وقع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيسة الوزراء اليابانية ساناي تاكايتشي، يوم الثلاثاء، اتفاقًا إطارياً يهدف إلى تأمين إمدادات المعادن النادرة وتقليص هيمنة الصين على المكونات الإلكترونية الحيوية.
جاء ذلك في قصر أكاساكا في طوكيو، وسط حضور مساعدين ومسؤولين، دون الإشارة مباشرة إلى الصين، التي تتحكم بأكثر من 90% من هذه المعادن عالميًّا، بحسب "رويترز".
تسعى الولايات المتحدة واليابان عبر الاتفاقية إلى تنويع مصادر المعادن النادرة وضمان استقرار سلسلة التوريد العالمية. وأكد البيت الأبيض أن البلدين سيستخدمان أدوات السياسة الاقتصادية والاستثمار المنسق لتطوير أسواق متعددة وعادلة للمعادن الأساسية والنادرة، مع تقديم دعم مالي لمشاريع مختارة خلال الأشهر الستة المقبلة.
كما يتضمن الاتفاق دراسة ترتيبات تخزين متبادلة والتعاون مع شركاء دوليين لضمان أمن الإمدادات. ويشير هذا الإطار إلى إدراك البلدين أن السيطرة الصينية على التعدين والمعالجة تشكل تهديدًا استراتيجيًّا، خصوصًا مع توسع قيود التصدير من بكين مؤخرًا.
استراتيجية المعادن النادرة
وفق بيانات مجموعة أوراسيا، تسيطر الولايات المتحدة وميانمار على 12% و8% من استخراج المعادن النادرة على التوالي، بينما تغطي ماليزيا وفيتنام 4% و1% من المعالجة، ما يعكس أهمية التعاون الأمريكي–الياباني لتقليل الاعتماد على الصين.
وفي إطار الاتفاقية الأوسع، تعهدت اليابان باستثمار 550 مليار دولار في الاقتصاد الأمريكي، يشمل توليد الطاقة والغاز الطبيعي المسال.
وقد كثفت اليابان مشترياتها من الغاز الأمريكي خلال السنوات الأخيرة لتقليل الاعتماد على أستراليا وروسيا، خصوصًا بعد انتهاء عقود مشروع سخالين-2.
في هذا السياق، وافقت شركة جيرا على شراء 5.5 مليون طن متري سنويًّا من الغاز الطبيعي المسال الأمريكي بعقود تمتد إلى 20 عامًا، مع بدء عمليات التسليم بحلول 2030، أي ما يقارب حجم وارداتها السنوية من سخالين-2.
كما وقعت شركة طوكيو للغاز اتفاقًا لشراء مليون طن سنويًّا من الغاز الأمريكي، تعزيزًا لتدفق الطاقة في السوق اليابانية.
وتظل قضية التكلفة والتوافر محور النقاش، إذ يشير المحللون إلى أن الغاز الروسي الحالي يعد الأرخص والأقرب لليابان، بينما يتطلب استيراد الغاز من ألاسكا أو ساحل الخليج الأمريكي وقتًا أطول وتكاليف أعلى.
وقال نوبيو تاناكا، الرئيس التنفيذي لشركة تاناكا جلوبال، إن التحدي يكمن في قدرة الولايات المتحدة على تزويد اليابان بالغاز الطبيعي بسعر منافس للغاز الروسي.
انعكاسات الاتفاق
يأتي توقيع الاتفاق قبل لقاء ترامب والرئيس الصيني شي جين بينج المقرر الخميس، على هامش قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ.
ومن المتوقع أن يناقش الزعيمان الرسوم الجمركية الأمريكية وضوابط تصدير المعادن النادرة الصينية، في وقت يشهد العالم توترات متزايدة حول تأمين الإمدادات التكنولوجية والاستراتيجية.
ويعكس الإطار الأمريكي–الياباني رغبة البلدين في تحييد المخاطر الناتجة عن الاعتماد على الصين، وبناء سلسلة توريد مستقرة للمعادن الأساسية والطاقة، مع تعزيز الاستثمارات الأمريكية في اليابان.
وهو مؤشر واضح على تنسيق استراتيجي بين حليفين رئيسيين لمواجهة المنافسة الاقتصادية والتكنولوجية المتصاعدة في آسيا، في وقت يتزايد فيه الاعتماد على المعادن النادرة والغاز الطبيعي كمحددات أساسية للسياسة الصناعية والأمنية.