تصاعد التوتر بين الصين واليابان مؤخرًا، بالتزامن مع بدء الحكومة اليابانية الجديدة محادثاتٍ لتعديل الدستور ما بعد الحرب، ومنح سلطات طارئة للحكومة في حالات الحرب والكوارث؛ ما يهدد بإشعال مواجهة خطيرة وسط تصاعد حدة الخطاب الصيني تجاه طوكيو على خلفية تايوان.
وبحسب "واشنطن تايمز"، أصدرت وزارة الخارجية الصينية بيانًا حاد اللهجة، حذرت فيه اليابان من أنها قد "تفنى" إذا تدخلت في أزمة تايوان، مستشهدة بماضي اليابان العسكري، ووصفت تصريحات طوكيو حول الدفاع عن تايوان بأنها غير مقبولة على الإطلاق.
ويرى الخبراء أن الإشارة إلى تاريخ العدوان الياباني ضد الصين خلال 1937-1945، وتاريخ العدوان الياباني على القوى الأوروبية والولايات المتحدة، ربَّما تهدف أيضًا إلى تأجيج العلاقة بين سيول وطوكيو، خاصة بعد توتر أول منذ تولي رئيسة الوزراء سناي تاكايتشي السلطة في أكتوبر الماضي؛ ما قد يؤثر على التعاون العسكري الثلاثي بين اليابان وكوريا الجنوبية والولايات المتحدة.
وصرح المتحدث البارز باسم وزارة الخارجية الصينية لين جيان، بأن تصريحات تاكايتشي "استفزازية وخاطئة" ولن تتسامح الصين معها، مطالبًا بسحبها، وحذر من أن أي تدخل عسكري في مضيق تايوان سيكون اعتداءً سيواجه برد "حازم وحاسم"، وأضاف: "من يلعب بالنار سيهلك بها"، مستذكرًا حرب اليابان.
وفي طوكيو، شرعت الأحزاب الحاكمة، حزب تاكايتشي الليبرالي الديمقراطي وحزب الابتكار الياباني، في محادثات لتعديل دستور 1947، بما يشمل تعديل المادة 9 التي تنص على نبذ الحرب، ومنح الحكومة صلاحيات أوسع في حالات الكوارث أو الهجمات المسلحة.
وكشفت مصادر أن اليابان بدأت بالفعل في تخفيف قيود دستورها منذ 2014-2015 من خلال "تفسيرٍ" يسمح للقوات اليابانية بالمشاركة في الدفاع الجماعي عند الضرورة الوطنية، وقد عزز هذا النهج رئيس الوزراء الراحل شينزو آبي، المرشد السياسي لتاكايتشي، غير أن هذه التحركات أثارت تاريخيًا توترًا مع الصين وكوريا الجنوبية، اللتين لا تزالان تستذكران ذكريات الحرب بحساسية، رغم التحسن النسبي في العلاقات مع طوكيو منذ 2022؛ ما سمح بتوسيع التعاون العسكري والاستخباراتي الثلاثي بقيادة الولايات المتحدة.
لكن التوتر عاد مؤخرًا بعد تدريبات جوية لكوريا الجنوبية فوق جزر دوكدو/تاكيشيما، وهي جزيرة متنازع عليها تسيطر عليها كوريا الجنوبية ولكن تطالب بها اليابان؛ ما دفع بعض المعلقين الصينيين على وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة سيول إلى دعم موقف بكين في النزاعات التاريخية والإقليمية.
ويعتقد محللون أن تصعيد الخلاف بين بكين وطوكيو، بالتزامن مع مناقشات تعديل الدستور الياباني، يوضح حجم الصراع المتشابك بين التاريخ والسياسة والرهانات الأمنية في شرق آسيا، ويضع مستقبل الاستقرار الإقليمي على المحك.