قالت صحيفة نيويورك تايمز، إن أحداث الثلاثاء في كوريا الجنوبية تُقدم مثالًا دراميًّا لسياسة الاستقطاب المرير في البلاد والسخط المجتمعي العميق تحت سطح قوتها العالمية الصاعدة.
وعدَّت أن مرسوم الرئيس يون سوك يول، إعلان الأحكام العرفية، والتراجع عنه تحت ضغط المشرعين، يُمثل تتويجًا لسنوات من الخلاف بين المعسكرين السياسيين الرئيسين في كوريا الجنوبية.
وبحسب الصحيفة، فاز يون سوك يول بأعلى منصب في كوريا الجنوبية في عام 2022 بفارق ضئيل، وهو الأقرب منذ تخلت بلاده عن الحكم العسكري في الثمانينيات وبدأت في إجراء انتخابات رئاسية حرة.
وبعد ما يزيد قليلًا على عامين، صدم إعلان الرئيس يون القصير للأحكام العرفية يوم الثلاثاء الكوريين الجنوبيين الذين كانوا يأملون في أن تكون حقبة التدخل العسكري المضطربة قد انتهت.
وتجمع آلاف المتظاهرين في سيول للمطالبة باعتقاله؛ لأن بلادهم، التي يُنظر إليها بعدِّها نموذجًا للقوة الناعمة الثقافية ونصيرًا ديمقراطيًّا آسيويًّا، اتخذت فجأة مُنعطفًا حادًّا في اتجاه آخر.
وتابعت الصحيفة بأن الأمر برمته وصل إلى ذروته عندما وجد يون، الذي كان في السابق مدعيًا متشددًا حقق مع الرؤساء السابقين، نفسه على الطرف المتلقي لهجوم سياسي من قبل المعارضة المحفزة.
وعلى حين لم يكن يون، وهو زعيم محافظ، يتمتع بشعبية كبيرة في كوريا الجنوبية، وفاز في الانتخابات بفارق 0.8 نقطة مئوية فقط، قال المحللون إن التصويت كان بمنزلة استفتاء على إخفاقات سلفه الليبرالي أكثر من كونه تأييدًا للسيد يون.
وعلى الرغم من نفوذ كوريا الجنوبية المتزايد في جميع أنحاء العالم، في مجال الأعمال التجارية والسينما والتلفزيون والموسيقى، فإن عدم المساواة الصارخ أدى إلى تغذية السخط على نطاق واسع في الداخل.
إذ أجبر الارتفاع الكبير في أسعار المنازل الناس على العيش في مساحات أصغر من أي وقت مضى، وبتكلفة أكبر من أي وقت مضى، ويكافح خريجو الجامعات الجدد للعثور على عمل مناسب، ويتهمون في بعض الأحيان الأجيال الأكبر سنًّا بحرمانهم من العمل.
وأكدت الصحيفة على أن يون واجه عقبتين رئيستين منذ انتخابه رئيسًا للبلاد؛ أولها احتفاظ الحزب الديمقراطي المعارض بأغلبيته في الجمعية الوطنية، التي وسعها أيضًا في الانتخابات البرلمانية في أبريل الماضي، ما جعله أول زعيم كوري جنوبي منذ عقود لا يحصل على أغلبية في البرلمان.
وثانيها معدلات قبوله الكئيبة بين الناخبين الكوريين التي تجلت بوضوح في نتائج الانتخابات.
وما زاد الأمور تأزمًا على الصعيد الداخلي توالي تهديدات كوريا الشمالية؛ علاوة على تحول الاحتفال بعيد الهالوين إلى كارثة مميتة، وكما أثارت مزاعم الفساد التي تورطت فيها زوجة السيد يون وحقيبة ديور التي تبلغ قيمتها 2200 دولار تعكير صفو حزبه، إذ شبهها أحد كبار الأعضاء بماري أنطوانيت.
وبحلول ليلة الثلاثاء، أصبح يون متحديًا بشكل مذهل، وأعلن أن "الجمعية الوطنية، التي كان ينبغي أن تكون أساس الديمقراطية الحرة، أصبحت وحشًا يدمرها".
ما أثار غضب الشارع ودفع المعارضة إلى التحذير من أن يون يأخذ كوريا الجنوبية إلى طريق "الدكتاتورية".