قالت صحيفة "وول ستريت جورنال" إن خطة الدفاع الصاروخي الأمريكية المعروفة باسم "القبة الذهبية"، التي أعلنها الرئيس دونالد ترامب، أثارت رفضاً حاداً من الصين وروسيا وكوريا الشمالية، حيث اعتبرتها هذه الدول سباق تسلح خطيراً من شأنه زعزعة الاستقرار العالمي، وتحويل الفضاء إلى ساحة معركة.
وبحسب الصحيفة، تهدف "القبة الذهبية" إلى دمج صواريخ اعتراضية أرضية بأقمار صناعية، لتوفير حماية شاملة من التهديدات عالية التقنية، خاصة الصواريخ الأسرع من الصوت.
إلا أن خبراء حذّروا من أن المشروع قد يؤدي إلى تحفيز انتشار الصواريخ، خاصة في ظل تأخر الولايات المتحدة بتطوير الأسلحة التي تفوق سرعة الصوت، مقارنة بالصين وروسيا اللتين طوّرتا قدرات فضائية متقدمة.
وأفادت الصحيفة أن الدول الثلاث – التي تُشكل ترسانتها النووية أكبر تهديد مباشر للولايات المتحدة – أعربت عن غضبها الشديد من الخطة، واعتبرتها تهديدًا للاستقرار الدولي، خاصة مع رغبة ترامب في تنفيذ المشروع قبل نهاية ولايته.
وتُطور الصين وروسيا وكوريا الشمالية أسلحة جديدة لتجاوز الدفاعات الأمريكية، بما في ذلك صواريخ أسرع من الصوت وأسلحة مضادة للأقمار الصناعية. وفي هذا السياق، تتزايد مظاهر التعاون العسكري بين هذه الدول الثلاث.
وفي حين استنكرت الدول المعنية دعوة ترامب إلى نشر صواريخ اعتراضية في الفضاء، قائلة إنها تهدد بتحويل المدار الأرضي إلى منطقة نزاع عسكري، حذّر الخبراء من أن نظامًا دفاعيًا شاملاً كهذا قد يُشجع على سباق تسلح نووي جديد.
وتأتي هذه التطورات في وقت حساس، حيث من المتوقع أن تنتهي آخر معاهدة نووية كبرى بين واشنطن وموسكو العام المقبل، ما قد يدفع روسيا إلى تسريع نشر رؤوسها الحربية النووية.
ووفق ما أوردته الصحيفة، تُعد الصواريخ الأسرع من الصوت تهديداً متزايداً للولايات المتحدة، حيث يمكنها الطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت بخمس مرات على الأقل، والمناورة على ارتفاعات منخفضة لتفادي أنظمة الرصد.
وكانت الصين قد اختبرت في 2021 صاروخاً من هذا النوع حلّق حول الكرة الأرضية بسرعة تفوق 15 ألف ميل في الساعة قبل إصابة هدف داخل الصين.
وتلفت الصحيفة إلى أن الصين تسرّع من وتيرة تحديث قواتها النووية، حيث أضافت نحو 350 منصة إطلاق جديدة وعدة قواعد متنقلة في السنوات الأخيرة.
وبحسب تقرير لمدير مشروع المعلومات النووية في اتحاد العلماء الأمريكيين، هانز كريستنسن، فإن لدى الصين أكثر من 700 منصة إطلاق أرضية يمكن لنحو 462 منها الوصول إلى الأراضي الأمريكية.
وفي السياق ذاته، ترى الصحيفة أن اعتراض الصواريخ الباليستية العابرة للقارات الروسية أكثر تعقيداً، خاصة في مرحلة الدفع الأولى بعد الإطلاق، إذ يتطلب ذلك تمركز الصواريخ الاعتراضية في أماكن قريبة للغاية من موقع الإطلاق، وهو أمر يصعب تحقيقه.
أما كوريا الشمالية، فهي تمتلك بالفعل صواريخ قادرة على ضرب الأراضي الأمريكية، ويسعى الزعيم كيم جونغ أون إلى تطوير صواريخ أسرع من الصوت، وطائرات مسيّرة نووية تحت الماء، وأسلحة تكتيكية بعيدة المدى، رغم أن خبراء عسكريين يشككون في جاهزية تلك الأنظمة للاستخدام القتالي حتى الآن.
وأشارت "وول ستريت جورنال" إلى أن الولايات المتحدة بدأت في تركيب عشرات الصواريخ الاعتراضية الأرضية منذ أوائل العقد الأول من القرن 21، في ألاسكا وكاليفورنيا، كما اختبرت صواريخ اعتراضية أُطلقت من منظومة "إيجيس" لإسقاط صواريخ باليستية عابرة للقارات.
وتستخدم واشنطن أيضًا أنظمة باتريوت لمواجهة التهديدات القصيرة المدى، إضافة إلى نظام "ثاد" للدفاع الجوي، المنتشر في مناطق مثل كوريا الجنوبية وغوام. لكن الصحيفة نبهت إلى أن تنفيذ مشروع "القبة الذهبية" قد يفرض عبئاً هائلاً على البنية التحتية الفضائية الأمريكية.
فبحسب تقرير لمكتب الميزانية في الكونغرس، فإن إسقاط صاروخين فقط من دولة صغيرة مثل كوريا الشمالية قد يتطلب أكثر من 1000 صاروخ اعتراضي فضائي. أما للتصدي لهجوم شامل من روسيا أو الصين، فقد يتطلب الأمر عشرات آلاف الأقمار الصناعية.
وأكدت الصحيفة، نقلًا عن خبراء عسكريين، أن هدف الرئيس ترامب في تثبيت درع "القبة الذهبية" خلال 3 سنوات فقط يعد طموحا صعب التحقق، نظراً للتعقيدات التكنولوجية والسياسية الهائلة التي ينطوي عليها المشروع.