logo
العالم

من الحياد إلى الهشاشة.. أيرلندا تعيد حساباتها العسكرية أمام "الخطر" الروسي

عناصر من الجيش الأيرلنديالمصدر: أ ف ب

تبدو أيرلندا الحلقة الأوروبية الأضعف في مواجهة "الخطر" الروسي الذي تتحسّب له القارة، بعد عدة حوادث ومؤشرات دفعت دبلن نحو بناء دفاعات أكثر قوة، مع استثمارات حديثة في الرادار والأمن؛ ردًا على التحديات الجديدة.

وتواجه أيرلندا بالفعل فجوات دفاعية ملحوظة، خاصة بعد حادث الطائرات المسيرة الذي وقع في ديسمبر/ كانون الجاري أثناء زيارة الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي

ورصدت حينها سفينة بحرية أيرلندية أربع إلى خمس طائرات مسيّرة عسكرية الطراز داخل منطقة حظر طيران قرب مسار طائرته أثناء هبوطها في مطار دبلن يوم 1 ديسمبر، ليُصنف الحادث كعملية "هجينة" محتملة، بحسب تقرير لصحيفة "التلغراف" البريطانية. 

وجاء الحادث الأخير في سياق أوسع من النشاط الروسي المقلق قبالة السواحل الأيرلندية، ففي نوفمبر/ تشرين الثاني، رُصدت سفينة التجسس الروسية "يانثار" بالقرب من كابلات الإنترنت الحيوية في البحر الأيرلندي، حيث تستخدم غواصات صغيرة قادرة على التجسس أو قطع الكابلات.

وتمرّ نحو 75% من كابلات الاتصالات عبر المحيط الأطلسي عبر المنطقة الاقتصادية الخالصة الأيرلندية، التي تبلغ مساحتها 340 ألف ميل بحري مربع، وتدعم مراكز بيانات عملاقة لشركات مثل غوغل ومايكروسوفت.

أخبار ذات علاقة

زيلنسكي يدعو حلفاءه إلى التحرك

مسيّرات اعترضت طائرته فوق أيرلندا.. هل تعرض زيلينسكي لمحاولة اغتيال؟

وتعتمد أيرلندا، كعضو في الاتحاد الأوروبي غير المنضم إلى حلف الناتو، على سياسة الحياد العسكري التاريخية، التي ترتبط جزئيًا برغبتها في الابتعاد عن التراث الاستعماري البريطاني، إلا أن خبراء أمنيين يحذّرون من أن هذا الحياد يتحول إلى "ضعف استفزازي" في عصر التهديدات الهجينة.

قدرات وقيود

رغم أن ميزانية الدفاع لأيرلندا وصلت في العام الجاري مبلغًا قياسيًا قدره 1.35 مليار يورو، بزيادة 100 مليون عن العام السابق، إلا أنّها تمثّل نحو 0.24-0.3% فقط من الناتج المحلي الإجمالي، وهي النسبة الأدنى في أوروبا مقارنة بحجم الاقتصاد والسكان.

كما تكشف القدرات العسكرية الحالية عن قيود واضحة، إذ تمتلك البحرية الأيرلندية ثماني سفن دورية فقط، قادرة على تشغيل اثنتين في وقت واحد، وتعتمد في بعض الحالات على "العين المجردة" لرصد التهديدات.

أما في القوات الجوية فلا تمتلك دبلن مقاتلات اعتراضية، بل تعتمد على ثماني طائرات تدريب بطيئة من طراز Pilatus PC-9. كما أن الأسلحة البحرية قديمة، تعود لأكثر من 50 عامًا، وتفتقر إلى الرؤية الليلية أو الأنظمة الحديثة. 

وفي حالات سابقة، مثل اختراق قاذفات روسية للمجال الجوي عام 2020، اعتمدت أيرلندا على تدخل بريطاني بموجب اتفاق سري يعود إلى الخمسينيات.

الحلقة الأضعف

يصف توم كلونان، عضو مجلس الشيوخ وقائد جيش سابق، أيرلندا بأنها "الحلقة الأضعف في أوروبا" من حيث الأمن والدفاع والاستخبارات، فيما يرى كاثال بيري، وهو قائد سابق في القوات الخاصة، أن الاعتماد على الحلفاء، خاصة بريطانيا، يمثل "نفاقًا" يجب أن يتوقف، محذّرًا من تحميل دافعي الضرائب الأجانب تكاليف أمن أيرلندا.

ورغم هذه التحديات، تشهد أيرلندا تطورات إيجابية نحو تعزيز قدراتها، إذ أعلنت الحكومة خطة استثمار بقيمة 1.7 مليار يورو في المعدات حتى 2030، مع تخصيص رأسمالي قياسي يبلغ 215 مليون يورو حتى نهاية العام الجاري. 

ومن أبرز الخطوات، صفقة مع فرنسا لشراء نظام رادار عسكري بقيمة نحو 500 مليون يورو، يشمل رادارات أرضية وبحرية وأنظمة مضادة للطائرات المسيرة، مع اكتمال جزئي بحلول العام المقبل وكامل في 2028. كما تشمل الاستثمارات سونارًا بحريًا، ومروحيات جديدة، ومركبات مدرعة حديثة.

وبينما تستعد أيرلندا لرئاسة الدورية للاتحاد الأوروبي في العام المقبل، تبدو هذه الاستثمارات ضرورية لسد الفجوات الأمنية، فيما يخلُص تقرير "التلغراف" أن الحياد لا يعني تجاهل التهديدات، وأن التوازن بين المبادئ التاريخية والدفاع الذاتي أصبح أمرًا حتميًا مع نُذر الحرب المقبلة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC