عندما هدَّد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشكل مفاجئ في مطلع هذا الأسبوع عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتنفيذ ضربات في نيجيريا، أجاب وزير الدفاع بسرعة "أمرك سيدي".
لكن عددًا من المسؤولين في وزارة الدفاع (البنتاغون) وصفوا شعورهم بالصدمة من أوامر ترامب وهم يحاولون فهم أولويات إدارة رفعت في الأشهر القليلة الماضية من شأن قضايا كانت في السابق هي آخر اهتماماتها، مثل: التجارب النووية والديمقراطية في فنزويلا وتهريب الكوكايين، بحسب رويترز.
وتوقع مسؤولو البنتاغون على نطاق واسع أن تعطي إدارة ترامب الأولوية لأمن الحدود، والقوة العسكرية المتنامية للصين، والضغط على حلفاء حلف شمال الأطلسي لبذل المزيد من الجهود للوقوف في وجه روسيا.
لكن إعلانات مختلفة أصدرها ترامب في الأسبوع الماضي، حول أمور، مثل: التجارب النووية، ونيجيريا، فاجأت الكثيرين وبدت وكأنها تعيد ترتيب أولويات البنتاغون.
وتعليقًا على إعلانه الخاص بنيجيريا، قال أحد المسؤولين العسكريين الأمريكيين، مشترطًا عدم نشر هويته، "أعتقد أن الأمر يصل إلى علمنا جميعًا في الوقت نفسه".
اتهم ترامب في منشور مساء السبت على موقع تروث سوشيال حكومة نيجيريا بالسماح بقتل المسيحيين. وأمر البنتاغون بالاستعداد "لعمل محتمل"، وحذَّر من أن أي ضربات ستكون "سريعة وشرسة".
وعندما سُئل يوم الأحد عمَّ إذا كان يفكر في نشر قوات برية أو تنفيذ غارات جوية في نيجيريا، قال ترامب "قد يكون ذلك. أقصد ربما أشياء أخرى أيضًا. أتصور الكثير من الأمور".
تبعد نيجيريا أكثر من ثلاثة آلاف كيلومتر عن جيبوتي، موقع القاعدة العسكرية الأمريكية الدائمة الوحيدة في إفريقيا. وقال خبراء: إن الجيش الأمريكي يحتاج إلى المزيد من الموارد في المنطقة، وإلى الوقت لجمع المعلومات المخابراتية اللازمة لمهاجمة الجماعات المتشددة بفاعلية.
وأصبحت بوكو حرام، التي قد تكون الجماعة المتشددة الكُثرى شهرة في نيجيريا، أولوية بالنسبة للولايات المتحدة قبل أكثر من 10 سنوات عندما خطفت ما يقرب من 300 تلميذة معظمهن مسيحيات من بلدة في شمال شرق البلاد. وتم اغتصاب العديد منهن وإجبارهن على اعتناق الإسلام.
لكن نيجيريا ابتعدت عن بؤرة الضوء في السنوات القليلة الماضية، ولم يتضح ما الذي بالتحديد دفع ترامب إلى إعلانه ذلك يوم السبت.
وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض آنا كيلي "يستمع الرئيس ترامب إلى العديد من مستشاريه الموثوق بهم في أي قضية.
ولكنه صاحب القول الفصل في كل ما يتعلق بالسياسة الخارجية، وبالنسبة لهذا الأمر، كان مدفوعًا للتحرك ضد التهديد الذي يتعرَّض له مصير المسيحيين في نيجيريا".
وقال الزعيم الإنجيلي جاري باور لرويترز إن أشخاصًا يشعرون بقلق متزايد إزاء الهجمات على المسيحيين ضغطوا على ترامب قبل أن يصدر تحذيره لنيجيريا.
وجاء تهديد ترامب بعد يوم واحد من إضافة إدارته نيجيريا إلى قائمة "الدول التي تثير القلق بشكل خاص" والتي تضم دولًا تقول الولايات المتحدة إنها تنتهك الحريات الدينية.
وقال باور "أعلم أن الرئيس سمع من الكثيرين أن عليه اتخاذ إجراء".
وقال مسؤول دفاعي لرويترز: إن بعض أفراد الجيش الأمريكي توقعوا أن ترامب قد يتخذ إجراءً بعد أن تحدث السناتور تيد كروز عن المسيحيين في نيجيريا في سبتمبر/ أيلول، وأكتوبر/ تشرين الأول. ويقول كروز إن المسؤولين النيجيريين سمحوا "بإبادة جماعية للمسيحيين" شملت عشرات الآلاف من عمليات القتل على مدى السنوات الـ15 الماضية.
لكن المسؤول الدفاعي لم يكن على علم بأي أوامر محددة بتنفيذ عمليات في نيجيريا.
يتجاوز عدد سكان نيجيريا 200 مليون نسمة وبها نحو 200 مجموعة عرقية، وهي مقسمة بين الشمال ذي الأغلبية المسلمة والجنوب ذي الأغلبية المسيحية.
وعاث المتمردون، مثل: بوكو حرام وتنظيم داعش-ولاية غرب إفريقيا، فسادًا في البلاد لأكثر من 15 عامًا؛ ما أسفر عن مقتل آلاف الأشخاص.
في وسط نيجيريا، يشتبك الرعاة ومعظمهم من المسلمين والمزارعين المسيحيين بشكل رئيسي في كثير من الأحيان بسبب الوصول إلى المياه والمراعي. وفي الشمال الغربي، يهاجم المسلحون القرى بشكل روتيني ويختطفون السكان للحصول على فدية.
وقالت فيكتوريا كوتس، المسؤولة السابقة في إدارة ترامب والتي تعمل الآن في مؤسسة هيريتدج، إن نيجيريا كدولة منتجة رئيسية للنفط، تحتاج إلى توفير الأمن لطمأنة شركات النفط بأن بإمكانها القيام بأعمالها بأمان هناك. وأضافت "الوضع مزر للغاية".
وقال محللون إن معظم ضحايا عنف المتشددين هم من المسلمين. وقال المبعوث الأمريكي السابق إلى المنطقة جيه. بيتر فام، الذي شغل هذا المنصب خلال فترة ولاية ترامب الأولى، إن المسيحيين عانوا على نحو غير متناسب مع عددهم بالنسبة لتعداد سكان نيجيريا.
وأضاف "على أقل تقدير يثير (ترامب) الوعي بقضية أعتقد أنه تم تجاهلها فترات طويلة".