أيّد المفكر الروسي ألكسندر دوغين، الذي يُشار إليه، أحياناً، باسم "عقل" الرئيس فلاديمير بوتين نظرًا لتأثيره الأيديولوجي على السياسة الروسية، سياسات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وقال دوغين في مقابلة مع شبكة "سي أن أن"، يوم الأحد الماضي، إن أمريكا في عهد ترامب تشترك مع روسيا في عهد بوتين في قواسم مشتركة أكثر بكثير مما يعتقد معظم الناس.
وأضاف: "سيفهم مؤيدو ترامب وأتباعه بشكل أفضل ماهية روسيا، ومن هو بوتين، ودوافع سياساتنا".
ووفق صحيفة الإندبندنت" البريطانية، فقد صنع دوغين اسمه من خلال تبنيه لموضوعات قومية وتقليدية روسية، ونشره على نطاق واسع لكتابات حول مركزية روسيا في الحضارة العالمية.
وبحسب الصحيفة، "ينبغي أن يكون هذا التأييد بمثابة تحذير من الطبيعة التخريبية للبيت الأبيض في عهد ترامب. فهو يوحي بأن دوغين يعتقد أن سياسات ترامب تدعم المصالح الروسية".
وقالت إن دوغين بدأ مسيرته المهنية كناشط مناهض للشيوعية في ثمانينيات القرن الماضي.
وأضافت: "لم يكن هذا نابعاً من نفوره الأيديولوجي من الشيوعية، بل رفضه للأممية التي تبناها الحزب الشيوعي في الاتحاد السوفييتي. كما انتقد الحزب لانفصاله عن القيم التقليدية، خاصةً الدينية".
ويقترح دوغين ما يسميه "نظرية سياسية رابعة". ويزعم أن النظريات الثلاث الأولى، هي: الماركسية، والفاشية، والليبرالية، تنطوي على بعض الأخطاء، لا سيما رفضها للتقاليد، وتبعية الثقافة للفكر العلمي.
وأوضحت الصحيفة أن نظرية دوغين السياسية الرابعة تجمع بين النظريات الثلاث، وتتجاهل العناصر التي يختلف معها، خاصةً تراجع أهمية الأسرة والثقافة التقليديتين.
وتصل إلى ذروتها في مزيج من الأفكار التي تبدو، أحياناً، ماركسية وأحياناً فاشية، لكنها تُركز دائماً على أهمية الثقافة الروسية التقليدية.
وأضافت أن فلسفته التأسيسية هي المذهب التقليدي، الذي يعتبره قوةً لروسيا. وهكذا، أصبح مؤيداً قوياً لرئيس البلاد، فلاديمير بوتين، الذي يُشدد على القيم الروسية التقليدية.
ويتفق دوغين وبوتين في انتقادهما للفردية الليبرالية المناهضة للدِّين، والتي يزعمان أنها تُدمر القيم والثقافة التي يقوم عليها المجتمع.
ويُقدّر بوتين دوغين لأنه يُعزز أهداف الرئيس. وتستند أهداف بوتين الأمنية جزئياً إلى مبدأ أن الوحدة السياسية قوة والانقسام السياسي ضعف. إذا استطاعت روسيا الحفاظ على وحدتها السياسية بأي وسيلة ضرورية، فإنها تُحافظ على تصورها للقوة.
وإذا انقسمت دولة مُعارضة لروسيا داخلياً، يُمكن تصويرها على أنها ضعيفة.
يُشجّع دوغين الناخبين على دعم بوتين، مستنداً في دعمه إلى فلسفة العظمة الروسية والتفوق الثقافي، ومفهوم الوحدة الروسية.
وانعكس تأثيره على الحكومة والمجتمع الروسي، إذ ينشر دوغين بغزارة، ويُلقي محاضرات في الجامعات والهيئات الحكومية حول أضرار الليبرالية الغربية.
كما عمل مستشاراً لسيرجي ناريشكين، المدير الحالي لجهاز الاستخبارات الخارجية (SVR) في الاتحاد الروسي، وفق التقرير.
وتدعم آراء دوغين توسع روسيا، لا سيما تجاه أوكرانيا. ويشكك في وجود أوكرانيا، ويدعم حرب روسيا هناك بكل إخلاص.
لكن دعمه للحرب أدى إلى محاولة اغتياله. ففي 20 أغسطس/آب 2022، انفجرت قنبلة في سيارة يملكها دوغين، مما أسفر عن مقتل ابنته داريا، التي كانت تقودها عائدة من مهرجان للفنون التقليدية الروسية.
ورأت "الإندبندنت" أن روسيا تُطبّق مبدأ "الوحدة قوة" نفسه على خصومها، ولكن بالعكس.
وأشارت إلى أن العديد من المفكرين السياسيين الروس يحاولون إبراز الانقسامات السياسية في الدول غير الصديقة، ويعملون جاهدين على توسيع الخلافات القائمة، ودعم الأحزاب والجماعات السياسية المُخربة.
وتمنح هذه العمليات الحكومة الروسية القدرة على تشويه سمعة القوى الأجنبية التي تعتبرها روسيا خصوماً، من خلال إظهارها ضعيفة في عيون شعبها - والأهم من ذلك، في عيون الشعب الروسي.
وبحسب الصحيفة البريطانية، يُرجّح أن تكون مقابلة دوغين التي أيّد فيها سياسات ترامب قد حظيت بموافقة مباشرة من الكرملين. وهو يدفع باتجاه تأييد الكرملين لتأثير ترامب المُثير للانقسام، وبالتالي المُضعف، على السياسة الأمريكية.
وأضافت: "لكن خطاب دوغين القومي الروسي المتطرف يتعارض، أحياناً، مع محاولات بوتين ضم جميع شعوب روسيا في دولة موحدة قوية، بدلًا من اقتصارها على الروس العرقيين فقط".
واستكملت: "ولأن روسيا دولة متعددة الأعراق، فإن القومية العرقية الروسية قد تعوق محاولات بوتين لإظهار قوته من خلال الوحدة. إن الوصف الذي أطلق على دوغين بأنه "عقل بوتين" دقيق في بعض الأحيان فقط".