logo
العالم

شبح بنما يخيم على كاراكاس.. عقبات تعقّد خيار واشنطن غزو فنزويلا

جنود أمريكيون يحرسون مواقعهم في مدينة بنماالمصدر: فورين بوليسي

أعاد تصاعُد الوجود العسكري الأمريكي حول فنزويلا، إلى الواجهة ذكرى الغزو السريع لبنما عام 1989، حيث أطاحت واشنطن بالدكتاتور مانويل  نورييغا خلال أيام معدودة، غير أن الحنين إلى نصر سريع قد يتحوّل إلى  مأزق إستراتيجي طويل الأمد.

أخبار ذات علاقة

الولايات المتحدة ترسل مشاة البحرية إلى بنما

"مناورات في الظل".. هل توجه واشنطن رسالة إلى كاراكاس من غابات بنما؟

فمنذ شهور، تواصلت التحركات الأمريكية بالمنطقة، بما في ذلك نشْر سفن حربية في البحر الكاريبي، ودوريات لقاذفات "بي-52"، إلى ضربات على قوارب يُشتبه في تهريبها للمخدرات، وعمليات سرية نفذتها وكالة المخابرات الأمريكية. 

وبحسب "فورين بوليسي"، فإن هذه الأنشطة أعادت إلى الأذهان فكرة أن القوة العسكرية وحدها يمكن أن تُحدث تغييرات سريعة، وهو تصور تجده المعارضة الفنزويلية مغريًا، خصوصًا زعيمة المعارضة ماريا كورينا ماتشادو، التي طالبت واشنطن بالتدخل ضد ما تسميه بـ"حرب مادورو".

أخبار ذات علاقة

مدمّرة أمريكية في بحر الكاريبي

من اجتياح بنما إلى تهديد فنزويلا.. المخدرات ذريعة لحروب أمريكا

لكن الخبراء يحذرون من أن مقارنة فنزويلا ببنما في 1989 مضللة؛ فحينها، كانت الولايات المتحدة تتمتع بوجود عسكري دائم في بنما، إضافة إلى آلاف الجنود المستعدين للتحرك، وبنية استخباراتية متكاملة، وخطة محكمة استغرق إعدادها أسابيع قبل إطلاق ما عرف حينها بعملية "السبب العادل" لغزو بنما، وفي المقابل، لا تضم فنزويلا اليوم أي قوات أمريكية دائمة، ولا توجد معاهدات تمنح واشنطن الحق في العمل داخل البلاد، ولا وجود لبنية استخباراتية أمريكية موازية لما كان موجودًا في بنما.

كما تشكل الجغرافيا عائقًا آخر؛ خصوصًا أن فنزويلا أكبر 12 مرة من بنما، وتضم سهولًا شاسعة، بما فيها جبال الأنديز، وغابات الأمازون، وعدة مراكز حضرية مكتظة؛ ما يعقد القيام بأي عمليات عسكرية، كما أن القوات الفنزويلية أكثر عددًا وتنظيمًا. ويضم الجيش الوطني الفنزويلي في صفوفه ميليشيات من النظام وقوات شبه مسلحة موالية، إضافة إلى مجموعات غير نظامية على الحدود؛ ما يجعل الهيكل الأمني لفنزويلا أكثر مرونة ومقاومة لأي ضربة سريعة.

ومن الجانب الجوي، تمتلك فنزويلا أنظمة دفاع جوي بعيدة ومتوسطة المدى؛ ما يعقد أي حملة جوية أمريكية، حتى لو كانت جاهزة جزئيًّا.

وسياسيًّا، الفارق بين فنزويلا وبنما كبير أيضًا؛ ففي بنما، كانت هناك حكومة بديلة جاهزة عند بدء الغزو؛ ما منح العملية شرعية فورية وأدّى إلى تغير النظام دون احتلال طويل، أمَّا في فنزويلا فالمعارضة منقسمة، وزعماؤها يقبعون في مخابئ أو خارج البلاد، ولا توجد حكومة بديلة قادرة على تولي السلطة؛ ما يعني أن أي تدخل أمريكي قد يتحول من تحرير إلى احتلال، ويمنح مادورو وأتباعه سببًا لتعبئة المقاومة الوطنية.

كما يحذر مراقبون من أن المشهد الدولي اليوم أكثر تعقيدًا؛ ففنزويلا محاطة بدول قوية اقتصاديًّا وعسكريًّا، مثل: الصين وروسيا وإيران، ودول إقليمية، وحتى تلك المناهضة لمادورو، لا تزال مترددة أمام أي تدخل عسكري أمريكي.

وبينما تتمتع واشنطن بقدرات عسكرية ضخمة لا شك فيها، لكنها ليست كافية وحدها؛ فالاختلافات الهيكلية والجغرافية والسياسية تجعل تجربة بنما غير قابلة للتكرار؛ ما يهدد بأن أي محاولة قد تصبح مأزقًا طويل الأمد مع احتمالية ضئيلة لنجاح سريع في فرض الديمقراطية؛ ما يعني أن الحنين إلى الماضي قد يغرق واشنطن في واقع معقد لا يمكن تجاوزه بالقوة وحدها.

logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2025 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC