تشنّ روسيا هجومًا "رقميًّا" واسعًا على أوكرانيا، إذ تدفقت آلاف الروبوتات الموالية للكرملين إلى الهواتف المحمولة لسكان شرق البلاد، حاملة معلومات خفية وأخرى تحريضية.
ووفق تقرير لصحيفة "التايمز" البريطانية، تشير الأبحاث إلى أن الحملة منسقة مركزيًّا جزئيًّا؛ ما يُحاكي إستراتيجية الحرب الهجينة الروسية على الأرض، فضلًا عن تضمّنها معلومات قد تكون "مضللة" لكسر الروح المعنوية، مثل: منشورات زعمت أن الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، مدمن على المخدّرات.
كما تضمنت المنشورات مديحًا للجنود الروس، وادعاءات بأن كييف تخلت عن هذه المنطقة أو تلك، وحججًا خفية لصالح قبول وثائق هوية روسية جديدة، وذلك عبر حسابات وهمية اجتاحت تطبيق تيليغرام بما يشبه "الاحتلال الرقمي".
واكتشف الباحثون شبكة تضم ما لا يقل عن 3634 حسابًا مزيّفًا نشرت أكثر من 316 ألف رسالة بين يناير/كانون الثاني 2024 وأبريل/نيسان من هذا العام، على منصة الوسائط والرسائل الأكثر شعبية في البلاد، تيليغرام.
واستهدفت الهجمات قنوات تيليغرام التي يستخدمها المدنيون في المناطق التي تسيطر عليها روسيا، في محاولة لإسكات المعارضة ودفع الروايات المصممة لإضعاف الهوية الأوكرانية وتعزيز شرعية موسكو.
كما تركّز الحملات على انقطاع التيار الكهربائي، وأسعار الحبوب، وإلقاء اللوم على أوكرانيا لفشلها في إصلاح البنية التحتية المكسورة، في حين تشيد بروسيا على أي ترميمات.
ورأت الباحثة، إيرينا آدم، أن أنشطة روسيا في مجال المعلومات تندرج ضمن رغبتها العامة في العودة إلى "هوامشها الاستعمارية القديمة". وأضافت "موسكو لا تتوق فقط إلى المطالبة الإقليمية المادية، بل تسعى أيضًا إلى التجانس الثقافي واللغوي داخل جميع دول الاتحاد السوفيتي السابق وخارجها".
وركزت الشبكة على مجتمعات صغيرة في مناطق، مثل: زابوريزهجيا ودونيتسك وخيرسون. وروجت الروبوتات ثلاثة أنواع من الرسائل: المديح المؤيد لروسيا، والنقد المناهض لأوكرانيا، وروايات "السلام" الأكثر ليونة التي تدعو إلى التعايش.
في إحدى الحالات، غمرت روبوتات الإنترنت مجموعة تيليغرام محلية بعد انقطاع التيار الكهربائي في إينرهودار، موطن محطة زابوريزهيا للطاقة النووية. وألقت هذه الروبوتات باللوم على أوكرانيا "لرفضها التعاون"، وأشادت بكفاءة المهندسين الروس.
يُعدّ تيليغرام منصة التواصل الاجتماعي المهيمنة في شرق أوروبا، ولا يزال يُستخدم على نطاق واسع في أوكرانيا، إذ إن هيكله المفتوح ومحدودية إدارته تجعله ساحة معركة رئيسة لعمليات التأثير.
ويعتمد الأوكرانيون بشكل كبير على قنوات تيليغرام للحصول على الأخبار خلال فترة الحرب، حيث يستخدمه أكثر من 70% منهم، وفقاً لمسح أجرته إنترنيوز والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية عام 2023. ووجد البحث نفسه أن استخدام تطبيق المراسلة للحصول على الأخبار، قد تضاعف أكثر من ثلاثة أضعاف منذ بدء الحرب، متجاوزًا التلفزيون وفيسبوك كأكثر مصادر المعلومات استخدامًا في البلاد.
وغالباً ما تُحجَب شبكات الهاتف المحمول والتلفزيون والمواقع الإلكترونية الأوكرانية؛ ما يجعل تيليغرام النافذة الوحيدة للمعلومات الخارجية. ووُصف هذا التعتيم على الاتصالات بأنه ستار حديدي رقمي، يعزل المدنيين ويجعلهم أكثر عرضة للتضليل والدعاية.
كما تشكل قنوات تيليغرام المحلية، التي يدير بعضها مسؤولون أوكرانيون أو إدارات محلية، مصادر أساسية للمعلومات التي تم التحقق منها ونشر تنبيهات في الوقت الحقيقي لكل شيء بدءًا من صفارات الإنذار من الغارات الجوية وتحركات الصواريخ والطائرات دون طيار، إلى إغلاق الطرق وتحديثات الشرطة.