باتت إسرائيل الداعم الرئيس لجهود ألمانيا في بناء أقوى جيش في أوروبا، في شراكة "غير عادية"، مع تزايد اعتماد برلين على التكنولوجيا الدفاعية لتل أبيب في تعزيز قدراتها العسكرية.
ووفق تقرير لصحيفة "تلغراف" البريطانية، فإن إسرائيل تساعد ألمانيا في بناء جيش يتجاوز قوتها التقليدية، مستفيدة من خبراتها في القتال الحقيقي، إذ تتحول ألمانيا بـ"قائمة أمنيات" بقيمة 377 مليار يورو، إلى قوة دفاعية أوروبية رائدة، مدعومة بشريك تاريخي غير متوقع.
وكثّفت إسرائيل في الأشهر الأخيرة من مساعدتها لألمانيا في مواجهة التهديدات الروسية والإيرانية، من خلال توفير صواريخ متقدمة، وطائرات بدون طيار، وأنظمة دفاع جوي، ما يعيد تشكيل الجيش إلى قوة دفاعية حديثة وفعالة.
وبدأت هذه الشراكة تتسارع مع تولي المستشار فريدرش ميرتس السلطة، حيث عكس عقودًا من نقص الاستثمار في الجيش الألماني الذي كان يعاني من ضعف في السابق، إلى درجة أن الجنود كانوا يستخدمون المكانس بدلًا من البنادق في المناورات.
ويدفع ميرتس بإصلاحات تسمح بإنفاق دفاعي غير محدود، ويحاول تمرير قانون لتجنيد الشباب عبر اليانصيب، ويبرز الاعتماد على إسرائيل كعنصر أساسي في هذه الاستراتيجية.
ونقلت "التلغراف" عن مسؤولين دفاعيين إسرائيليين كبار قولهم إنهم لا يلعبون دورًا رئيسًا فحسب، بل هم "فخورون" به، معتبرين ذلك شهادة على تحول العلاقات من "الماضي المظلم" إلى الالتزام المشترك بالأمن.
من أبرز جوانب هذه المساعدة، تخصيص ألمانيا ميزانية هائلة لشراء معدات إسرائيلية، إذ تكشف نسخ مسربة من "قائمة أمنيات" برلين لإعادة التسلح عن تخصيص 700 مليون يورو لطائرات بدون طيار ذاتية التفجير من إنتاج شركة "إلبيت" الإسرائيلية، بالإضافة إلى 100 مليون يورو إضافية للذخيرة الخاصة بأسطول طائرات "هيرون" بدون طيار، التي تنتجها شركة الصناعات الجوية الإسرائيلية.
وتعزز هذه الطائرات التي أثبتت كفاءتها في القتال، قدرات الاستطلاع والضربات الدقيقة للجيش الألماني، ما يجعله أكثر مرونة في مواجهة التهديدات غير التقليدية، إذ لم تقتصر المساعدة على الطائرات بدون طيار، بل امتدت إلى أنظمة الدفاع الجوي المتقدمة.
وفي سبتمبر/ أيلول 2023، وقعت ألمانيا صفقة بقيمة 4 مليارات يورو لشراء نظام "حيتس 3" الإسرائيلي، القادر على تدمير الصواريخ الباليستية العابرة للقارات، مثل الصاروخ الروسي "آر إس سارمات". ويمثل هذا النظام درعًا حيويًا لألمانيا ضد التهديدات النووية والصاروخية، خاصة مع تصاعد التوترات مع روسيا.
كما وقعت صفقة أخرى في أكتوبر الماضي بقيمة ملياري يورو لصواريخ "سبايك" المضادة للدبابات، وهي مشروع مشترك بين شركات ألمانية وشركة "رافائيل" الإسرائيلية، وتُعد من أكبر الصفقات الأوروبية للشركة الإسرائيلية.
ويمتد التعاون إلى المجال الاستخباراتي، حيث تعتمد برلين على معلومات من إسرائيل لمواجهة الإرهاب، ففي الشهر الماضي، ألقي القبض على ثلاثة مشتبهين في خلية تابعة لحماس في برلين، بتهمة التخطيط لهجمات على أهداف يهودية وإسرائيلية.
وأكد جهاز "الموساد" حينها أن الغارة كانت ممكنة بفضل عملية واسعة النطاق في أوروبا، ما يبرز كيف تساعد تل أبيب برلين في تعزيز أمنها الداخلي. وقال اللواء أمير برعام، مدير عام وزارة الدفاع الإسرائيلية: "إن اعتماد ألمانيا على قدراتنا يحمل صدى تاريخيًا عميقًا، ونحن فخورون بأن أنظمتنا تساعد في تشكيل الجيش الألماني الجديد".
ووفق النائب رودريش كيسويتر، فإن اعتماد بلاده على التقنيات الإسرائيلية في الطائرات بدون طيار والدفاع الجوي، إضافة إلى التعاون الاستخباراتي الذي منع هجمات إرهابية، بلغ مستويات كبيرة، مشيرًا إلى أن تل أبيب تقدم دروسًا في الثقافة الأمنية القوية، مقارنة بتركيز برلين السابق على تجنب الحروب.
رغم التوترات، مثل قرار ميرتس في أغسطس/ آب الماضي بوقف تسليم أسلحة إلى إسرائيل لاستخدامها في غزة، بسبب مخاوف من الدمار هناك، إلا أن هذا لم يؤثر على الشراكة، بل زادت الشهية للتكنولوجيا الإسرائيلية، كما في صفقة "سبايك" التي وقعت بعد أسابيع من الحظر.