أعلنت تيسلا أن سياراتها المصنّعة في الولايات المتحدة ستصبح خالية تمامًا من المكونات الصينية، في خطوة تاريخية وتحول استراتيجي يعكس تعمق الانقسام التكنولوجي بين واشنطن وبكين، ويعيد رسم خرائط صناعة السيارات الكهربائية عالميًا.
وكشفت مصادر مطلعة، بحسب "وول ستريت جورنال"، أن الشركة بدأت بالفعل في استبدال أجزاء ومكونات كانت تُصنّع في الصين، بموردين آخرين، وتخطط لإكمال هذا التحوّل خلال عام إلى عامين.
ويرى مراقبون أن هذه الخطوة ليست مفاجئة؛ فقد بدأت جهود تيسلا للحد من الاعتماد على الصين منذ جائحة كوفيد-19، عندما عطّلت القيود اللوجستية تدفق المكونات الصينية إلى مصانعها الأمريكية، ثم تسارعت العملية بعد فرض واشنطن رسوماً جمركية مشددة على الواردات الصينية.
وفي حين يعتقد محللون أن صناعة السيارات الكهربائية تعتمد بشكل كبير على الصين في إنتاج البطاريات من نوع LFP، والرقائق الإلكترونية، والمواد الخام الأساسية للسيارات الكهربائية؛ بفضل حجم الإنتاج الضخم وتكاليف العمالة المنخفضة، فإن تصاعد التوترات التجارية والسياسية، بما في ذلك القيود الأخيرة على تصدير الرقائق عبر شركات مثل "نيكسبيريا" الهولندية، دفع تيسلا لتسريع التحوّل وإعادة بناء سلاسل توريد مستقلة عن الصين.
وضمن استراتيجيتها، قامت تيسلا بتشجيع موردين صينيين سابقين على نقل خطوط الإنتاج إلى المكسيك وجنوب شرق آسيا، مع التركيز على مكونات مثل أغطية المقاعد وأغلفة المعادن، أما البطاريات، فقد بدأت الشركة بإنتاج بطاريات LFP داخليًا في منشأة نيفادا للطاقة التخزينية، مع خطط لتوسيع إنتاجها في الربع الأول من 2026، بعدما توقفت عن استخدام البطاريات الصينية في سياراتها الأمريكية بسبب الرسوم والافتقار للتسهيلات الضريبية.
وهذا التحوّل يشكل جزءًا من إعادة رسم أكبر لسلاسل التوريد في صناعة السيارات الكهربائية، حيث تبحث الشركات الأمريكية عن بدائل لمورديها الصينيين لضمان الاستقرار التشغيلي وتقليل المخاطر الجيوسياسية.
لكن التحديات لا تزال كبيرة؛ إذ إن استبدال المكونات الحساسة مثل البطاريات والرقائق يتطلب استثمارات ضخمة وإعادة هيكلة كاملة للإنتاج، مع الحفاظ على التكاليف ومواعيد التسليم.
وفي هذا السياق، يتحول سباق تيسلا إلى سباق استراتيجي تقوده الحرب التجارية بين أكبر اقتصادين في العالم، لتثبت الشركة نفسها كلاعب رئيس قادر على إعادة تعريف صناعة السيارات الكهربائية خارج الاعتماد الصيني التقليدي.