logo
العالم

هل تفجر صواريخ "توماهوك" التقارب الهش بين بوتين وترامب؟

صاروخ من طراز "توماهوك"

بعد تصاعد الأنباء عن اقتراب واشنطن من تزويد كييف بصواريخ كروز بعيدة المدى من طراز "توماهوك"، جاء تحذير الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بصيغة تشبه "الإنذار الأخير"، وليس مجرد رسالة دبلوماسية عابرة.

ومنذ أواخر سبتمبر/أيلول الماضي، تصاعدت التقارير حول دراسة الإدارة الأمريكية قرارًا بتزويد أوكرانيا بصواريخ "توماهوك"، التي يصل مداها إلى نحو 2500 كيلومترًا، ما يجعلها قادرة على استهداف منشآت حيوية داخل العمق الروسي، مثل مصافي النفط وجسر القرم. 

وتزامن ذلك مع تسريبات من البنتاغون أشارت إلى أن هذه الخطوة قد تُتخذ بشكل محدود كاختبار للرد الروسي، فيما تؤكد موسكو أن مثل هذا القرار يمثل "تدخلًا مباشرًا" في الحرب مع أوكرانيا.

وفي أول رد فعل رسمي، خرج الرئيس الروسي في مقابلة تلفزيونية، ليعلن بوضوح أن تزويد أوكرانيا بتلك الصواريخ سيُعد "خطًّا أحمر"، مؤكدًا أن تشغيلها لا يمكن أن يتم دون إشراف أمريكي مباشر.

واعتبر بوتين أن هذا القرار، إن نُفذ، سيدمر الاتجاهات الإيجابية التي بدأت تظهر في العلاقات بين موسكو وواشنطن، والتي شهدت تحسنًا نسبيًّا منذ لقاء القمة في ألاسكا في أغسطس/آب الماضي.

وفي خطابه أمام منتدى "فالداي" الدولي، شدد بوتين على أن بلاده تملك "الميزة الميدانية" في الحرب، لكنه حذر من أن أي تورط أمريكي مباشر سيُقابل برد يتناسب مع التهديد، داعيًا واشنطن إلى العودة للمسار التفاوضي.

ويوم أمس الثلاثاء، أكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، أن الكرملين ينتظر توضيحًا من الرئيس ترامب نفسه، لكنه وصف التقارير عن شحنات الصواريخ بأنها "تصعيد خطير".

أخبار ذات علاقة

صاروخ توماهوك

"سنرد بقسوة".. روسيا تتوعد واشنطن حال تزويدها كييف بـ"توماهوك"

 لعبة التوازنات الكبرى

ورغم هذا التوتر، يبقى السؤال الذي يفرض نفسه الآن، هل تتحول "توماهوك" إلى شرارة تفجر ما تبقى من التفاهم بين الرئيسين الأمريكي دونالد ترامب والروسي فلاديمير بوتين، وسط تقارير تشير إلى أن ترامب يسعى لامتلاك ورقة ضغط جديدة في لعبة التوازنات الكبرى.

ويرى خبراء أن احتمال تزويد واشنطن لأوكرانيا بصواريخ "توماهوك" يمثل تحولًا خطيرًا في مسار الصراع، وقد يفجر توترًا غير مسبوق في العلاقات بين موسكو وواشنطن، رغم حالة "التقارب الحذر" بفضل التفاهمات غير المعلنة بين ترامب وبوتين. 

وأشار الخبراء، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إلى أن هذه الخطوة ستضع روسيا أمام خيارين أحلاهما مر، إما التصعيد العسكري إلى مستوى أكثر خطورة يشمل استهداف مصالح غربية، أو القبول بتنازلات سياسية تمس مكانتها الدولية.

وأضافوا أن بوتين يرى في الخطوة الأمريكية المحتملة "استفزازًا مباشرًا"، قد يبدد ما تحقق من تقدم في مسار العلاقات بين البلدين، رغم التراشق الإعلامي المتكرر بين الزعيمين. 

تزويد روسيا بالأسلحة الثقيلة

وبهذا السياق، قال مدير شبكة "الجيو استراتيجي للدراسات"، إبراهيم كابان، إن موقف روسيا أصبح "حرجًا للغاية" بعد عودة الولايات المتحدة الأمريكية إلى تزويد أوكرانيا بأسلحة ثقيلة جدًّا، مثل صواريخ "توماهوك". 

وأكد كابان، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن هذا التطور يضع موسكو أمام خيارين لا ثالث لهما، إما رفع مستوى المواجهة إلى استخدام الأسلحة الثقيلة، أو القبول ببعض الشروط الأمريكية، والدخول في حوار يرضي الأطراف في نهاية المطاف.

وأضاف أن روسيا لا تستطيع الدخول في حرب شاملة مع جميع القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة والدول الأوروبية وحلف "الناتو"؛ لأن ذلك "ليس في مصلحة موسكو".

وتابع كابان: "رغم أن روسيا تواصل تصعيد الضغوط على أوكرانيا مستفيدةً من درجة ’التغاضي الأمريكي’ التي أبدتها إدارة ترامب خلال الأشهر الماضية، إلا أن ذلك لا يعني أنها قادرة على الاستمرار في نهج التوسع والسيطرة داخل الأراضي الأوكرانية بلا حدود".

وأشار إلى أن المشهد الراهن مختلف تمامًا عن السابق، موضحًا أنه في حال أقر الرئيس الأمريكي دعم أوكرانيا بأسلحة ثقيلة، وخصوصًا صواريخ "توماهوك"، فإن ذلك سيجبر روسيا على اتخاذ خيار متقدم، قد يصل إلى شن هجمات على دول أوروبية، لكن كابان استبعد هذا السيناريو.

أخبار ذات علاقة

المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف

الكرملين: تسليم صواريخ "توماهوك" لأوكرانيا تصعيد خطير

 عواقب تدميرية 

واعتبر كابان أن روسيا غير قادرة على خوض حرب بهذا الجحيم؛ لأن عواقبها ستكون "تدميرية"، وقد تؤدي إلى سقوط نظام الرئيس بوتين.

من جانبه، قال المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية، بسام البني، إن التهديدات الأمريكية، رغم ما تحمله من جدية واضحة، إلا أنها تواجه في المقابل عقبات لوجستية وسياسية وتقنية قد تعيق تحولها إلى واقع فعلي، خاصة فيما يتعلق بصواريخ "توماهوك" بعيدة المدى.

وأشار البني، في تصريح لـ"إرم نيوز"، إلى أن الموقف الروسي لا يزال حتى الآن رافضًا للرضوخ لأي ضغوط خارجية، بل يظهر ثقة كبيرة بقدرته على إدارة التصعيدين العسكري والسياسي، مستندًا إلى توازنات دولية معقدة، وتعقيدات المشهد الإقليمي الراهن.

وتابع: "السيناريو الأقرب للتحقق يتمثل في استمرار الحرب بوتيرة متصاعدة، مع تركيز واشنطن على الدعم الاستخباراتي وتشديد العقوبات الاقتصادية ضد موسكو، دون التورط في تزويد أوكرانيا بأسلحة نوعية تعتبرها روسيا تجاوزًا للخطوط الحمراء، وعلى رأسها صواريخ توماهوك، وذلك لتفادي أي تصعيد غير محسوب قد يؤدي إلى مواجهة مفتوحة".

ولم يستبعد البني احتمالية حدوث تصعيد ميداني إذا واصلت روسيا تقدمها العسكري وتجاهلت الضغوط الغربية، مشيرًا إلى أن واشنطن قد تجد نفسها مضطرة لاتخاذ خطوات أكثر جرأة، مثل إمداد كييف بأنظمة صاروخية متطورة أخرى، وإن لم تكن من طراز "توماهوك"، ما قد يفتح الباب أمام مرحلة جديدة من الصراع ذات طابع أكثر خطورة.

واعتقد البني أن الولايات المتحدة لن تزود أوكرانيا بهذه الصواريخ؛ لأن استخدامها سيمثل خطوة نوعية نحو اندلاع حرب عالمية مباشرة، بدلًا من الحرب بالوكالة التي نشهدها اليوم.

وشدد على أن هذا المسار غير مرغوب فيه من جميع أطراف الصراع، سواء من الجانب الروسي أو الغربي؛ نظرًا لتداعياته الكارثية على الاستقرار الدولي وصعوبة احتوائه لاحقًا.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC