logo
العالم

تأجيل "مناورات موسى-3".. البحرية الإيرانية تثير الجدل في جنوب أفريقيا

سفن حربية إيرانيةالمصدر: (أ ب)

في مشهد يعكس تداخل الأمن بالسياسة والجيوسياسة، تحوّلت مناورات "موسى-3" البحرية، التي كان يُفترض أن تستضيفها جنوب أفريقيا، إلى ساحة جديدة لاختبار حدود النفوذ الإيراني وتوازنات بريتوريا مع القوى الدولية.

تبدو القصة للوهلة الأولى مجرد تمرين بحري مؤجل، لكنها تكشف عن شبكة أعمق من الحسابات الإقليمية والدولية، وعن توظيف طهران للبحرية كأداة دبلوماسية وسط تضاؤل أوراقها التقليدية، بحسب موقع "The Maritime Executive".

فقدت طهران، منذ اندلاع الحرب في غزة وتراجع "محور المقاومة"، الكثير من ركائز نفوذها: تراجع حضورها في العراق وسوريا، وتقلص تأثيرها في لبنان، وتعرضت مصالحها لضغوط جراء اتفاقات السلام بين أرمينيا وأذربيجان؛ حتى ثقة روسيا والصين، حليفتيها التقليديتين، أصبحت محكومة ببراغماتية علاقاتهما مع واشنطن.

أخبار ذات علاقة

الرئيس الأمريكي ورئيس جنوب أفريقيا

ترامب يضغط وبريتوريا تناور.. جنوب أفريقيا تتجه نحو الحضن الآسيوي-الروسي

في هذا السياق، بدت دعوة جنوب أفريقيا للمشاركة في مناورة “موسى-3” فرصة ذهبية لإيران لاستعراض حضورها خارج الشرق الأوسط، وإعادة تقديم نفسها كلاعب قادر على نسج شراكات أمنية مع قوى ناشئة ضمن فضاء “بريكس”.

تصدّع داخل جنوب أفريقيا

كانت زيارة رئيس الأركان الجنوب أفريقي، رودزاني مافوانيا، إلى طهران في أغسطس الماضي نقطة التحول.

أثارت تصريحات الرجل عن "الأهداف المشتركة" مع "إيران المحبة للسلام"، وانتقاده للولايات المتحدة، استياء الرئيس سيريل رامافوزا، الذي يسعى لتحسين علاقاته مع واشنطن وتجنب أي إشارة لانحياز جيوسياسي.

غير أن رد رامافوزا كان حذرًا، إذ اكتفى بانتقاد خافت للجنرال من دون اتخاذ إجراء صارم، ما أثار جدلًا داخليًا حول حدود استقلال المؤسسة العسكرية ودورها في رسم السياسة الخارجية.

سجل طويل من التواصل البحري

ليست هذه المرة الأولى التي تستخدم فيها طهران المسار البحري لتثبيت حضورها في جنوب القارة الأفريقية؛ فمنذ رسوّ سفينة "مكران" والفرقاطة "سهند" في كيب تاون عام 2021، ثم عودة "مكران" مع "دنا" في مايو 2023، مرورًا بزيارة قائد البحرية الجنوب أفريقية لميناء بندر عباس، يتشكل خيط متواصل من التعاون العسكري، يتيح لإيران فتح نوافذ جديدة بعيدًا عن الرقابة الغربية.

أخبار ذات علاقة

إبرام شراكة عسكرية بين إيران وجنوب أفريقيا

تحالف على "خط النار".. جنوب أفريقيا وإيران نحو شراكة عسكرية تتحدى الغرب

إرجاء "موسى-3" بسبب تعارض المواعيد مع قمة مجموعة العشرين منح بريتوريا مهلة لإعادة تقييم الموقف، غير أن مجرد طرح مشاركة إيران في تمرين متعدد الأطراف بقيادة جنوب أفريقيا يضفي عليه وزنًا سياسيًا يتجاوز البعد التدريبي.

وبالنسبة لطهران، يشكل التمرين رسالة بأنها قادرة على كسر عزلتها وتثبيت موقعها بين شركاء "بريكس"، بينما ترى جنوب أفريقيا نفسها أمام معادلة دقيقة: كيف تحافظ على دورها كجسر بين الجنوب العالمي والغرب، من دون أن تبدو منصة لمغامرات أطراف مثيرة للجدل.

لم تعد المناورات البحرية، المؤجلة حتى إشعار آخر، مجرد حدث تقني على جدول أعمال البحرية الجنوب أفريقية، بل مرآة لصراع أوسع حول النفوذ والاصطفافات في عالم يتغير.

وإذا أعيدت جدولة “موسى-3”، فستكون اختبارًا مزدوجًا: لقدرة إيران على إعادة تموضعها خارج بيئتها المأزومة، ولقدرة بريتوريا على صياغة سياسة خارجية متوازنة لا ترهن علاقاتها مع الغرب ولا تغلق الباب أمام شركاء الجنوب.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC