يُجدّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رهانه على إخضاع الجامعات الأمريكية التي أخفق مرارًا وتكرارًا في السيطرة عليها.
يأتي الهجوم هذه المرة من خلال أعضاء الحزب الجمهوري تحت قبة مجلس النواب، عبر استجوابات تستخدم أكثر أوراق الضغط حساسيةً في الداخل الأمريكي، وهي تهمة "معاداة السامية"، التي يخشى أي طرف في الولايات المتحدة أن تُلصق به، نظرًا إلى تأثيرها "السلبي" وغير المحدود.
وهذا ما حدث بالفعل، حين أدلى رؤساء 3 جامعات أمريكية أخيرا بإفادات أمام لجنة في مجلس النواب، بشأن ما فعلوه لمكافحة "معاداة السامية" في الحرم الجامعي، مؤكدين التزامهم بالقضاء على الكراهية، مع حماية الحرية الأكاديمية.
وفي جلسة استماع استمرت 3 ساعات، وجّه الجمهوريون انتقادات حادّة إلى كل من: الرئيس المؤقت لجامعة جورج تاون روبرت غروفز، ومستشار جامعة مدينة نيويورك فيليكس ماتوس رودريغيز، ومستشار جامعة كاليفورنيا في بيركلي ريتشارد لايونز، بحسب ما أفادت وكالة "رويترز".
وبحسب خبراء تحدثوا لـ"إرم نيوز"، فإن هذه الاستجوابات تُعدّ جزءًا من خطة ممنهجة "مسيّسة" تهدف إلى الضغط على هذه المؤسسات التي باتت تمثل مراكز قوة مؤثرة داخل المجتمع الأمريكي وخارجه.
وأكدت تقارير إعلامية أن ما يقوم به الجمهوريون في مجلس النواب في هذا الملف يحاكي هجمات ترامب الأخيرة على الجامعات، التي وصفها بأنها "موبوءة بالتطرّف".
من نيويورك، قال الباحث في الاقتصاد السياسي علي شاهين إن استجواب رؤساء الجامعات بتهم تتعلّق بعدم مكافحة "معاداة السامية" هو أمر مسيّس ومنظّم، في ظل صدام تاريخي بين الجمهوريين وهذه المؤسسات، وعلى رأسها "هارفارد" و"كولومبيا".
وأضاف شاهين لـ"إرم نيوز" أن "ترامب يسعى عبر إدارته إلى فرض سيطرة على الجامعات التي حققت نفوذًا اقتصاديًا واستقلالًا ماليًا كبيرًا، من خلال براءات اختراع، ومشاريع وشراكات تدرّ أرباحًا ضخمة دون أن تخضع للرقابة الحكومية أو الضريبية بالشكل المطلوب".
وأشار إلى أن هذه المؤسسات باتت تُمثّل مراكز نفوذ سياسي واقتصادي، ولذا لجأ ترامب إلى الضغط عليها باستخدام التهمة الحساسة "معاداة السامية"، لكن دون أن يحقق اختراقًا حقيقيًا حتى الآن.
وأوضح شاهين أن الجامعات المستهدفة تتمتع بثقل علمي ومالي عالمي، وتستمر محاولات الضغط عليها من خلال مجلس النواب، لكن دون نتائج ملموسة حتى اللحظة.
بدوره، رأى الخبير في الشؤون الأمريكية نبيه واصف أن "الجامعات التي تتعرض للاستجواب تمثّل جزءًا من منظومة أكبر ذات تأثير عميق، إذ تضم طلابًا أمريكيين من أصول متعددة، إضافة إلى طلاب وافدين عبر منح دولية".
وأوضح واصف لـ"إرم نيوز" أن "الجمهوريين يرون في بعض الطلاب، خصوصًا الصينيين الذين يشكّلون عشرات الآلاف، خطرًا على الأمن القومي الأمريكي. وذهب بعضهم إلى وصف هؤلاء الطلاب بأنهم أداة خبيثة لبكين تهدف إلى سرقة التقدّم العلمي والتكنولوجي".
وأشار إلى أن "هذه الجامعات ترفض التدخل في شؤونها، مؤكدة التزامها بالقوانين، في حين يعتبر ترامب أن تهاونها في كبح الاحتجاجات المؤيدة للفلسطينيين ضد الحرب على غزة، ورفع لافتات مناهضة لإدارته، هو شكل من أشكال معاداة السامية التي تستدعي المحاسبة، رغم أن تلك التفسيرات لم تلق قبولًا قانونيًا واسعًا".