logo
العالم

لقاء ترامب وناوروكي.. هل كشف دور واشنطن كـ"ركيزة" للأمن البولندي؟

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ونظيره البولندي كارول ناروكي المصدر: جيمس تاون فاونديشن

أعاد لقاء الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره البولندي كارول ناوروكي في البيت الأبيض مؤخرًا؛ تأكيد دور واشنطن كركيزة أساسية للأمن البولندي، لكنه أثار جدلاً داخليًا واسعًا حول مدى اعتماد وارسو على الدعم العسكري الأمريكي، وهل يشكل هذا الاعتماد ضمانًا حقيقيًا للأمن أم بداية لفقدان الاستقلال الاستراتيجي للبلاد.

وكشفت مؤسسة "جيمس تاون فاونديشن" أن ناوروكي، حين كان مرشحًا رئاسيًا، استغل زيارة مايو السابقة للبيت الأبيض لإظهار قدرته على بناء علاقات وثيقة مع الإدارة الأمريكية، وتسليط الضوء على التوترات بين رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك وترامب.

أخبار ذات علاقة

الحدود إلى شبه جيب كالينينغراد الروسي قرب ليتوانيا

ردا على وارسو.. روسيا تغلق القنصلية البولندية في كالينينغراد

تعهد ترامب؟.. حماسة وشكوك

وبحسب مصادر، فإن ترامب خلال الاجتماع الرسمي في سبتمبر، تعهَّد بعدم تقليص القوات الأمريكية في بولندا وربما زيادتها؛ ما أثار حماسة سياسية، لكنها ترافقت مع شكوك حول التكاليف المحتملة واستمرارية هذه السياسة على المدى الطويل.

ويرى الخبراء أن جميع الحكومات البولندية، تاريخيًا، لطالما حرصت منذ 1991 على تعزيز علاقاتها مع الولايات المتحدة، خاصة بعد غزو روسيا لشبه جزيرة القرم العام 2014، الذي كشف الطبيعة التوسعية للسياسة الروسية وأجبر الناتو بقيادة الولايات المتحدة على تعزيز الردع في الجناح الشرقي. ولذلك فإن الدعم الأمريكي يحظى بتقدير واسع في المجتمع البولندي، حيث يحتفظ كثيرون برؤية إيجابية تجاه واشنطن كرائد للحرية وضامن للنظام الدولي الليبرالي.

أخبار ذات علاقة

 مقر حلف الناتو في بروكسل عاصمة بلجيكا

هل يواجه الناتو مصير حلف وارسو؟

اشتعال تنافس سياسي داخلي 

مع ذلك، أعاد تنصيب ناوروكي في أغسطس تشكيل المشهد السياسي الداخلي؛ فبينما تبنى ناوروكي موقفًا أكثر صرامة تجاه حكومة توسك، استُخدم الاجتماع الأمريكي كأداة للتنافس السياسي الداخلي، حيث شكك التحالف الحكومي بكفاءته وقلل من أهمية الزيارة، فيما استبعد ناوروكي ممثلي وزارة الخارجية من وفده.

وبحسب مراقبين، فإن الوفد البولندي ركز على استمرار الوجود العسكري الأمريكي في بولندا، وسط مخاوف من مراجعة محتملة لهذه السياسة، خاصة مع قرب صدور استراتيجية الأمن القومي الأمريكي ومراجعة الوضع العسكري. وبرغم أن ترامب لأول مرة أعلن عدم نيته تقليص القوات الأمريكية وربما زيادتها، إلا أن بعض المحللين ظلوا متحفظين حول التكاليف والمخاطر المستقبلية.

شبح "الخضوع الذاتي" يلوح في الأفق

أثار بعض المحللين البولنديين قلقًا من أن الاعتماد على واشنطن قد يؤدي إلى ما وصفوه بـ"الخضوع الذاتي"، وأن التراجع الأمريكي قد يترك بولندا في مواجهة التحديات الروسية بمفردها، كما أن الأحداث الأخيرة، بما في ذلك ردود واشنطن على استفزازات روسيا، أثرت على صورة الولايات المتحدة كشريك موثوق في بولندا.

إضافةً إلى ذلك، يتم تنسيق مستقبل الوجود العسكري الأمريكي في بولندا مباشرة عبر قيادة وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسث ومسؤول الأمن القومي البولندي سلافومير سينكيفيتش، مع تعاون محدود من بعض أعضاء حكومة توسك؛ ما يعكس الانقسامات الداخلية ويضع تحديات أمام تحديد سياسة دفاعية متكاملة.

وعلى الرغم من رغبة بولندا في لعب دور فاعل كركيزة أمنية في الناتو، إلَّا أن هناك قناعة واسعة بأنها لا تستطيع ردع روسيا دون دعم الولايات المتحدة، وأن تعزيز هذا الدور يشمل طلبات متعلقة بالتواصل الاستراتيجي، وتوطين القوات الأمريكية الدائمة، والمشاركة النووية المحتملة، ونقل التكنولوجيا العسكرية والمدنية.

كما شكلت دعوة ترامب لناوروكي لحضور قمة مجموعة الـ20 القادمة فرصة لتعزيز مكانة بولندا على المستوى الدولي، مع دعم لاحق من الصين، رغم أن العضوية الرسمية غير مضمونة بعد.

ومع ذلك، تظهر التجربة أن بولندا أمام معادلة دقيقة: الاستفادة من الدرع الأمريكي لتعزيز أمنها الإقليمي، مع الحفاظ على استقلالها الاستراتيجي وتفادي الوقوع في فخ التبعية الكاملة للسياسة الأمريكية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC