logo
العالم

تنازلات قاسية بلا مقابل.. هل تجرّ خطة ترامب أوكرانيا إلى "فخ"؟

ترامب وبوتين وزيلينسكيالمصدر: إرم نيوز

تطرح خطة السلام التي تضم 28 بندًا، وقدمتها إدارة ترامب لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية جدلًا وشكوكًا حول مضمونها وخلفياتها وطريقة تنفيذها.

وتثير هذه الوثيقة، التي جاءت ثمرة اجتماعات غير معلنة في ميامي بين المبعوث الروسي كيريل ديميترييف ورجل الأعمال الأمريكي ستيف ويتكوف، تساؤلات حول فرص نجاحها وحقيقة أهدافها، وسط انقسام دولي متصاعد حول مضمونها وتوقيتها.

أخبار ذات علاقة

ترامب وزيلينسكي في لقاء سابق

إدارة ترامب: خطة إنهاء الحرب في أوكرانيا ليست "قائمة أمنيات روسية"

وبحسب تقرير نشرته صحيفة “التايمز” البريطانية، فإن الخطة التي يروّج لها فريق ترامب قد تُعدّ من وجهة نظر البعض محاولة أولى لوضع إطار سياسي لإنهاء الحرب، فيما يعتبرها آخرون فخًّا يضع كييف أمام تنازلات قاسية ويمنح موسكو مكاسب ميدانية وسياسية دون مقابل فعلي.

وتابع التقرير أنه رغم الانتقادات الأوروبية يعترف بعض الدبلوماسيين الغربيين، على مضض، بأن الضغوط العسكرية والاقتصادية الحالية قد لا تتيح لأوكرانيا بدائل عديدة. وقال أحد المسؤولين البريطانيين عن الخطة: “ليست مثالية، لكنها ليست نهائية أيضًا… قد تفتح بابًا لوقف القتل والبدء بإعادة إعمار أوكرانيا.”

ووفق التقرير "تبدو الوثيقة أشبه بقائمة نقاط سريعة الصياغة أكثر من كونها خريطة طريق دبلوماسية. فهي تشير إلى معاهدات ملغاة، وتترك أسئلة محورية بلا إجابات، وتفترض، على نحو غير منطقي، أن الولايات المتحدة يمكن أن تتوسط بين روسيا وحلف الناتو، رغم أنها عضو فيه".

كما تفترض أن ما تتفق عليه واشنطن وموسكو سيقبل به الجميع تلقائيًّا، إذ تقترح عودة روسيا إلى مجموعة الثماني، وهو قرار يتطلب إجماع الأعضاء، كما تدعو إلى رفع تدريجي للعقوبات، رغم أن العديد منها تديره دول الاتحاد الأوروبي بشكل مستقل.

ويؤكد مطلعون على المحادثات أن النص ليس اتفاقًا نهائيًّا، بل إطار أولي لمفاوضات أوسع ستتطلّب إشراك أوكرانيا والأوروبيين، ولا سيما مع توقّع أن تتعهد الدول الغربية بمشروع إعادة إعمار بقيمة 100 مليار دولار.

تنازلات وشروط

وتنص المسودة على أن تتخلى أوكرانيا عن السيطرة على معظم الأراضي التي تحتلها روسيا، من دون الاعتراف رسميًّا بضمّها. ويقرّ مسؤولون غربيون، في أحاديث غير علنية، بأن استعادة هذه المناطق عسكريًّا يبدو أمرًا مستبعدًا في المدى القريب.

أما الجزء المتبقي من مقاطعة دونيتسك الذي تطالب موسكو بتسليمه، فسيصبح، وفق الخطة، أرضًا تابعة لروسيا لكن منزوعة السلاح، من دون توضيح طريقة الإشراف على ذلك.

وفي المقابل، تتراجع الخطة عن مطلب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بإخضاع أوكرانيا بالكامل. إذ تبقى الدولة الأوكرانية ذات سيادة، تحتفظ بصواريخ بعيدة المدى، ويمكنها المضي في مسار الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مع منعها من عضوية الناتو. كما يُحدّد قوام جيشها بـ600 ألف جندي، أي أكثر من ضعف حجمه قبل الحرب.

تنازلات محدودة من موسكو

في المقابل تبدو التنازلات الروسية متواضعة، وفق التقرير، إذ تتعهد موسكو بالانسحاب من جيوب صغيرة استولت عليها في دنيبروبتروفسك وسومي وخاركيف، والتخلي عن المطالبة بأكثر من 150 مليار جنيه إسترليني من الأصول الروسية المجمّدة في الغرب، كأموال يمكن أن تُوجَّه لإعادة إعمار أوكرانيا.

لكن من وجهة نظر الكرملين، يكمن التنازل الأكبر في وقف الحرب نفسها. فروسيا، باقتصادها الأكبر وقدرتها على تجنيد نحو 30 ألف مقاتل شهريًّا، تبدو واثقة من أن الزمن يعمل لصالحها، خصوصًا مع استمرار ضرباتها المكثّفة للبنية التحتية للطاقة في أوكرانيا.

الضمانات الأمنية الحلقة الأضعف

وتنص المسودة على اتفاق “عدم اعتداء شامل” بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا، مع إشارات فضفاضة إلى ضمانات أمنية على غرار المادة الخامسة في حلف الناتو. لكن غياب التفاصيل يثير قلقًا بالغًا لدى كييف.

والأهم ربما، وفق التقرير، هو قبول الخطة بانضمام أوكرانيا المستقبلي إلى الاتحاد الأوروبي؛ ما يمنحها حماية المادة 42(7) من معاهدة الاتحاد، التي تلزم الدول الأعضاء بتقديم المساعدة بكل الوسائل المتاحة في حال تعرض عضو لعدوان.

وتشكل الخطة أيضًا تهديدًا سياسيًّا داخليًّا للرئيس زيلينسكي، فمسؤولون أوكرانيون يخشون أن يكون الهدف منها دفع كييف إلى الرفض، ليتمكن ترامب من تعليق الدعم الأمريكي معلنًا أنه قدّم “صفقة ممتازة” لم تقبلها أوكرانيا.

ويأتي ذلك في وقت تهزّ فيه فضيحة فساد، تتجاوز قيمتها 76 مليون جنيه إسترليني، أسس الحكومة الأوكرانية، مع تزايد الضغوط على مدير مكتب الرئيس أندري يرماك، الذي يُنظر إليه على أنه “رئيس وزراء ظل”.

وتابع التقرير: "حتى موسكو تعترف بأن هذه الوثيقة ليست سوى “أساس لتسوية نهائية”، فالثغرات تحتاج إلى معالجة، وقد يقرر كل من ترامب وبوتين لاحقًا أن بوسعهما انتزاع شروط أفضل".

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC