سيتوجه نحو 7 ملايين من مواطني غينيا كوناكري، يوم الأحد القادم 28 ديسمبر، إلى صناديق الاقتراع، في أول انتخابات رئاسية منذ الإطاحة بالرئيس السابق آلفا كوندي في عام 2021، ويبدو الطريق مُمهداً أمام قائد الانقلاب الجنرال مامادي دومبويا لشرعنة سلطته، بعد 4 سنوات من الحكم الانتقالي، حيث سيتحول من رئيس عسكري إلى آخر مدني، غير أن هذه الانتخابات تثير الكثير من الجدل، حيث تشهد مقاطعة واسعة كبيرة بعد أن رفضت المعارضة المشاركة فيها، ونفس الشيء بالنسبة للأحزاب السياسية الوازنة في البلاد.
وسلط تقرير لمجلة "جون أفريك" الفرنسية، الضوء على القضايا الرئيسية المحيطة بهذه الانتخابات، التي تبدو نتائجها محسومة سلفاً، ومع ذلك بدأت السلطات في تقييد وصول مواطنيها إلى منصات التواصل الاجتماعي قبل نحو أسبوع من الانتخابات، حيث أصبح الوصول إلى فيسبوك متعذرًا في كوناكري بدون استخدام شبكة افتراضية خاصة (VPN).
ما يجعل انتخابات غينيا مثيرة للجدل، وفق "جون آفريك"، هو أن الجنرال ممادي، عمل خلال السنوات الأربع التي أعقبت الانقلاب الذي قاده ضد ألفا كوندي على تهميش أشد خصومه، كما بالغ في التضييق على المعارضة، واتخذ مساراً انتقالياً أحادياً بالكامل، وهو ما ترجمته المقاطعة الكبيرة للاستفتاء الذي أجراه في شهر سبتمبر 2025.
وتنقل المجلة، عن العديد من المراقبين تأكيدهم أن الانتخابات محسومة سلفاً. فقد تم تهميش جميع من كان بإمكانهم عرقلة فوز الجندي السابق في الفيلق الأجنبي، فقد تم تعليق عضوية اتحاد القوى الديمقراطية في غينيا (UFDG)، حزب سيلو دالين ديالو؛ وبموجب الدستور الجديد، أصبح ألفا كوندي المطاح به أكبر من أن يترشح بسبب تقدمه في السن؛ أما سيديا توري، من اتحاد القوى الجمهورية (UFR)، فيعيش في المنفى في ساحل العاج.
ويخوض الحملة الرئاسية التي تنتهي في 25 ديسمبر/كانون الأول عند منتصف الليل، 9 مرشحين، ينظر على نطاق واسع إلى 8 منهم باعتبارهم ديكوراً أكثر منهم منافسين حقيقيين للجنرال دومبويا.
وبحسب "جون آفريك"، دعا رئيس الوزراء باه أوري، وهو أيضا مدير حملة دومبويا، أنصاره إلى عدم إعلان النصر قبل الأوان، وحثهم على المشاركة بكثافة في الانتخابات.
وتدرك الحكومة أن الإقبال الكبير على التصويت، إلى جانب النتائج نفسها، سيعزز شرعيتها، وهي الشرعية التي افتقدتها خلال السنوات الأربع الماضية ، والتي تحاول اكتسابها عبر صناديق الاقتراع، رغم ما يثار حول العملية بأكملها في هذه الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.
ويؤكد التقرير أن القائد السابق لمجموعة القوات الخاصة، يريد انتخابات على مقاساته، حيث أثار اختيار هيئة تنظيم الانتخابات انتقادات من المعارضة، لكونه ألغى لجنة الانتخابات المستقلة، وأنشأ هيئة تابعة مباشرة لوزارة الإدارة الإقليمية، كما عين عليها بمرسوم رئاسي سيدة تدعى "دجينبو توري"، التي تربطها علاقة وثيقة بمامادي دومبويا، وبنفس الطريقة تم تعيين سيكو كوريسي كوندي ، رئيسا للمرصد الوطني المستقل للإشراف على الاستفتاءات والانتخابات (أوناسور).
تقرير المجلة الفرنسية، توقف عند جزئية لافتة، حيث اعتاد الأفارقة على إطلاق صفة "رئيس الدولة"، على أي رئيس غير منتخب أو وصل للسلطة عبر انقلاب، لكن الرئيس الانتقالي في غينيا، كان يطلق على نفسه لقب "رئيس الجمهورية" حتى قبل إجراء انتخابات الأحد المقبل.
ورغم أنه في بداية استيلائه على السلطة تعهد بفترة انتقالية تستمر 18 شهرا، لكنه مددها لأربع سنوات ونيف، ويقدم نفسه كرجل قدم انجازات لا سيما في مجال البنية التحتية، لكن معارضيه يقولون إن ما يتفاخر به ليس سوى عدة مشاريع أُطلقت في عهد الرئيس ألفا كوندي.
ووفقا لـ"جون آفريك"، فإن تدشين مشروع سيماندو الضخم لاستغلال منجم خام الحديد، يعد الإنجاز الأبرز لمامادي دومبويا، رغم أنه تقرر تنفيذه خلال رئاسة ألفا كوندي.
وخلال الفترة الانتقالية، نظّم مامادي دومبويا محاكمة لمرتكبي مجزرة 28 سبتمبر/أيلول 2009، وقدّم قائد الانقلاب السابق موسى داديس كامارا للمحاكمة. حُكم على كامارا في يوليو/تموز 2024 بالسجن عشرين عامًا، إلى جانب سبعة متهمين آخرين، بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، إلا أن الرئيس أصدر عفوًا عنه بعد أقل من عام.