تقارير صينية: سفينتان حربيتان من كندا وأستراليا تعبران مضيق تايوان

logo
العالم

"التطمين المتبادل".. استراتيجية جديدة لإعادة رسم موازين القوى بين روسيا وأوروبا

"التطمين المتبادل".. استراتيجية جديدة لإعادة رسم موازين القوى بين روسيا وأوروبا
جانب من اجتماع قادة أوروبا مع ترامب وزيلينسكيالمصدر: رويترز
19 أغسطس 2025، 5:47 م

لم تعد الضمانات الأمنية التي تطرحها موسكو مجرد عنوان جانبي في مفاوضات الحرب الأوكرانية، بل تحولت إلى جوهر النقاش بين العواصم الكبرى، خاصة، فبعد سنوات من التصعيد العسكري والتلويح بالعقوبات، برزت فكرة "التطمين المتبادل" كمسار محتمل لإعادة رسم موازين القوى في القارة الأوروبية. 

وبينما ترى واشنطن أن هذه الضمانات قد تفتح الباب لتسوية شاملة، ينظر الأوروبيون إليها بريبة، خشية أن تتحول إلى اعتراف ضمني بنفوذ روسي أوسع في محيطهم الإستراتيجي.. هذا ما أكده الخبراء في الشؤون الروسية.

ويرى الخبراء، أن الضمانات الأمنية التي تطرحها موسكو لأوكرانيا تمثل تحولًا إستراتيجيًا من منطق المواجهة إلى محاولة رسم نظام أمني جديد في أوروبا. 

وأضاف الخبراء أن الموقف الأمريكي يشهد تحولات واضحة، إذ باتت واشنطن أقرب إلى تبني الخطاب الروسي الذي يركز على وقف إطلاق نار شامل كأولوية، في مقابل الموقف الأوروبي المتردد. 

وأوضحوا أن هذه الضمانات قد تُفضي إلى واقع جديد يعيد صياغة التوازنات في القارة، وصولًا إلى تراجع دور الناتو وتزايد الحاجة إلى تفاهم مباشر بين موسكو وواشنطن، بما يضع أوروبا أمام اختبار صعب بين الاستمرار في التصعيد أو الانخراط في تسوية تضمن لها الاستقرار.

وقال بسام البني، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، إن موافقة روسيا على تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا تعكس قناعتها بأن أمن كييف جزء لا يتجزأ من أمنها القومي. 

وأشار المحلل السياسي إلى أن موسكو طالبت مرارًا بضمانات إستراتيجية تخصها وتخص القارة الأوروبية عمومًا، مشيرًا إلى أن الهدف الروسي هو بناء نظام أمني جديد في أوروبا، يكون من نتائجه المباشرة توفير ضمانات لأوكرانيا.

وأضاف في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الصيغ المطروحة إعلاميًا ليست نهائية، إذ تتمسك موسكو بضرورة إبعاد السلاح الغربي عن القارة أو وضعه تحت رقابة صارمة، بينما تطرح واشنطن ضمانات لأوكرانيا دون ضمها إلى حلف الناتو. 

وتساءل البني: "لكن ماذا تعني هذه الضمانات؟ كيف سيتم تنفيذها؟ وهل ستدخل على أساسها قوات أجنبية إلى الأراضي الأوكرانية؟".

وأكد الخبير في الشؤون الروسية، أن موسكو لا يمكن أن تقبل بوجود قوات غربية على حدودها بذريعة "الضمانات"، لكنها قد توافق على تعهد مكتوب بعدم الاعتداء شريطة التوصل إلى اتفاق سلام شامل. 

وأشار إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ناقش هذه الشروط مع القادة الأوروبيين وزيلينسكي، لافتًا إلى أن التحول الأبرز في الموقف الأمريكي هو تبني خطاب روسي يدعو إلى وقف إطلاق نار شامل، في مقابل الموقف الأوروبي السابق الذي كان يطالب بوقف النار دون شروط مسبقة.

وتابع البني أن ما ستسفر عنه اللقاءات المقبلة، خصوصًا بين ترامب وزيلينسكي والقادة الأوروبيين، سيكون حاسمًا، قائلاً: "العالم يترقب الأغنية التي سيغنيها ترامب: هل يعود إلى لغة التهديد والعقوبات، أم يواصل الضغط لتمرير ما اتُّفق عليه في ألاسكا؟".

ورأى أن "الضمانات" ليست الحل بذاتها، بل انعكاس لتوازنات دقيقة، مؤكدًا أن روسيا تسعى لاعتراف غربي بنفوذها، فيما تطالب أوكرانيا بحماية وجودها، وتسعى أوروبا إلى استقرار يبعد عنها الحروب المقبلة. 

وأضاف بسام البني أن السلام لن يتحقق إلا بتنازلات متبادلة، وإلا ستظل "الضمانات" مجرد شعار يخفي وراءه تصعيدًا جديدًا.

من جانبه، أكد محمود الأفندي، المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، أن الضمانات الأمنية تمثل المبادرة الأساسية التي طرحتها موسكو على واشنطن، معتبراً أنها الورقة السياسية الأهم في المرحلة الحالية. 

وقال في تصريحات لـ"إرم نيوز" إن روسيا تحولت، من وجهة نظره، من دولة طرف في الصراع إلى "دولة ضامنة"، خصوصًا بعد وصول ترامب إلى السلطة ووقفه معظم شحنات السلاح لأوكرانيا وتجميده العقوبات على موسكو، وهو ما أوحى بخروج الولايات المتحدة من دائرة الصراع المباشر.

ويرى الأفندي أن هذه الضمانات يجب أن تكون أمريكية بالدرجة الأولى، لا أوروبية ولا من حلف الناتو، مقترحًا أن تنفذ عبر قوات أمريكية ترابط في قواعد محدودة داخل أوكرانيا، بموافقة روسية، لمراقبة أي تصعيد مستقبلي. 

ويعتقد أن هذه الصيغة قد تكون مقبولة لزيلينسكي والأوروبيين، إذ تضع واشنطن في موقع الضامن بمشاركة موسكو سياسيًا ولوجستيًا.

وأشار إلى أن ترامب أظهر تحولًا واضحًا في الموقف، إذ لم يعد يطالب بوقف إطلاق النار أولًا، بل بات يركز على مسار سياسي يضمن "سلامًا طويل الأمد، وهو ما يعني عمليًا إقصاء الناتو من المعادلة. 

وأضاف أن هذا التوجه يمثل بداية تحول في العلاقات الأمريكية الروسية، بحيث يصبح أمن أوروبا مرتبطًا مباشرة بأمن أوكرانيا.

أخبار ذات علاقة

جانب من اجتماع قادة أوروبا مع ترامب وزيلينسكي

أوكرانيا تعد محتوى الضمانات الأمنية و"الراغبين" يبحث الخطوات المقبلة

 وأشار محمود الأفندي إلى أن الاتفاق على هذه الضمانات قد يقود إلى "إعلان وفاة الناتو" ونهاية فعلية للاتحاد الأوروبي الذي يترنح داخليًا، معتبرًا أن أوروبا، في حال تمرير هذه الصيغة، ستكون أمام واقع جديد يعيد رسم موازين القوى في القارة.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC