تتزايد حدة المواجهة بين واشنطن وكراكاس، بعد اعتراض مدمرة أمريكية سفينة فنزويلية لصيد التونة، في حادثة جديدة تعكس توتر العلاقات بين البلدين، وسط اتهامات من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنظيره الفنزويلي نيكولاس مادورو بدعم عصابات تهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة.
الحكومة الفنزويلية أعلنت أن المدمرة الأمريكية أوقفت السفينة داخل مياهها الاقتصادية الخاصة، وصعد جنود أمريكيون على متنها لثماني ساعات، قبل الإفراج عنها، في وقت وصف فيه وزير الخارجية الفنزويلي إيفان خيل الحادث بأنه "عمل غير قانوني وعدائي"، مؤكدا أن طاقم السفينة مكوّن من صيادين بسطاء لا يشكلون أي تهديد.
يرى خبراء أن هذه الحوادث تكشف عن أزمة أوسع، ترتبط بعدم حسم الخلافات حول الحدود البحرية والأمن في البحر الكاريبي؛ ما يفتح الباب أمام تصعيد محتمل يضر فنزويلا بشكل خاص، ويدفع حليفتيها، روسيا والصين، للتدخل سياسيا وربما ميدانيا.
الخبير في الشؤون الأمريكية، أحمد محارم، أوضح لـ"إرم نيوز" أن "واشنطن بررت هذه العمليات بمحاربة تهريب المخدرات، لكن الممارسات الميدانية تجاوزت ذلك؛ إذ تكررت عمليات اعتراض قوارب الصيد الفنزويلية، ما يفاقم التوتر ويدفع الملف نحو طريق مسدود".
وأضاف محارم أن هذه التصرفات قد تضر بمصالح الولايات المتحدة ذاتها؛ إذ تثير غضب الجاليات اللاتينية، ومن بينها الفنزويلية، داخل أمريكا.
أما الخبير في الشؤون الدولية، الداه يعقوب، فرأى أن "واشنطن تسعى إلى تضييق الخناق على نظام مادورو، الذي تتهمه بدعم شبكات المخدرات وغسل الأموال".
وأضاف أن "إدارة ترامب تنظر إلى فنزويلا باعتبارها بؤرة لعدم الاستقرار في أمريكا اللاتينية، وتسعى للإطاحة بنظامها عبر أدوات سياسية واقتصادية وحتى عسكرية".
من جانبه، اعتبر الباحث في جامعة إشبيلية، سي لحبيب شباط، أن المواجهات البحرية الأخيرة تمثل توترا جيوسياسيا خطيرا في منطقة حساسة، وقد تتطور إلى تصعيد عسكري محدود إن لم تُعالج دبلوماسيا.
وأكد شباط لـ"إرم نيوز"، أن "استعراض القوة من جانب واشنطن يهدف إلى الضغط على كراكاس ضمن استراتيجية الردع، لكن دخول أطراف كبرى مثل موسكو وبكين على خط الأزمة قد يرفع مستوى التوتر الدولي بشكل خطير".
وبحسب المراقبين، فإن هذه المناوشات قد تفضي إلى مفاوضات بين البلدين لتحديد الحدود البحرية وتخفيف التصعيد، لكن استمرارها من دون حلول دبلوماسية قد يجر المنطقة إلى مواجهة أوسع، في ظل التداخل الإقليمي والدولي في الملف الفنزويلي.