رفعت الولايات المتحدة، الحظر المفروض على تصدير السلاح إلى كمبوديا، وأعلنت استئناف مناورات الدفاع المشتركة "أنغكور سنتينل"، في خطوةٍ تعكس عودة دفء العلاقات بعد سنواتٍ من التوتر والانقطاع؛ بهدف إعادة كمبوديا إلى المدار الأمريكي في مواجهة الوجود الصيني وتراجع نفوذ بكين الإقليمي.
وبحسب "ديفينس نيوز"، فإن القرار الأمريكي الذي جاء بعد 4 سنوات من العزلة العسكرية مع كمبوديا، تمخّض عن لقاءٍ بين الرئيس دونالد ترامب ورئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت على هامش قمة زعماء "آسيان" في كوالالمبور مؤخرًا، حيث اتفق الجانبان على إعادة تفعيل التعاون الدفاعي وتوسيع فرص التدريب للضباط الكمبوديين في الكليات العسكرية الأمريكية.
ويرى المحللون أن هذه الخطوة التي اتخذها وزير الخارجية ماركو روبيو بإنهاء الحظر المفروض منذ عام 2021، تعد جزءًا من استراتيجية أمريكية أوسع لاحتواء النفوذ الصيني في جنوب شرق آسيا؛ فكمبوديا، الحليف الإقليمي الصغير لبكين، باتت محورًا لتنافسٍ جيوسياسي متجدد، بعدما تحولت إلى محطةٍ رئيسية لمشاريع "الحزام والطريق" وموطئ قدمٍ بحري محتمل للصين في قاعدة "ريام" الساحلية.
وأشار الخبراء إلى أن واشنطن تستخدم مزيجًا من "المكافآت والردع" لإعادة تشكيل الخريطة الإقليمية؛ إذ يرى المحلل غافن غرينوود أن رفع الحظر يمثل "جزءًا من حملة أمريكية أوسع لتقليص مدار بكين العالمي عبر إعادة تأهيل حلفاء سابقين فقدوا الثقة بالولايات المتحدة خلال العقد الماضي".
كمبوديا من جانبها رحبت بالقرار معتبرةً أنه "خطوة لحماية السلام مع الجيران والحفاظ على الاستقرار الداخلي"، في إشارة إلى تصريحات رئيس الوزراء السابق هون سين، الذي لا يزال يحتفظ بنفوذ واسع في دوائر الحكم؛ خصوصًا بعد تغيُّر المشهد الاقتصادي والسياسي في فنوم بنه، مع تراجع التمويل الصيني وفضائح الفساد وغسل الأموال التي طالت مؤسسات مالية كبرى مثل "برينس بنك"؛ الأمر الذي أعاد رسم أولويات الحكومة الجديدة التي باتت تسعى لتوازنٍ أوضح بين الشرق والغرب.
ومن اللافت أن عودة العلاقات العسكرية الأمريكية، تأتي بالتوازي مع زيارة سفنٍ حربية متعددة الجنسيات إلى الموانئ الكمبودية، في إشارةٍ إلى انفتاحٍ محسوب على القوى الكبرى؛ ففي الأشهر الأخيرة رست سفن من اليابان وأستراليا وروسيا وفيتنام، إضافةً إلى المدمّرة الأمريكية "يو إس إس سافانا".
ويعتقد مراقبون أن كمبوديا تفتح صفحةً جديدة في علاقاتها مع واشنطن، مدفوعةً بأزمة اقتصادية خانقة وتراجع الدعم الصيني، فيما تسعى الولايات المتحدة لتثبيت موطئ قدمٍ جديد في قلب آسيا القارية، على تخوم النفوذ الصيني، ما يعيدها إلى لعبة التوازن الكبرى ولكن بشروطٍ أمريكية هذه المرة.