زيلينسكي: مباحثات "غير سهلة" ولكن "مثمرة" مع الأمريكيين في برلين

logo
العالم

اقتصاد منهك وقوميات محتقنة.. إيران تواجه جبهة داخلية مشتعلة قبل الحرب مع إسرائيل

مظاهر الحياة العامة في العاصمة الإيرانية طهرانالمصدر: (أ ف ب)

في ظل تصاعد احتمالات المواجهة من جديد بين طهران وتل أبيب، تواجه  إيران وضعاً داخلياً معقداً ومتعدد الأبعاد، فمن جهة، تتزايد الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على الرأي العام، ومن جهة أخرى، تبرز مؤشرات على تنامي حالات السخط واللاامتثال في بعض المناطق ذات البعد القومي.

وهذا التزامن يحوّل معادلة الأمن القومي الإيراني، قبل أي صدام خارجي، إلى اختبار داخلي بالغ الحساسية.

ويرى خبراء اقتصاديون أن الأزمة المعيشية باتت العامل الأبرز في الضغط الاجتماعي داخل إيران، فالتضخم المزمن، وتراجع قيمة العملة الوطنية، واتساع رقعة الفقر، إلى جانب انسداد آفاق التحسن، كلها عوامل أسهمت في تآكل الثقة بين المجتمع والدولة.

ويقول الخبير الاقتصادي "إيرج نديمي" لـ"إرم نيوز"، إنه "في ظل انشغال شريحة واسعة من المجتمع بتأمين أساسيات البقاء، فإن أي تصعيد خارجي قد لا يؤدي إلى تعبئة وطنية، بل قد يُفعّل حالة السخط الكامن"، مبيناً أن "المجتمع الذي يشعر بأنه يدفع كلفة السياسة الخارجية، لا يمتلك الاستعداد النفسي لتحمّل مواجهة طويلة".

ولفت إلى أن "الفجوة بين الخطاب الرسمي حول النفوذ الإقليمي الإيراني وبين الواقع المعيشي اليومي للمواطنين، تمثل أحد أبرز أسباب تراجع رأس المال الاجتماعي للنظام".

ويحذر من أن استمرار الفجوة بين السلطة والمجتمع، بالتزامن مع تصاعد التوتر مع إسرائيل، قد يحول الضغوط الداخلية إلى نقاط ضعف خطيرة.

ويرى نديمي أن أي تصعيد خارجي في ظل هذا الوضع الداخلي الهش سيزيد من المخاطر، مشدداً على أن فتح المجال السياسي وتحسين السياسة الخارجية والتفاوض مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية يشكلان المدخل الحقيقي لاحتواء الأزمات عبر رفع العقوبات.

التحدي القومي

وبالتوازي مع الضغوط الاقتصادية، تشهد بعض المناطق القومية في إيران مثل كردستان وبلوشستان وأجزاء من خوزستان مستويات أعلى من الاحتقان السياسي والأمني، ورغم أن هذه التحركات لا تتخذ بالضرورة طابعاً انفصالياً منظماً، إلا أن خبراء سياسيين يحذرون من تحولها إلى نقاط ضعف في حال اندلاع أزمة خارجية كبرى.

ويرى المحلل السياسي الإيراني أحمد المذحجي لـ"إرم نيوز"، أن المسألة القومية في إيران ليست أزمة هوية بقدر ما هي نتاج للتهميش التنموي والتمييز البنيوي وانسداد الأفق السياسي،لكن في أجواء الحرب، يمكن أن تتحول هذه المطالب إلى أدوات ضغط تستثمرها أطراف خارجية".

وأضاف المذحجي أن "إنعدام فرص العمل وتزايد معدلات الفقر والبطالة والتهميش في المناطق العربية مثلاً وكذلك الأقلية البلوشية والكردية هي خطر يهدد استقرار البلاد في حال تعرضت لأي هجوم خارجي في المستقبل"، منوهاً أن "بعض الجهات الحكومية ولا سيما الأمنية تتعامل مع هذه المخاطر على أنها جزء من "حرب مركبة" تستهدف الداخل الإيراني".

وأكد أن "الأوضاع سيئة، مع التأكيد في الوقت نفسه على أن من حق الناس العيش برفاه، فالرفاه لا يتحقق عبر التصريحات الخطابية. للأسف، بدل تنفيذ ما ينبغي القيام به".

وتابع "في مثل هذه الظروف؛ تحتاج سياسة إيران إلى مزيج من الواقعية؛ والمرونة؛ وإعادة النظر في الأولويات؛ لأن العالم الذي ترسمه وثيقة الأمن القومي الأمريكي لعام 2025 لم يعد يشبه العقود الماضية؛ وقد لا تعود القواعد القديمة صالحة للتعامل معه؛ وأنّ الضغوط المقبلة لن تكون على شكل هجوم عسكري؛ بل في صورة تقليص تدريجي للقدرة الوطنية؛ وهذا النوع من الضغط هو غالباً الأخطر".

معركة الوعي والرواية

من جهتها، تقول استاذة علم الاجتماع في جامعة العلامة طباطبائي بطهران، فاطمة نوري راد "إذا لم يقتنع المجتمع بأن التهديد الخارجي حقيقي ولا يمكن تجنبه، فإن أي كلفة تُفرض تحت عنوان الأمن القومي ستواجه برفض اجتماعي".

وأضافت نوري راد في حديثها لـ"إرم نيوز"، أن "الدولة الإيرانية بحاجة إلى إقناع داخلي قبل أي مواجهة عسكرية"، مشيرة "نحن الآن نعيش معركة الوعي والرواية خصوصاً بعد حرب الـ 12 يوماً".

ولفتت إلى أن "على البلاد، في ظل الظروف الراهنة، أن تضبط سياساتها الداخلية بما يتلائم مع هذه الأوضاع، وللأسف، كان النهج المتبع في الحكومات المتعاقبة يقوم على القول إن العقوبات لا تأثير لها، وأن علينا أن نعيش حياتنا بشكل طبيعي وكأن شيئاً لم يحدث. أي نوع من اتخاذ القرار هذا".

وترى الباحثة الاجتماعية أن مواجهة التهديدات الخارجية تستوجب إعادة ضبط السياسات الداخلية عبر الترشيد الحقيقي، ومحاربة الريع والفساد، واعتماد سياسات انكماشية تقلل الهدر والإنفاق غير الضروري.

وتؤكد أن الاعتماد على الشعارات أو الميزانيات التوسعية لن يحل الأزمات، وأن الحل يكمن في قرارات واقعية وصارمة تعكس حجم التحديات التي تواجه البلاد.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC