتر في أمريكا الجنوبية، والتأكيد على أنها خط أحمر، من خلال الذهاب إلى تكوين مشهد شن حرب على فنزويلا، الأمر الذي يحمل تحذيرات للصين بإشهار القوة العسكرية، تتمثل بأن منطقة الكاريبي لن يتم وضعها في ميزان أمام كفة وجود الولايات المتحدة في بحر الصين الجنوبي.