في تطور يزيد من الغموض حول مستقبل الحرب الروسية الأوكرانية، خرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتصريح متناقض يتعلق بمحادثات التسوية، وقال: "نحقق تقدمًا في التسوية الأوكرانية، لكن النفور لا يزال سائدًا بين الأطراف"، ما يعني أن الحرب أمام سيناريو "يُدار فيه الصراع بدقة، لا لإنهائه، بل للحفاظ على توازن القوى"، بحسب خبراء.
وكانت السعودية استضافت جولات من المباحثات، شارك فيها ممثلون عن عدة دول كبرى، في محاولة لصياغة تسوية ترضي جميع الأطراف.
وأشارت التقارير إلى أن بعض الدول الغربية لم تكن متحمسة لإنجاح هذه المباحثات، خشية أن تؤدي إلى اتفاق قد يمنح روسيا شرعية على الأراضي التي ضمتها.
ورغم المحاولات الأمريكية لتصوير الموقف على أنه في طريقه إلى الحل، فإن الواقع يُشير إلى أن الحرب لا تزال بعيدة عن نهايتها، خاصة وأن روسيا غير مستعدة للتراجع، بالإضافة إلى أن الغرب ليس مستعدًا للتخلي عن دعم أوكرانيا.
ورأى المحلل السياسي والخبير في الشؤون الروسية محمود الأفندي، أن "الأزمة الأوكرانية لم تصل إلى نهايتها بعد"، مؤكدًا أن تصريحات ترامب حول إنهاء الحرب خلال 24 ساعة لم تكن سوى جزءًا من دعايته الانتخابية.
وأوضح الأفندي لـ"إرم نيوز"، أن "إنهاء حرب استمرت لأكثر من 3 سنوات، وتورطت فيها أطراف دولية عديدة، ليس بالأمر السهل، خاصة وأن الحرب في أوكرانيا ليست مجرد نزاع بين دولتين، بل تمثل ساحة لصراع أوسع بين روسيا والغرب".
وأشار إلى أن "الحراك السياسي أصبح أكثر بروزًا من التحركات العسكرية، ما يعد نجاحًا لإدارة ترامب في محاولاتها لاحتواء النزاع الروسي - الأوكراني".
وأضاف الأفندي، أن "روسيا تحقق أهدافها الاستراتيجية تدريجيًا، لكن الأهم هو الحيلولة دون تحول النزاع إلى مواجهة عالمية أوسع".
واعتبر أن "عودة اتفاقية الحبوب، وتأمين الملاحة في البحر الأسود، ووقف استهداف منشآت الطاقة بين روسيا وأوكرانيا، كلها خطوات مهمة على طريق تسوية شاملة".
وتوقع أن "تتضح نتائج هذه الجهود خلال الشهر المقبل؛ ما قد يمهد الطريق لمرحلة جديدة من المفاوضات السلمية".
ومن جانبه، قال الأستاذ في المدرسة العليا للاقتصاد بموسكو رامي القليوبي، أن "دعوة ترامب لإنهاء الحرب لا تزال قائمة، إذ يسعى الرئيس الأمريكي لترسيخ اسمه كشخص قادر على إنهاء النزاعات، وربما حتى الفوز بجائزة نوبل للسلام، لكنه قد لا يدرك تمامًا تعقيدات النزاع الروسي - الأوكراني، الذي يحمل في طياته أبعادًا قومية وتاريخية عميقة".
وأضاف القليوبي، أن "الحروب عادة ما يصعب إنهاؤها إلا بحسم عسكري واضح، وهذه هي المعضلة الكبرى، إذ لا يبدو أن أيًا من الطرفين قادر على تحقيق نصر حاسم، ورغم سيطرة روسيا على نحو 20% من الأراضي الأوكرانية، فإن استمرار الدعم الغربي لكييف يعزز من قدرتها على المقاومة".
وتوقع أن "يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار قريبًا، إذا استمرت الولايات المتحدة في ممارسة ضغوط جادة لإنهاء النزاع".
وأوضح أن "بعض الأطراف الأوروبية قد تحاول عرقلة أي اتفاق، لكن النفوذ الأمريكي قادر على فرض الحلول المناسبة، خصوصًا مع وجود مصالح اقتصادية مشتركة بين جميع الأطراف".
