ترامب يعلن أنه سيوجّه "خطابا إلى الأمة" الأربعاء
في خطوة تعكس تحولًا إستراتيجيًّا في قدرات جيش التحرير الشعبي، أعلنت الصين رسميًّا دخول قواتها البحرية مرحلة جديدة وصفتها بـ"عصر حاملات الطائرات الثلاث"، بعد إدخال حاملة الطائرات الأحدث والأكثر تقدمًا، فوجيان (CNS Fujian)، إلى الخدمة الفعلية.
هذا التطور الذي سلطت عليه الضوء صحيفة جيش التحرير الشعبي، لا يشكل مجرد إضافة كمية للأسطول البحري، بل يمثل قفزة نوعية في طموحات بكين البحرية، ورسالة واضحة إلى منافسيها الدوليين.
تحديث عسكري يعيد صياغة طموحات الصين
على مدى السنوات الماضية، قاد الرئيس شي جين بينغ عملية تحديث واسعة النطاق للجيش، بهدف تحويله إلى قوة “عالمية الطراز” بحلول عام 2049، الذكرى المئوية لتأسيس جمهورية الصين الشعبية.
وتمثل حاملات الطائرات إحدى ركائز هذه الرؤية، إذ تمتلك الصين اليوم الأسطول الأكبر من حيث عدد السفن (أكثر من 370 سفينة)، وتضم الآن ثلاث حاملات طائرات: لياونينغ، وشاندونغ، وفوجيان.
ورغم أن البحرية الأمريكية لا تزال تتفوق من حيث الحجم النوعي بـ11 حاملة طائرات، تشير صور حديثة إلى أن بكين تعمل على تطوير أول حاملة طائرات تعمل بالطاقة النووية؛ ما قد يرفع تنافسها إلى مستوى جديد يتجاوز المحيط الهادئ.
من لياونينغ إلى فوجيان
تبرز حاملة الطائرات فوجيان كنقطة تحول رئيسية في برنامج السفن الحربية الصينية. ففي حين تم تحديث لياونينغ، المنبثقة من تصميم سوفيتي قديم، شكلت شاندونغ عام 2017 أول حاملة محلية الصنع، مزودة بمنصة قفز للتزلج لإقلاع الطائرات.
أما فوجيان فتمثل "القفزة الثالثة" بفضل ما تحمله من أنظمة إطلاق كهرومغناطيسية (EMALS) وسطح طيران مستقيم كامل الطول؛ ما يجعلها أقرب في قدراتها إلى حاملات الطائرات الأمريكية من فئة "فورد".
ووفق تقارير الجيش، نجحت الطائرات على متنها في تنفيذ عشرات عمليات الإطلاق خلال أولى مهامها؛ ما يعكس قدرة تشغيلية متقدمة.
كما كشفت الصحيفة الرسمية للجيش عن البيانات التشغيلية لبقية الحاملات؛ فقد قطعت لياونينغ نحو 34 ألف ميل خلال العام الماضي، ونفذت عمليات مشتركة مع شاندونغ في بحر الصين الجنوبي، فيما سجلت شاندونغ ارتفاعًا كبيرًا في عدد طلعاتها الجوية مقارنة بأربع سنوات سابقة.
لم تعد حاملات الطائرات مجرد معدات عسكرية للصين، بل تُستخدم اليوم كرمز للطموح القومي والقوة الشاملة للدولة.
ووفق صحيفة جيش التحرير الشعبي، فإن امتلاك ثلاث حاملات طائرات يمثل “ثقة بالنفس، وركيزة لحماية السيادة، وضمانًا لاحترام صوت الأمة دوليًّا”.
وتؤكد تصريحات وزارة الدفاع أن الصين "تتبع سياسة دفاعية ذات طبيعة سلمية"، لكنها في الوقت ذاته تحتفظ بحق إرسال حاملاتها إلى أي منطقة تقتضي حماية مصالحها الوطنية؛ ما يشير إلى توسيع محتمل في نطاق الانتشار البحري الصيني خارج آسيا.
انعكاسات على ميزان القوى الدولي
يأتي دخول فوجيان الخدمة في وقت تزداد فيه التوترات الجيوسياسية في المحيطين الهندي والهادئ، حيث تتنافس القوى الكبرى على النفوذ البحري؛ فقد نفذت الصين هذا العام مهمة نادرة لحاملتي طائرات في غرب المحيط الهادئ، في خطوة فُهمت على أنها اختبار لقدرات الانتشار بعيد المدى.
ويرى محللون أن امتلاك بكين ثلاث حاملات طائرات سيعزز قدرتها على تنفيذ عمليات مستمرة في أكثر من مسرح بحري، وهو تطور قد يدفع الولايات المتحدة وحلفاءها إلى إعادة حسابات الردع البحري في المنطقة.
يبقى السؤال الأهم؛ هل تستعد الصين لزيادة عدد حاملاتها إلى أربع أو خمس؟ تشير دلائل متداولة في صور الأقمار الصناعية إلى أن العمل يجري على بناء حاملة طائرات جديدة، ربما تعمل بالطاقة النووية؛ وإذا تأكد ذلك، فسيكون بمثابة خطوة كبرى نحو مضاهاة القدرات الأمريكية.
في الوقت الحالي، ومع وجود قواعد تشغيل رئيسية في يوشي شمال شرق البلاد ويولين في بحر الصين الجنوبي، تؤسس الصين بنية تحتية دائمة لدعم أسطول بحري قادر على البقاء في المياه العميقة لفترات طويلة.