logo
العالم

ترحيل قسري يثير الجدل.. أفارقة "بلا أوراق" في توغو بعد طردهم من أمريكا

عملاء فيدراليون يحتجزون رجلًا بعد جلسة استماعالمصدر: غيتي إيمجز

بين قرارات قضائية معطلة، وضغوط دبلوماسية، وفوضى على الحدود الإفريقية، تعيد سياسات الهجرة المتشددة التي أطلقها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رسم ملامح أزمة إنسانية جديدة.

وقالت صحيفة "لوريان لوغور" الفرنسية، إنه في مشهد يختصر قسوة السياسات الأمريكية تجاه المهاجرين، وجد عدد من مواطني دول غرب إفريقيا أنفسهم عالقين على الحدود بين غانا وتوغو، بعدما تم ترحيلهم قسرًا من الولايات المتحدة في إطار برنامج الطرد الجماعي، الذي توسّع بشكل لافت خلال إدارة ترامب.

ورغم صدور أحكام قضائية أمريكية تمنع إعادة بعضهم إلى بلدانهم الأصلية؛ خوفًا من تعرضهم للاضطهاد، تم نقلهم إلى غانا ومنها إلى توغو، دون وثائق هوية، ليصبحوا عمليًا في حالة تيه قانوني وإنساني.

أخبار ذات علاقة

مهاجرون أفارقة

إعادة مهاجرين أفارقة لبلدانهم بعد ترحيلهم من أمريكا إلى غانا

مأساة على الحدود 

وبحسب شهادات نقلتها الصحيفة الفرنسية، وصل ما بين 8 - 10 مطرودين إلى توغو عبر طرق غير رسمية، بعدما رفضت غانا استقبالهم بشكل دائم.

"الوضع مروع"، هكذا يصف بنيامين (اسم مستعار)، وهو مواطن نيجيري طرد رغم حكم قضائي يحميه من الإبعاد إلى بلاده.

ويضيف أنه يعيش في غرفة فندق متواضعة مع ثلاثة آخرين، يتقاسمون سريرًا واحدًا، ويعتمدون على حوالات مالية صغيرة من أسرهم في الولايات المتحدة.

المفارقة أن بنيامين كان ينتظر لم شمله بأسرته الأمريكية، بعدما أكد قاضٍ في يونيو/ حزيران الماضي أن عودته إلى نيجيريا تشكل خطرًا على حياته؛ بسبب نشاطاته السياسية السابقة، لكنه وجد نفسه برفقة آخرين في غانا، ثم في توغو، بلا جواز سفر ولا اعتراف رسمي بوضعه.

"ثغرات قانونية"  

وبحسب المحامية الأمريكية ميريديث يون، فإن ما جرى يفضح استغلال واشنطن لـ"ثغرات قانونية" تسمح بترحيل أشخاص حتى مع وجود قرارات قضائية لصالحهم.

فقد أعلنت السلطات الغانية في سبتمبر/ أيلول استقبال أول دفعة تضم 14 مرحلًا، على أن يتم لاحقًا إعادة كل واحد منهم إلى بلده الأصلي.

وبالفعل، تم تسليم أحد المرحّلين - وهو شاب غامبي ثنائي الميول الجنسية - إلى بلاده، حيث يعيش متخفيًا، في مجتمع يجرم العلاقات المثلية.

معاناة في المعسكرات

ويروي المطرودون أنهم قضوا أسبوعين في معسكر عسكري بغانا وسط ظروف قاسية: حرارة خانقة، ولسعات بعوض، وشحّ في المياه الصالحة للشرب.

بعدها، تم نقلهم إلى الحدود مع توغو، وتسليمهم بشكل غير رسمي إلى السلطات المحلية، قبل أن يُتركوا في العراء بلا أوراق ثبوتية.

من جانبه، قال إيمانويل، وهو لاجئ ليبيري قديم متزوج من أمريكية، ويحمل بطاقة إقامة دائمة، لكنه أُبعد رغم طعنه القانوني :"نحن نعيش في الخفاء".

انتقادات دولية

وأعربت المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن قلقها، ودعت غانا إلى وقف الترحيل نحو بلدان قد يتعرض فيها المبعدون لخطر التعذيب أو الاضطهاد.

لكن وزارة الخارجية الأمريكية ردّت مؤكدة أنها ستواصل استخدام "كل الوسائل القانونية" لترحيل من تعتبرهم "مقيمين غير شرعيين".

أخبار ذات علاقة

من اعتقال الشرطة الأمريكية لشخص

أمريكي يطالب بتعويض "فلكي" مقابل تعنيفه على يد عناصر الهجرة

 "أداة صدام"

من جهته، قال الباحث في شؤون الهجرة بجامعة باريس، باتريك ويل، لـ"إرم نيوز"، إن هذه الحالات "تجسد إرث سياسات ترامب المتشددة التي جعلت من الهجرة ملفًا أمنيًا بحتًا، بدلًا من مقاربة إنسانية أو قانونية".

وأضاف ويل أن "الإدارة الأمريكية أرست نموذجًا يقوم على الردع والصدمة، أي ترحيل جماعي قاسٍ بلا اعتبار للأحكام القضائية ولا للاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. 

ورأى ويل أن "ما نشهده اليوم هو استمرار لهذا النهج الذي يضع حياة أفراد على المحك، ويضعف صورة الولايات المتحدة كدولة قانون"، مشيرًا إلى أن أوروبا قد تشهد بدورها تزايد سياسات مماثلة مع صعود اليمين المتطرف.

وأشار الباحث الفرنسي إلى أن الملف لا يقتصر على معاناة المطرودين فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على أزمة ثقة بين القضاء والإدارة في الولايات المتحدة، وعلى هشاشة التعاون بين واشنطن ودول غرب إفريقيا، التي تجد نفسها مضطرة للتعامل مع عائدين غير مرغوب فيهم، ولا يملكون أوراقًا رسمية.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC