سلسلة غارات إسرائيلية تستهدف مدينة غزة
قال سيرغي ماركوف، المستشار السابق للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إن أي تسوية سلمية للنزاع مع أوكرانيا تبدو مستبعدة تمامًا في ظل ما وصفه بتصلب المواقف الغربية واستمرار الدعم العسكري لكييف، معتبرًا أن موسكو ترى النظام الأوكراني الحالي غير شرعي وقمعيًّا، وتطالب بتغييره جذريًّا قبل أي مفاوضات جادة.
وأوضح ماركوف، في حوار مع "إرم نيوز"، أن السيطرة على لوغانسك تمثل خطوة رمزية لتحرير ما تعتبره روسيا شعبها التاريخي، خاصة وأن موسكو لن تتراجع عن أهدافها الاستراتيجية حتى ضمان حقوق السكان الناطقين بالروسية ووقف التدخل الغربي.
وأضاف أن خفض الإنفاق العسكري الروسي جاء بعد استكمال البنية التسليحية لحرب شاملة لم تكن روسيا مستعدة لها، مشددًا على أن أزمة موارد أوكرانيا قد تدفعها نحو مفاوضات سلام نهاية العام الجاري إذا تراجع الدعم الأمريكي.
وهذا نص الحوار:
هل ما زال لدى موسكو أفق حقيقي للتوصل إلى تسوية سلمية أم أن الواقع العسكري سيبقى هو الفيصل حتى إشعار آخر؟
برأيي، لا توجد أفق حقيقية لأي تسوية سلمية الآن، خاصة وأن روسيا ترى أن النظام الأوكراني غير شرعي وقمعي ولا يمثل الشعب، وتعتبر مفاوضات السلام مجرد استعراض أمام ترامب، بالإضافة إلى أن موسكو تشترط تغييرا جذريا للنظام، وحيادا دستوريا مع ضمانات دولية، إضافة إلى وقف تسليح أوكرانيا خلال أي هدنة.
وفي المقابل، يسعى زيلينسكي لهدنة غير مشروطة لإعادة بناء جيشه، في وقت ترفض فيه أوروبا التفاوض وتواصل الدعم العسكري الكبير.
مع هذا التباعد الكامل في المواقف وشروط روسيا الصارمة، يبدو أن الميدان سيبقى الفيصل لفترة طويلة، واحتمال الحل الوسط يكاد يكون معدوماً.
ما الرسالة التي توجهونها بعد إعلان السيطرة الكاملة على منطقة لوغانسك خاصة وأنها تعتبر نقطة مفصلية في الحرب الروسية؟
الرسالة واضحة، مضمونها.. السيطرة الكاملة على لوغانسك ليست مجرد إنجاز جغرافي، بل خطوة رمزية لتحرير ما تعتبره روسيا شعبها التاريخي من نظام قمعي معادٍ، ومن من منظور موسكو الآن القضية تتجاوز الأرض لتشمل حماية السكان الذين تعتبرهم روسًا.
هذه السيطرة ستتواصل على مناطق أخرى، ما لم توافق الدول الغربية على إنهاء دعم النظام الأوكراني واستبداله بحكومة حيادية تضمن حقوق الناطقين بالروسية، خاصة وأن موسكو ستستخدم قوتها العسكرية للضغط لتحقيق هذه الأهداف، ولن تتراجع حتى يتم الاعتراف بحقوق هؤلاء السكان وضمان عدم اضطهادهم مستقبلاً.
وزير الخارجية لافروف تحدث عن وصفة سريعة لانهيار الناتو بسبب سباق الإنفاق العسكري.. هل تعتقدون فعلاً أن هذا الإنفاق يهدد تماسك الحلف من الداخل؟
بالنسبة للإنفاق العسكري لحلف الناتو في الوقت الحالي، أعتقد أن هذا الإنفاق سيكون مفيدًا لاقتصاد دول الناتو. فالإنفاق العسكري يُحدث نوعًا من التأثير على تطور الاقتصاد في الوقت الراهن، حيث إن اقتصاد معظم الدول الأوروبية في حالة ركود، وإذا بدأت هذه الدول في إنتاج المزيد من الأسلحة والمعدات العسكرية، فإن ذلك سيؤثر بشكل إيجابي على النمو الاقتصادي.
وبالطبع، فإن هذا يُعد من جهة إنفاقًا كبيرًا للموارد ويُعتبر ضد البيئة إلى حد كبير، لكنه سيكون مفيدًا من ناحية النمو الاقتصادي، وهو ما يعني أن الإنفاق العسكري لحلف الناتو سيساهم في تعزيز تماسك الحلف وسيساعده.
في الوقت الذي يرفع فيه الغرب ميزانياته الدفاعية.. لماذا تعلن موسكو عن نيتها خفض الإنفاق العسكري رغم استمرار الحرب؟
لسببين، الأول سياسي، فدول حلف الناتو تتحدث عن أن روسيا تمثل تهديدًا عسكريًّا متزايدًا للناتو، ولذلك يجب على الناتو أن يكون أكثر تماسكًا، وأن يمتلك جيشًا أكبر، وميزانية أكبر، وغير ذلك.
أما السبب الثاني فهو تقني عسكري، فخلال السنوات الثلاث الماضية، أنفقت روسيا بشكل غير مسبوق على الجيش بسبب ظروف استثنائية ولتجهيز جيش جديد وصناعة أسلحة وذخائر ودرونز لحرب شاملة لم تكن مستعدة لها، ومع اكتمال هذه القدرات، بات بالإمكان خفض النفقات دون المساس بالجاهزية العسكرية.
- برأيكم.. إلى أي حد يمثل بناء مصانع أسلحة ألمانية داخل أوكرانيا تجاوزًا للخطوط الروسية الحمراء؟
بناء مصانع أسلحة ألمانية في أوكرانيا يمثل في ررأيي تجاوزًا واضحًا للخطوط الحمراء الروسية، وهذا التطور يعكس اندماجًا غير مسبوق بين المجمع الصناعي العسكري الغربي والنظام الأوكراني، ويؤكد ما تقوله موسكو منذ البداية.
خاصة وأن روسيا ليست في حرب مع أوكرانيا وحدها، بل مع الغرب الذي يحتلها سياسيًّا ويستخدمها كأداة ضدها، واليوم، يثبت الأوروبيون عمليًّا صحة رواية بوتين التي كانوا ينكرونها، ويكرسون مواجهة مباشرة مع روسيا على الأرض الأوكرانية.
ما تعليقكم على انسحاب كييف من اتفاقية أوتاوا لحظر الألغام؟
روسيا تعتبر قيام الدول الأوروبية بزرع ملايين الألغام الأرضية على حدودها مع بيلاروسيا هو تصرف طبيعي من دول تعتبر نفسها في حالة حرب.. وأكرر، نحن لا نعتقد أن روسيا في حرب مع أوكرانيا.
نحن نؤمن أننا في حرب بالوكالة مع الدول الأوروبية، وهذه الدول استخدمت الأوكرانيين، الذين هم في الحقيقة عبيد لنظام قمعي أوكراني، كجيش وكيل لخوض حرب ضد روسيا، أي حرب غير مباشرة وهجينة ضد روسيا.
وكيف تقرؤون تحركات خمس دول في الناتو لزرع ملايين الألغام على الحدود مع روسيا وبيلاروسيا؟
الدول الأوروبية تدرك خطورة تصعيد الحرب، لكنها في الوقت نفسه تمتلك نوايا عدوانية تجاه روسيا، وعلي سبيل المثال، تسعى بولندا لإقامة نظام معادٍ لروسيا في أوكرانيا وبيلاروسيا، ثم بناء اتحاد كونفدرالي بقيادتها لتصبح قوة أوروبية كبرى.
لتحقيق ذلك، تعتبر تدمير روسيا هدفًا رئيسيًّا لأنها العقبة الأساسية أمام مشروعها التوسعي، وكذلك، تستخدم دول مثل إستونيا ولاتفيا ذرائع تاريخية للمطالبة بأراضٍ روسية، مما يزيد التوتر الإقليمي.
ممر سوالكي يظل هاجسًا استراتيجيًّا لموسكو.. ما الذي يقلقكم تحديدًا في هذا الشريط الضيق؟
ممر سوالكي بحد ذاته ليس مصدر قلق حقيقي لروسيا، بل هو هاجس مبالغ فيه تروّجه الدول الأوروبية لتبرير مخاوفها وخططها العسكرية.
ما يقلق موسكو بالفعل هو احتمال فرض حصار على كالينينغراد وحرمان روسيا من حرية الوصول إلى بحر البلطيق، حيث تقع مناطق استراتيجية مهمة مثل سانت بطرسبورغ.
وبدأت أوروبا بالفعل مناقشات واستعدادات لخطوات قد تعرقل حركة روسيا البحرية والتجارية، بما في ذلك هجمات إلكترونية على ناقلات النفط، وهو ما تعتبره موسكو التهديد الأكبر.
تقرير "فاينانشال تايمز» حذر من احتمال نفاد موارد أوكرانيا خلال ستة أشهر.. هل تعتبرون ذلك مؤشرًا على اقتراب لحظة الحسم؟
أعتقد أن هذا التحذير يعكس واقعا صعبا تعيشه أوكرانيا التي تملك عدد سكان واقتصادا وموارد عسكرية أقل بكثير من روسيا، خاصةً وأن خسائر الجيش الأوكراني البشرية ضخمة مقارنة بالخسائر الروسية، رغم التعبئة الشاملة في كييف.
وإذا لم يواصل الغرب، خصوصًا واشنطن، تقديم دعم هائل بالأسلحة، فستواجه أوكرانيا أزمة موارد حقيقية، ولذا أرى أن اللحظة الحاسمة قد تقترب نهاية الصيف أو الخريف، حين يتضح مدى قدرة روسيا على استغلال هذا الضعف، وقد تبدأ عندها مفاوضات سلام جدية.