المفوضية الأوروبية: نشهد تقدما حقيقيا بفضل التنسيق بين أوكرانيا وأوروبا والولايات المتحدة

logo
العالم

"أهلا بكم في أمريكا".. كواليس عمليات ترحيل أباطرة المخدرات من المكسيك

القوات المكسيكية ترافق السجناء قبل تسليمهم للولايات المتحدةالمصدر: رويترز

أُستقبل عشرات من أخطر السجناء في المكسيك، وهم مقيدو الأيدي والأرجل، بعد أن صعدوا إلى متن طائرات عسكرية تحت حراسة مشددة هذا العام، بعبارة "أهلا بكم في أمريكا"، لبدء تنفيذ عقوبتهم جراء جرائم تهريب أطنان من الهيروين والفنتانيل والميثامفيتامين إلى مشترين أمريكيين جائعين لا يشبعون، بحسب الاتهامات الموجهة ضدهم.

كان هؤلاء الرجال أُخرجوا قسرًا من زنازينهم، بعد أن أتاحت لهم الأموال استخدام الأسلحة والكوكايين والخمور والنساء والهواتف لإدارة إمبراطورياتهم الإجرامية المربحة من خلف القضبان، ينسقون شحنات المخدرات ويأمرون بالقتل والاختطاف، وفقًا لمسؤولين أمريكيين ومكسيكيين.

في ليلتين منفصلتين هذا العام، خرج عشرات من أخطر المجرمين في المكسيك من زنازينهم مكبلي الأيدي والأرجل، مرتدين سترات مضادة للرصاص، وصعدوا إلى طائرات عسكرية مجهولة الهوية.

أخبار ذات علاقة

رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم

"لن يحدث ذلك".. المكسيك تستبعد التدخل العسكري الأمريكي

كواليس تسليم أباطرة المخدرات

وتنقل صحيفة "وول ستريت جورنال" كواليس عمليات ترحيل مثيرة لقرابة 55 من أخطر أباطرة المخدرات، مؤكدة أنهم لم يكونوا على علم بوجهتهم حتى هبطت الطائرة وفتح الباب وصرخ أحد الضباط الأمريكيين قائلًا: "Welcome to America – أهلًا بكم في أمريكا".

خياران كلاهما مر

ويقول التقرير إن أمام هؤلاء المجرمين خيارين لا ثالث لهما: إمّا أن يتحولوا إلى شهود يوشون بكل ما يعرفونه، وإمّا أن يواجهوا عقوبات قد تصل إلى المؤبد أو حتى الإعدام في سجون أمريكية فائقة الحراسة حيث لا رشوة ولا هاتف ولا زيارة نسائية.

وفي أقل من 11 شهرًا لولاية ترامب الثانية، سلمت المكسيك 55 من أكبر أباطرة المخدرات في تاريخها – بينهم قادة "كارتل سينالوا"، و"كارتل الخليج"، و"كارتل خواريز"، وبعضهم كان يُعتبر "غير قابل للمس" منذ عقود.

العمليتان الأولى في فبراير والثانية في نوفمبر تمتا في سرية تامة، بلا بيانات رسمية ولا صور، وتحت ضغط أمريكي غير مسبوق: "إما أن تسلموهم أو نأتي نحن ونأخذهم".

وكشف مسؤولون أمريكيون كبار أن هذه التسليمات هي الأكبر والأهم منذ القبض على إل تشابو غوزمان عام 2017، وربما تكون أكبر ضربة جماعية للكارتلات في تاريخ الحرب على المخدرات.

أبرز الأسماء الخطيرة

ومن بين المجرمين الذين باتوا خلف قضبان السجون الأمريكية، إسماعيل إل مايو وزامبادا وخواكين غوزمان لوبيز (ابن إل تشابو) ورافائيل كارو كينتيرو (الرجل الذي قتل عميلًا أمريكيًّا عام 1985 وكان على قائمة أكثر المطلوبين لـ38 سنة)، إضافة إلى 17 من قادة "كارتل الخليج" و"لوس زيتاس" السابقين، و3 من أخطر مهربي الفنتانيل إلى أمريكا.

اللافت أن معظم هؤلاء كانوا يديرون إمبراطورياتهم من داخل السجون المكسيكية بكل راحة: هواتف، وكوكايين، ونساء، وأسلحة، حتى حفلات، بحسب ما نقله التقرير.

وصرح مسؤول أمريكي رفيع قائلًا: "اخترنا أسوأ السجون الأمريكية عمدًا. نريد أن يواجه كل تاجر مخدرات في المكسيك مصيره الجديد عندنا".

أخبار ذات علاقة

جانب من الاحتجاجات في مكسيكو سيتي

سياسات كلوديا شينباوم الأمنية تفجر غضب الشارع في المكسيك (فيديوغراف)

وشاية وكشف أسماء جديدة

وكشف التقرير أنه في مقابل هذا الضغط بدأ بعض المجرمين بالوشاية وكشف أبرز الأسماء في الكارتلات، وطرق التهريب، والحسابات البنكية، وروابط تجمع بعض المجرمين مع مسؤولين مكسيكيين.

بدأت العملية الأولى في فبراير، عندما أمرت رئيسة المكسيك كلوديا شينباوم بتسليم 20 زعيمًا كبيرًا، معظمهم من "كارتل الخليج" وفصيله العنيف "لوس زيتاس"، بعد أن كانوا يُعتبرون "غير قابلين للمس"، ويديرون عملياتهم من سجن "ال ألفيس" الشهير في كواحولا، حيث كانت الرشاوى تسمح لهم باستقبال الزوار والإدارة اليومية للعمليات.

@eremnewsofficial

"مكسيكو_سيتي تشتعل".. الآلاف يتظاهرون احتجاجاً على السياسات الأمنية وعنف العصابات #إرم_نيوز #Mexico

♬ original sound - Erem News - إرم نيوز - Erem News - إرم نيوز

عملية سرية وسترات مضادة للرصاص

في ليلة باردة، تم نقلهم إلى قاعدة جوية سرية قرب مكسيكو سيتي، مرتدين سترات مضادة للرصاص ومقيدين، ثم صعدوا إلى طائرات C-130 عسكرية غير مسجلة تابعة للمكسيك.

العملية الثانية، في نوفمبر، كانت أكبر حيث نقلت 35 زعيمًا، بما في ذلك إسماعيل "إل مايو" زامبادا، مؤسس "كارتل سينالوا"، الذي سلم نفسه سرًّا في يوليو بعد خيانة داخلية. كما شملت خواكين غوزمان لوبيز، ابن إل تشابو، ورافائيل كارو كوينتيرو، الذي قتل عميلًا فيدراليًّا عام 1985 وكان على قائمة أكثر المطلوبين لـ38 عامًا.

هذه العمليات لم تكن سهلة، إذ يقول التقرير إنها واجهت مقاومة داخلية في المكسيك، حيث يُعتبر بعض هؤلاء الزعماء "أبطالًا شعبيين" في مناطقهم، وكانت هناك مخاوف من انتقام الكارتلات ضد الحكومة.

 لكن تحت ضغط ترامب الذي هدد بفرض عقوبات تجارية وغزو عسكري إذا لم تتعاون المكسيك وافقت شينباوم، على أمل أن تقدم الخطوة صفقة تجارية جديدة لبلادها.

دبلوماسية شينباوم الهادئة

داخل السجون المكسيكية، كانت الحياة للزعماء هذه جنة نسبية. ففي سجن "ال ألفيس"، على سبيل المثال، كان يُسمح لهم بغرف خاصة، وهواتف محمولة، وحتى حفلات، حيث صرح مسؤول مكسيكي سابق: "كانوا يديرون الكارتل كأنهم في مكتب".

وتترقب شينباوم النتائج على أمل أن تنقذ هذه الصفقة اقتصاد بلادها من العقوبات حسبما يقول الخبراء، رغم أنها وصفت قرار بلادها بتسليم المجرمين بالـ"سيادي" ويهدف إلى تعزيز الأمن الداخلي، وأنه ليس جزءًا من صفقة مع إدارة ترامب أو حماية من الضغوط الاقتصادية.

ورغم استجابة المكسيك هذه، فلا يزال يعد ترامب بمزيد من الضغط، مهددًا بقوله: "سنأخذهم جميعًا، وسنبني الجدار العازل".

وفي خضم هذه الضربة الجماعية لإمبراطوريات الكارتلات، التي سلمت فيها المكسيك 55 من أخطر زعمائها إلى قبضة واشنطن، يلوح في الأفق مشهد درامي يجمع بين التعاون الإلزامي والتوترات الاقتصادية المتفاقمة.

أخبار ذات علاقة

رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم

قرارات استثنائية وأرقام صادمة.. رئيسة المكسيك تعلن بدء الحرب على الكارتيلات

صفقات سريعة وخطوط حمراء

فمع إدارة ترامب الثانية التي هددت بتعريفات جمركية تصل إلى 30% على الواردات المكسيكية إذا لم تغلق الحدود تمامًا، ورفض الرئيسة كلوديا شينباوم لأي تدخل عسكري أمريكي مباشر، مستذكرة حرب المكسيك الأمريكية التي سلبت نصف أراضيها في القرن التاسع عشر، يبدو أن العلاقات الثنائية ستشهد صراعًا متوازنًا بين "الصفقات السريعة" و"الخطوط الحمراء"، وفق قراءة خبراء.

وشينباوم، التي نجحت في تأجيل التعريفات لـ90 يومًا مقابل نشر 10 آلاف جندي مكسيكي على الحدود الجنوبية وتعزيز مكافحة الفنتانيل، أظهرت براعتها في "الدبلوماسية الهادئة" عبر الهاتف، كما وصفها تقرير سابق لـ"بوليتيكو"، بهدف تجنب المواجهات العلنية التي أحرقت قادة آخرين.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC