logo
العالم

وسط أزمة الثقة مع روسيا .. هل تتحول أرمينيا إلى أوكرانيا جديدة؟

وسط أزمة الثقة مع روسيا .. هل تتحول أرمينيا إلى أوكرانيا جديدة؟
ترامب يرعى اتفاق السلام بين أرمينيا وأذربيجانالمصدر: رويترز
26 أغسطس 2025، 3:58 ص

شكل تخلي روسيا عن حليفتها أرمينيا في أحداث فاصلة مرت بها الدولة المجاورة، إلى تغيير تاريخ ومستقبل وشكل وخريطة البلاد؛ ما دل على اتساع "أزمة الثقة" بين البلدين.

ويرى خبراء في العلاقات الدولية، أن ذهاب أرمينيا إلى الغرب والاعتماد عليه كحليف، يأتي وسط تبدد الثقة من يريفان في موسكو.

وأشاروا إلى أن ذلك تم على مدار أكثر من 100 عام، بين المذابح التي تعرض لها الأرمن على يد الدولة العثمانية دون أي تدخل من الإمبراطورية القيصرية وقتئذ، وصولا إلى مقعد روسيا "كمتفرج" في اقتطاع إقليم "كاراباغ" منها على يد أذربيجان، بل الذهاب إلى إرضاء الأخيرة في هذه المواجهة إرضاء لتركيا.

وفي الوقت ذاته، أكد خبراء ما وصفوه بـ"التحريض الغربي" لـ"يريفان" على موسكو وما وجدوه من محاولات "دق إسفين" بين موسكو ودول في منطقة القوقاز عبر أكثر من مشهد، قد يجعل أرمينيا في وقت قريب عبارة عن "أوكرانيا جديدة".

أخبار ذات علاقة

جانب من إعلان الاتفاق

رئيس وزراء أرمينيا يطلع بوتين على تفاصيل لقائه مع ترامب

 

وشهدت أرمينيا مؤخرا احتجاجات أمام قاعدة للجيش الروسي في مدينة غيومري الأرمنية، طالبت بإنهاء الوجود العسكري الروسي في البلاد، وذلك بعد أن اعتمدت أرمينيا، فترة طويلة على روسيا لتعزيز أمنها في مواجهة جارتها أذربيجان.

لكن العلاقات بين الحليفين التقليديين توترت منذ الهجوم الذي شنته أذربيجان على ناغورني كاراباغ عام 2023 ولم تتدخل فيه موسكو لدعم أرمينيا.

ويرى مدير مركز جي أس أم للدراسات، د. آصف ملحم، أن تحريك جنوب القوقاز الذي تتواجد فيه أرمينيا، مسعى غربي قديم، بعد أن كانت البداية بشمال القوقاز في الشيشان تسعينيات القرن الماضي، عندما حركت واشنطن هذه المنطقة تحت شعارات دينية وإثنية.

وأوضح "ملحم" في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن روسيا تحاول تمديد نفوذها تجاه المياه الدافئة عبر القوقاز حيث تبني خط "شمال - جنوب" من موسكو إلى بحر قزوين وله تفرعات في جمهوريات محيطة ثم الاتجاه إلى طهران ثم بندر عباس وصولا إلى مومباي في الهند".

أخبار ذات علاقة

ترامب وعلييف وباشينيان بعد توقيع الاتفاق

السيناريو الأسوأ.. هل تكتب "اتفاقية تريب" شهادة وفاة النفوذ الروسي بالقوقاز؟

 

وتابع: "هو خط استراتيجي سيحاصر العديد من المسافات اللوجيستية وجزء مكمل من طريق الحزام والطريق، ولذلك خلق بؤر توتر في جنوب القوقاز يفصل روسيا عن هذه المنطقة".

وبين أن التحريض الأمريكي الغربي لا يقتصر على أرمينيا فقط بل يذهب إلى دول أخرى هناك، والدول الأوروبية والولايات المتحدة تعمل على دعم أرمينيا وسط مسعى غربي لضمها إلى حلف الناتو مستقبلا.

وفسر ذلك بأن دول الناتو قياسا على الأزمة الأوكرانية لا تدخل في مواجهة مباشرة مع روسيا بل تدعم بالسلاح كما جرى مع كييف، وقد يأتي قادة أرمن "متهورين" على حد وصفه، ويذهبون إلى مواجهة مع موسكو.

وأشار إلى أن العلاقة بين أرمينيا وروسيا قد يكون كل شيء فيها على ما يرام ولكن إثارة الأزمات بينهما قائمة وعديدة عبر عدة طرق.

واستطرد: "لذلك فإن إثارة الأزمة الحالية بين موسكو ويريفان، هدفها دق إسفين بين الجانبين، وهناك جهات تحرض الأخيرة ضد روسيا بهدف خلق بؤرة توتر جديدة وسط مخاوف بأن تتحول أرمينيا إلى "أوكرانيا جديدة" في المستقبل القريب".

ودلل ملحم على ذلك، بأن باريس على سبيل المثال، دربت مجموعة كبيرة من الوحدات العسكرية الأرمنية على الدفاعات الجوية الفرنسية، بكفاءة منظومات باتريوت وهناك تعاون عسكري مستمر بين يريفان ودول الناتو.

واستكمل أن "تعامل موسكو مع يريفان تاريخيا مختلف عن كييف، حيث إن الأخيرة كانت جزءا من الإمبراطورية الروسية ولكن أرمينيا لا تتشابه من حيث اللغة أو الثقافة لا سيما أن هناك مانعا طبيعيا وهي جورجيا".

وأردف: "لذلك سيكون صعبا على روسيا التعامل مع هذا الملف إذا وجدت موسكو نفسها أمام واقع جديد يتعلق بأرمينيا على طريقة أوكرانيا، لا سيما أن هناك قوى أخرى تحاول أن تتمدد تجاه القوقاز وهي تركيا".

فيما يقول أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور عبد المسيح الشامي، إن "أزمة الثقة" بين الأرمن والروس، باتت العنوان المستمر في العلاقة بين موسكو ويريفان، وهي قديمة جديدة، تعود لفترة مجازر الأرمن التي قامت بها الدولة العثمانية، منذ أكثر من قرن من الزمن، وتعود الآن مع ما جرى في إقليم كاراباخ.

وأضاف الشامي في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الأرمن يعتقدون أن موسكو لم تساعدهم أمام مذابح العثمانيين على الرغم من أن علاقتهم مع روسيا حينئذ كانت إحدى الذرائع التي سار عليها الأتراك في ارتكاب المجازر الشهيرة معهم، بحجة أن الأرمن ساعدوا الروس في المواجهة بين الإمبراطوريتين القيصرية والعثمانية.

وبحسبه، فإن روسيا في السنوات الأخيرة، ارتكبت الخطأ نفسه مع الأرمن في الحرب مع أذربيجان بهجوم الأخيرة على كاراباخ واحتلت جزءا كبيرا منها ولم يقم الروس بأي دور بل كانوا يميلون إلى باكو إرضاء لتركيا في ظل تنسيق بين أنقرة وموسكو ضمن حاجة موسكو لأنقرة في الأزمة السورية قبل سقوط نظام الأسد.

واستطرد الشامي أنه في عام 2023 قامت أذربيجان بهجوم جديد واحتلوا كافة أراضي "كاراباخ" وخسرت أرمينيا كل شيء، في وقت يعتبر هذا الإقليم مقدسًا وله أهمية تاريخية للأرمن، وعدم دفاع روسيا عنهم أدى إلى هذه القطيعة.

أخبار ذات علاقة

ترامب وعلييف وباشينيان بعد توقيع الاتفاق

برميل البارود بنخجوان.. ممر ترامب ينذر ببعثرة خريطة النفوذ في القوقاز

 

وأكد أنه بسبب كل هذا الميراث، اتجهت أرمينيا إلى الغرب وتخلت إلى حد ما عن العلاقة مع روسيا لأنه بات لديها قناعة أن موسكو ليست الحليف الذي من الممكن الاعتماد عليه.

واستكمل أنه منذ أيام تم توقيع اتفاقية السلام بين أذربيجان وأرمينيا واعترفت الأخيرة بسيطرة باكو على الإقليم وبالتالي انتهت حقبة صراع بمنأى عن الروس في ظل دور للغرب.

وأضاف: "يريفان حرصت على ألا يكون هناك دور لموسكو في ذلك ليكون بداية النهاية للعلاقة الروسية الأرمينية نتيجة سلسلة طويلة من عدم الثقة في مراحل مهمة حددت تاريخ ومستقبل وشكل وخريطة أرمينيا، مما جعل الأرمن لديهم تقييم سيء جدا لروسيا".

 

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC