في "أعماق" مبنى مكتبة "هاري إلكينز وايدنر" التذكارية بجامعة هارفارد، يُدار أحد أكبر الأرشيفات اليهودية خارج إسرائيل، والذي يُعتبر "نظاماً احتياطياً" للثقافة الإسرائيلية في سيناريو كارثي يؤدي إلى زوال الدولة، وفق تقرير لصحيفة "هآرتس" العبرية.
يدير الأرشيف الدكتور تشارلز برلين، أمين المكتبة المخضرم البالغ 89 عاماً، الذي بدأ المشروع في الستينيات كطالب دكتوراه، ويضم اليوم نحو مليون عنصر مفهرس بدقة.
ويحتوي الأرشيف على مجمل الإنتاج الثقافي والاجتماعي الإسرائيلي، من كتب عبرية نادرة من عشرينيات القرن الماضي، مثل "أرض إسرائيل"، وكتيبات عيد الفصح من كيبوتس ياغور عام 1937.
كما يضم منشورات يومية، مثل إعلانات انتخابية، وملصقات مهرجان كرميئيل للرقص، وبرامج مهرجان إسرائيل، وكتيبات تذكارية لجنود سقطوا في الحروب، ووثائق من الكيبوتسات، إضافة إلى تقارير حكومية من وزارات مثل الإسكان والبنية التحتية، وتقارير زراعية من الضفة الغربية بين 1967-1970.
ويشمل الأرشيف أيضاً مواد دولية مثل عبوات ماتزو كوشير من روسيا، وستة ملايين صورة فوتوغرافية، وعشرات الآلاف من التسجيلات الصوتية والمرئية.
وأسس برلين الوحدة اليهودية في مكتبة هارفارد عام 1962، مستفيداً من تاريخ الجامعة الذي يعود إلى القرن السابع عشر، حيث كانت اللغة العبرية مادة إلزامية.
وخلال عقود، جمع مواد من إسرائيل عبر علاقات مع مكتبات محلية، بما في ذلك مجلات نسائية مثل "لا إيشا"، صحف جاليات يهودية، ووثائق من هيئات مثل بنك إسرائيل والصندوق القومي اليهودي.
ويُقدر أن أكثر من 5-7% من مجموعات هارفارد البالغة ملايين العناصر مرتبطة بالشعب اليهودي أو إسرائيل، مما يجعلها تضاهي مكتبة الكونغرس.
وأكد برلين أن التاريخ يعلّم حفظ المواد في أماكن متعددة، خاصة بعد إنتاج إسرائيل كميات هائلة من الكتب العبرية منذ 1970، تفوق الخمسمئة عام السابقة.
تشغل المجموعة قاعات واسعة، مفهرسة إلكترونياً، وتُدار بفريق يعالج كل مادة بعناية، كما قالت إليزابيث كيرك، أمينة المساعدة: "نحن مستعدون لاستلام أي شيء، حتى البريد غير المرغوب".
ويستمر برلين في عمله اليومي، مرتدياً ربطة عنق، معلناً: "سأموت على مكتبي". ويُعد الأرشيف، الذي بدأ كوحدة صغيرة، اليوم أكبر مستودع للتراث الإسرائيلي، محفوظاً للأجيال المقبلة.