تقارير صينية: سفينتان حربيتان من كندا وأستراليا تعبران مضيق تايوان

logo
العالم

إزالة تمثال لينين.. هل تنأى قرغيزستان عن التبعية لروسيا؟

إزالة تمثال لينين.. هل تنأى قرغيزستان عن التبعية لروسيا؟
تمثال لينين في قرغيزستانالمصدر: أرشيفية
10 يونيو 2025، 7:43 ص

في خطوة لافتة تنهي عقوداً من الرمزية السوفييتية، أقدمت السلطات في قرغيزستان على تفكيك أطول نصب تذكاري للزعيم فلاديمير لينين في منطقة آسيا الوسطى، كان يتوسط الساحة المركزية لمدينة أوش، ثاني أكبر مدن البلاد.

أخبار ذات علاقة

985e619c-22dc-43ee-a9c6-d984b075ca1b

إفشال محاولة انقلاب في قرغيزستان والأصداء تثير قلق موسكو

 التمثال البرونزي، الذي بلغ ارتفاعه الإجمالي 23 متراً مع القاعدة، ظل قائماً منذ العهد السوفياتي ولم يُمس طيلة ما يزيد عن ثلاثة عقود بعد تفكك الاتحاد.

ومع عملية الإزالة، أعلنت المدينة عن إقامة سارية ضخمة لعلم قرغيزستان بارتفاع 95 متراً في المكان ذاته، في تغيير بصري له دلالاته الرمزية على مستوى الشكل والمضمون.

ورغم حساسية الخطوة، نفت بلدية أوش أن تكون دوافعها سياسية، مشيرة إلى أن العملية تأتي ضمن جهود تحسين المظهر المعماري والجمالي للمدينة، وأضافت أن نقل التماثيل أو تفكيكها إجراء متبع في عدة مدن روسية أيضاً، ما يعني أنه ليس موجهاً ضد موسكو بشكل مباشر.

وتُعد أوش من المدن التي احتفظت برموز الحقبة السوفياتية لفترة طويلة، شأنها في ذلك شأن كثير من مدن آسيا الوسطى، حيث لا تزال تماثيل لينين حاضرة في المشهد الحضري العام، على عكس ما حدث في جمهوريات سوفياتية سابقة مثل أوكرانيا أو دول البلطيق، التي قامت بحملات شاملة لإزالة كل ما يرمز إلى الحكم الشيوعي السابق.

وتراقب موسكو هذه التحولات عن كثب، لا سيما في ظل تزايد نفوذ الصين والغرب في المنطقة، وقد أثارت هذه الخطوة حفيظة النخب السياسية الروسية، التي اعتبرتها مؤشراً على انزياح تدريجي عن الفلك الروسي، خاصة بعد اندلاع الحرب في أوكرانيا.

ومع هذه الخطوة، يبقى السؤال هنا: هل كانت عملية تفكيك تمثال لينين في أوش مجرد قرار عمراني لتحسين واجهة المدينة؟ وهل تبقى قرغيزستان على مسافة آمنة من موسكو؟

توازن سياسي

الأستاذ الزائر في كلية الاستشراق بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، رامي القليوبي، قال إن قرغيزستان دولة ناشئة لم يمضِ على استقلالها إلا 35 عامًا، وتأسست على مبدأي الاستقلالية والنزعة القومية، وهي سمة بارزة في الدول التي خرجت من رحم إمبراطوريات كبرى مثل الاتحاد السوفياتي.

أخبار ذات علاقة

53a78e5b-8d80-4ccf-84c6-2bffeff054ac

الأولى في آسيا الوسطى.. روسيا تبني محطة للطاقة النووية بأوزبكستان‎

 وأوضح القليوبي، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، أن الوضع في قرغيزستان يختلف جذريًا عن نظيراتها من جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابقة في أوروبا الشرقية، مثل أوكرانيا ودول البلطيق، إذ تحافظ دول آسيا الوسطى، ومن ضمنها قرغيزستان، على علاقات وثيقة مع موسكو، تشمل التعاون الأمني في إطار منظمة معاهدة الأمن الجماعي، والانخراط في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، الذي يتيح حرية تنقل الأفراد، ويُمكِّن مئات الآلاف من الشباب من العمل في روسيا، ما يسهم بدوره في دعم الاقتصاد المحلي.

وأشار القليوبي إلى أن قرغيزستان كادت في وقت سابق تقع ضمن دائرة النفوذ الأمريكي، عندما سمحت بإنشاء قاعدة "ماناس" الجوية لدعم العمليات اللوجستية الأمريكية في أفغانستان، قبل أن تُغلق لاحقًا.

واعتبر أن قرغيزستان، كسائر دول المنطقة، تسعى إلى تحقيق توازن سياسي بين روسيا والغرب بهدف تعظيم مكاسبها من كلا الجانبين.

وحول الرمزية المرتبطة بالزعيم السوفياتي فلاديمير لينين، شدد المحلل السياسي على أن شخصيته تحظى بمكانة خاصة في الذاكرة السياسية الروسية، نظرًا لجمعه بين التنظير الثوري والتنفيذ العملي، وهو ما ظهر جليًا في قيادته لثورة البلاشفة عام 1917، وأن تماثيله لا تزال قائمة في مدن روسية عدة، حيث يُنظر إليه بوصفه مؤسس الدولة السوفياتية الكبرى.

التمدد الغربي

من جانبه، أكد مدير مركز "جي إس إم" للدراسات، الدكتور آصف ملحم، أنه لا يمكن فصل ملف قرغيزستان عن السياق العام لآسيا الوسطى، مشيرًا إلى أن هناك تخوفًا روسيًا كبيرًا من احتمالات التمدد الغربي نحو هذه المنطقة.

أخبار ذات علاقة

جانب من بحر قزوين

لتجاوز روسيا.. كازاخستان تؤهل ممرا تجاريا بين الصين وأوروبا

 وفي تصريحاته لـ"إرم نيوز"، رجح ملحم أن تكون تركيا رأس الحربة في هذا التوجه، كونها تنظر إلى آسيا الوسطى وتحديدًا جمهوريات تركمانستان وأوزبكستان وكازاخستان على أنها امتداد طبيعي لها.

وأشار إلى أن آسيا الوسطى تتموضع جغرافيًا بين مجموعة من القوى الإقليمية والدولية المهمة مثل الصين والهند وباكستان وإيران وروسيا، وهي قوى فاعلة عالميًا، ما يجعل اختراق المنطقة هدفًا استراتيجيًا تسعى إليه الدول الغربية.

وتابع: من أبرز أدوات هذا التمدد، منظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية، التي تسعى لإعادة تشكيل الوعي العام بما يجعله أكثر قربًا من الغرب، كما أن بريطانيا نفسها ترى في تركيا معبرًا حيويًا للتأثير في المنطقة.

وأوضح ملحم أن جمهوريات آسيا الوسطى غنية بالموارد الطبيعية؛ فمثلًا كازاخستان تملك احتياطات كبيرة من النفط والغاز واليورانيوم والمعادن الأخرى، في حين تُعد تركمانستان من أغنى الدول بالغاز الطبيعي، بنسبة تصل إلى 3.08% من الإجمالي العالمي، من هنا يمكن فهم المساعي الأوروبية لتوسيع نفوذها في المنطقة كمحاولة لفك التبعية للغاز الروسي.

وأضاف مدير مركز "جي إس إم" للدراسات، أن الحرب الروسية الأوكرانية دفعت الغرب إلى توسيع خياراته، مشيرًا إلى زيارة رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين لأذربيجان، بهدف تطوير العلاقات وضخ مزيد من الغاز عبر تركيا باتجاه أوروبا، وهو ما يفسر جزئيًا تصاعد الاهتمام الغربي بمنطقة آسيا الوسطى.

أخبار ذات علاقة

أنابيب الغاز الروسي

روسيا تنفي إجراء محادثات مع أوروبا وأمريكا بشأن إمدادات الغاز

 وأشار ملحم إلى وجود محاولات غربية لانتزاع اللغة الروسية من هذه الجمهوريات، من خلال التحول من الأبجدية السيريلية إلى اللاتينية.

وأوضح أن هذه العملية بدأت في تركيا وأوزبكستان وأذربيجان، وتلتحق بها اليوم جمهوريات أخرى مثل كازاخستان وقرغيزستان وتركمانستان، في إطار سعي لإعادة تشكيل الهوية الثقافية، يترافق مع تقليص حضور وسائل الإعلام الروسية لصالح منصات محلية أو غربية.

ونوه إلى أن هناك محاولة لتكرار التجربة الأوكرانية في جمهوريات آسيا الوسطى، خاصة في ظل معاناتها من الفقر واعتمادها على المساعدات الخارجية، وعدم امتلاكها منافذ بحرية، ما يفرض عليها التعاون مع الدول المجاورة لتعزيز انفتاحها الخارجي.

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC