أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس عن مشاركة الولايات المتحدة لتكنولوجيا الغواصات النووية مع كوريا الجنوبية، في خطوة تمثل توسعًا تاريخيًا محتملًا للتعاون العسكري بين الحليفين.
وبحسب "نيوزويك"، جاء الإعلان بعد اجتماع ترامب مع الرئيس الكوري الجنوبي لي جاي ميونغ في سيول، حيث ركز النقاش على تحديث التحالف بين البلدين وضمان عبء دفاعي أكثر عدلاً.
وأكد لي للصحفيين أن الاتفاق يشمل تكنولوجيا الوقود النووي للغواصات فقط وليس الأسلحة النووية، وأن تزويد كوريا الجنوبية بغواصات تعمل بالطاقة النووية سيعزز الأمن الإقليمي ويقوي التعاون مع العمليات البحرية الأمريكية في المحيط الهادئ.
تُعد مشاركة تكنولوجيا الغواصات النووية تحولًا سياسيًا واستراتيجيًا كبيرًا لواشنطن، التي لطالما حرصت على الحفاظ على سرية هذه المعلومات، باعتبارها من أكثر الأسرار العسكرية الأمريكية حساسية؛ حتى ضمن اتفاقية AUKUS مع بريطانيا وأستراليا، لم تُنقل الخبرة الأمريكية في هذا المجال مباشرة إلى الشركاء الآخرين.
وحذر مسؤولون دفاعيون أمريكيون من أن أي نقل لتكنولوجيا الدفع النووي يتطلب مراجعة شاملة من الكونجرس وضمانات متعددة، ما يعكس حجم التعقيدات القانونية والاستراتيجية المصاحبة للصفقة.
مخاطر أمنية
وتأتي الخطوة الأمريكية أيضًا في وقت حساس إقليميًا، في ظل استمرار كوريا الشمالية في تطوير برامجها النووية، بما في ذلك غواصات نووية وصواريخ كروز، ما يزيد المخاطر الأمنية في المنطقة.
ويشير الإعلان إلى توجه ترامب لإعادة تشكيل التحالفات في آسيا، وتعزيز قدرة كوريا الجنوبية كشريك دفاعي وصناعي رئيسي لمواجهة النفوذ الصيني والكوري الشمالي في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وأوضح ترامب أن الغواصة ستُبنى في حوض بناء السفن في فيلادلفيا، الذي استحوذت عليه مجموعة هانوا الكورية الجنوبية العام الماضي.
ولم يتضح بعد حجم المشروع وتكلفته، لكن كوريا الجنوبية تعهدت بالفعل بتقديم 150 مليار دولار لتعزيز قدرة الولايات المتحدة على بناء السفن ضمن محادثات استثمارية أوسع في صناعة الدفاع.
ويأتي هذا الإعلان ضمن إطار استثمار كوري جنوبي أكبر في الاقتصاد الأمريكي بقيمة 350 مليار دولار، تضمن شراء النفط والغاز الأمريكي بكميات كبيرة، ليصل إجمالي الاستثمارات المشتركة إلى أكثر من 600 مليار دولار وفق تصريحات ترامب.
وأكد وزير التجارة الكوري الجنوبي، كيم يونغ بوم، استمرار الرسوم الجمركية المتبادلة عند 15%، مع توسيعها لتشمل السيارات وقطع غيارها، ما يحسن موقف شركات مثل هيونداي وكيا أمام منافسيها اليابانيين والأوروبيين.
ترتبط الصفقة العسكرية بالقدرات الاقتصادية، حيث تدمج التعاون الدفاعي مع الاستثمارات الصناعية والمالية، ما يعكس رؤية ترامب لتعزيز العلاقات مع كوريا الجنوبية على مستويات متعددة، سياسية واقتصادية وعسكرية.
انعكاسات الصفقة
تعزز الصفقة قدرة كوريا الجنوبية على امتلاك غواصات أكثر تطورًا وكفاءة مقارنة بأسطولها الحالي الذي يعمل بالديزل، كما توفر قاعدة بحرية أقوى للتعاون مع البحرية الأمريكية.
وتوضح الخطوة استعداد واشنطن لنقل التكنولوجيا الحساسة عندما يكون هناك شريك استراتيجي موثوق، مع التأكيد على أن الهدف ليس مجرد تعزيز القوة العسكرية، بل إعادة تنظيم التحالفات لدعم الاستقرار والردع في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
مع بدء بناء الغواصات في الولايات المتحدة، ستصبح كوريا الجنوبية نموذجًا للشراكة الدفاعية المتقدمة، مما يعزز الدور الأمريكي في المنطقة ويتيح له التأثير على التوازن العسكري والأمني في آسيا.
وتعكس الصفقة توجه الإدارة الأمريكية لتعميق التعاون مع الحلفاء وتطوير القدرات الدفاعية المشتركة لمواجهة التحديات الأمنية الإقليمية.
