logo
العالم

"حرب الخرائط والسرديات".. أوكرانيا تواجه سيناريو كارثيا إذا رفضت خطة ترامب

قوات أوكرانيةالمصدر: yandex

داخل أوكرانيا، لا تدور المعارك فقط على الأرض بل على الخرائط والشاشات، حيث تحاول كييف عبر تحديثات السيطرة اليومية، وسرديات إعلامية، تأجيل اللحظة الحاسمة للاعتراف بالانهيار العسكري، وفق متابعين.

بدورها، تراقب موسكو هذه المناورات بدقة لتستثمر كل خطوة على الأرض في الضغط السياسي والإقليمي، وتوظيفها لتثبيت مكاسبها الإستراتيجية دون مواجهة مباشرة تمنح أوكرانيا فرصة لاستعادة المبادرة.

وتكشف الخرائط اليومية الصادرة عن معهد دراسة الحرب ومنصات LiveUAMap وDeepState Map، أن القوات الروسية تحقق تقدمًا ثابتًا على محاور الشرق والجنوب، والاقتراب من مدينة بوكروفسك الإستراتيجية على بعد 3 كيلومترات من الضواحي الجنوبية، والتي تعد نقطة عبور رئيسة لخطوط السكك الحديدية، والطرق البرية، وتوزيع القوات الأوكرانية.

وتتضح التحولات السياسية في تصريحات الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي أقر بصعوبة استعادة الأراضي التي استولت عليها روسيا بالوسائل العسكرية، ودعا إلى حلول دبلوماسية.

وفي الوقت ذاته، شدد زيلينكسي على رفضه التنازل عن أي مساحة من الأراضي، وهو موقف يواجه تباينًا داخليًا بين الرغبة في إنهاء الحرب سريعًا، حتى لو تطلب ذلك التنازل، وبين الإصرار على القتال حتى النصر.

وأصبحت الخرائط سلاحًا إعلاميًا، فيما يُعرف بـ"Mapaganda"، حيث تُوظف تحديثات السيطرة على المدن والقرى لإظهار النجاح العسكري وخلق شعور بصمود وهمي.

أخبار ذات علاقة

دونالد ترامب وفولوديمير زيلينسكي

ضغوط ترامب.. واشنطن تستعجل "الصفقة" وأوروبا ترفض الهزيمة في أوكرانيا

تحديثات وصمود وهمي

ويرى الخبراء أن أوكرانيا تخوض، اليوم، حرب خرائط وسرديات سياسية تهدف لتأخير الاعتراف بالانهيار العسكري، محاولة عبر تحديثات الخرائط والرسائل الإعلامية إبراز صمود وهمي على الجبهات، رغم التقدم الروسي المتواصل في الشرق والجنوب.

وبهذا السياق، قال خبير العلاقات الدولية والمختص في الشؤون الأوروبية، د. عبد المسيح الشامي، إن أوكرانيا تعيش، الآن، "الدقائق الأخيرة" من سياسة التعنت ورفضها للمبادرة الأمريكية، في إطار ما يمكن تسميته حرب خرائط وسرديات، حيث تحاول كييف تأخير الاعتراف بالوقائع على الأرض، وفق قراءته.

وأكد الشامي، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن واشنطن وضعت كييف وزيلينسكي في زاوية حادة، إما التخلّي الكامل عنها، أو قبول المبادرة الأمريكية كما هي.

وأضاف أن الأيام الماضية شهدت مفاوضات منفردة بين الأمريكيين والأوكرانيين دون الأوروبيين، وهو تحول كبير في مسار التفاوض، حيث أصبح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتحكم الرئيس في الملف، بينما تراجع الدور الأوروبي إلى الهامش.

مفاوضات سلام جدية

وأشار الشامي إلى أن زيلينسكي يميل سياسيًا نحو العواصم الأوروبية، وهو ما يطيل عمر الحرب، ويؤخر الدخول في مفاوضات سلام جدية، مضيفًا أن فاتورة هذا الخيار ستكون باهظة داخليًا وخارجيًا، وقد تتحمل السلطة الأوكرانية مسؤولية خسارة مئات الآلاف من الأرواح وربما جزء كبير من الدولة.

وأوضح أن أي محاولة للمماطلة أو إضافة تفاصيل جديدة، لن تكون مجدية مع ترامب، الذي يعرف بدقة ما يريد ويتعامل بحسم، فهي إما قبول المبادرة أو تحمل العواقب كاملة، مشيرًا إلى ضيق الوقت المتاح، وأن مهلة نهاية العام قد تكون الحد الفاصل، متوقعًا أن تنتهي الأمور قبل السنة الجديدة.

من جانبه، قال المحاضر في العلوم السياسية والباحث في مركز البحوث العلمية التطبيقية في موسكو، ميرزاد حاجم، إن الولايات المتحدة ما زالت تزود أوكرانيا بالسلاح، بينما يتولّى الأوروبيون دفع التكلفة المالية.

وأضاف حاجم، في تصريح لـ"إرم نيوز"، أن الدعم اللوجستي والاستخباراتي لا يزال تحت الغطاء الأمريكي، ضمن إطار ما يمكن اعتباره جزءًا من حرب الخرائط والسرديات التي تخوضها كييف لتأخير الاعتراف بالانهيار العسكري.

وأوضح أن أوكرانيا، إذا رفضت خطة ترامب للسلام، فإنها "ستنتحر عسكريًا"، لأنها تواجه خيارًا وجوديًا يرتبط بمصير الدولة نفسها.

وكشف أن خطة ترامب تقوم على تجميد الوضع عند خطوط التماس الحالية، وهي خريطة جديدة بالكامل مقارنة بما قبل العام 2022، بعد ضم روسيا فعليًا أقاليم واسعة من الشرق.

أخبار ذات علاقة

قوات روسية على إحدى الجبهات

روسيا تدمر مقرين للتحكم بالمسيرات الأوكرانية في دونيتسك

مناطق منزوعة السلاح

وقال حاجم إن موسكو باتت تمتلك جمهوريات ضُمت، رسميًا، إلى روسيا في: دونيتسك، ولوغانسك، والقرم، وزابوروجيا، وخيرسون، ما يشكل نحو 27–30% من مساحة أوكرانيا، مشددًا على أن المناطق المنزوعة السلاح ستخضع للجيش الروسي، ما يجعل الشرق منفصلًا عمليًا عن الغرب، ويؤكد خسارة أوكرانيا لمساحات حيوية.

ولفت إلى أن استمرار الحرب مرتبط أيضًا بملفات الفساد المحتملة داخل أوكرانيا، وهو ما يدفع زيلينسكي للاستمرار في القتال بدعم أوروبي، مشددًا على أن السؤال، الآن، لم يعد حول ما إذا كانت أوكرانيا ستصمد، بل بأي جغرافيا ستبقى؟

وأكد حاجم أن الدولة لن تختفِي، لكن شكلها وحدودها سيتغيران جذريًا، وأن التقدم الروسي ثابت ومتواصل، حيث عمليات موسكو تنفذ بدقة محسوبة، وأن أي اجتماع مثل لندن بين زيلينسكي ودول الترويكا هو مجرد محاولة لتأجيل الانهيار، دون تغيير حقيقي إلا باتفاق شامل يحدد شروط العمل العسكري بدقة.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC