مسيّرة تستهدف سيارة على طريق بلدة مركبا جنوبي لبنان
يشهد مشروع الطائرة القتالية الأوروبية المستقبلية (Scaf)، الذي يجمع فرنسا وألمانيا وإسبانيا، جمودًا خطيرًا، إذ تفكر ألمانيا في المضي قدمًا في المشروع مع دول أخرى مثل السويد أو المملكة المتحدة.
ورأت الباحثة الأوروبية المتخصصة في الشأن الدفاعي الأوروبي، جوهانا موهرينغ، أن مشروع (SCAF) ومشروع الدبابة الأوروبية المستقبلية (MGCS) يعكسان الطموح الأوروبي في بناء قدرات دفاعية مشتركة، لكنهما واجها هزات قوية بسبب الخلافات التقنية، الصناعية والسياسية.
وقالت موهرينغ، في تصريحات لـ"إرم نيوز"، إن التوترات بين شركتي الطيران داسو وإيرباص ليست مفاجئة، بل تعكس صراعًا أعمق حول من يمتلك القيادة الفعلية والقوة التكنولوجية داخل المشروع.

وأوضحت أن فرنسا ترى داسو كقائد صناعي يمتلك خبرة تعود إلى عقود، بينما ألمانيا تسعى إلى ضمان أن الشريك الفرنسي لا يحتكر التحكم بل يكون هناك توازن يمكنه من الاستفادة والرقابة.
واعتبرت موهرينغ أن التباطؤ في تنفيذ المشروع، خاصة بناء النموذج التجريبي، يمكن أن يفوّت الفرص التكنولوجية والتجارية.
وأضافت: "المنافسون مثل مشروع "GCAP" يُقدمون بدائل قد تجذب الدول التي تنتظر حلولاً أسرع، فالصناعة الأوروبية لا يمكن أن تنتظر حتى 2040 دون أن تُظهر نتائج ملموسة تحفظ الثقة السياسية.
وترى موهرينغ أن خيار التحالفات الجديدة (السويد، والمملكة المتحدة، أو التوسع مع إسبانيا) ليس مجرد تهديد بل ضرورة إذا استمرت المراجعة غير الواضحة للقيادة والتشارك في الملكية الصناعية، مشيرة إلى أن ألمانيا قد ترى في ذلك وسيلة لحماية استثماراتها التكنولوجية والسيادية.
وقالت موهرينغ إن هناك ضرورة لقرار سياسي موثوق به من أعلى المستويات، حيث إنه ليس كافيًا أن تتفق الشركات والمصانع والشركاء الصناعيون، بل ينبغي أن يتحمل القادة الحكوميون مسؤولية تنفيذ هذه الشراكات على أرض الواقع، وضمان احترام الجدول الزمني، والدعم المالي، والتوازن الصناعي من قبل الجميع.

ودعت الباحثة الأوروبية فرنسا وألمانيا إلى إعادة التفاوض على هيكل الحوكمة الصناعية للمشروع بطريقة شفافة تعطي داسو دورًا قياديًا واضحًا، لكن مع آليات للمحاسبة والمشاركة من الأطراف الأخرى.
كما دعتهما إلى تسريع مراحل النموذج التجريبي مع مؤشرات أداء واضحة، لضمان ألا يفقد المشروع الزخم أمام المنافسين، وكذلك تقييم خيارات التحالف البديلة كجزء من إستراتيجية B، ولكن دون أن يكون هذا الخيار ورقة ضغط فقط، بل شبكة أمان تشاركية إذا فشلت الشروط في الالتزام.
وفي خضم مشروع الطائرة القتالية الأوروبية المشتركة، الذي كان من المفترض أن يجسد وحدة القارة وقوة الشراكة الفرنسية-الألمانية، تلوح في الأفق أزمة كبرى قد تطيح بأحد أضخم البرامج العسكرية في العالم.
برلين، التي ضاقت ذرعًا بالخلافات مع باريس، تدرس بجدية التخلي عن فرنسا والبحث عن حلفاء جدد مثل السويد أو المملكة المتحدة، في خطوة قد تعيد رسم خريطة التعاون العسكري الأوروبي.
وقالت محطة "بي.إف.إم" التلفزيونية الفرنسية، إن الحكومة الألمانية تدرس بجدية الاستغناء عن فرنسا في مشروع (Scaf)، وهو برنامج عسكري تبلغ قيمته 100 مليار يورو، وكان من المفترض أن يوفر بديلاً لمقاتلة "رافال" بحلول عام 2040. والمشروع متوقف، حاليًا، بسبب توترات بين شركة داسو الفرنسية ومجموعة إيرباص الأوروبية التي تمثل الجانب الألماني.
وبحسب صحيفة بوليتيكو، فإن التوترات بلغت درجة دفعت برلين لإبلاغ "إيرباص" أنها تفكر فعليًا في المضي دون فرنسا، وربما التحالف مع السويد أو المملكة المتحدة، أو الاكتفاء بالتعاون مع إسبانيا.
في المقابل، تشارك بريطانيا في مشروع آخر مشابه يعرف بـ"تمبست" (GCAP) بالتعاون مع إيطاليا واليابان، لكنه يعاني هو الآخر من عقبات كبرى، حيث وصفته وكالة بريطانية رسمية، مؤخرًا، بأنه "فاشل على الأرجح".
أما السويد، فقد انسحبت من البرنامج نهاية 2023، ما يفتح المجال أمام شركة "ساب" السويدية للتعاون مع ألمانيا.
ولا يقتصر مشروع "Scaf" على بناء مقاتلة جديدة فقط، بل يهدف إلى إنشاء نظام قتال متكامل يربط الطائرات الحربية بطائرات المراقبة والتزويد بالوقود والطائرات من دون طيار (درون).
وانطلق المشروع، العام 2017، مع بداية ولاية الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بالتوازي مع مشروع الدبابة الأوروبية (MGCS).
وعلى الورق، كان يفترض أن تقود فرنسا مشروع الطائرة فيما تتولّى ألمانيا قيادة مشروع الدبابة، ليجسّدا معًا الوحدة الأوروبية، لكن سرعان ما تباطأ المشروعان بسبب الخلافات حول توزيع المهام. وبينما تمكن مشروع الدبابة (MGCS) من تجاوز العقبات مؤخرًا، ما زال مشروع المقاتلة Scaf عالقًا عند مرحلة ما قبل بناء النموذج التجريبي.
وتصر شركة داسو على أن خبراتها وتقنياتها الفريدة، التي أثبتت نجاحها عبر المقاتلة "رافال"، تؤهلها لقيادة المشروع بشكل حصري، وترفض التنازل عن "الكنز التكنولوجي" الذي تملكه.
من جانبها، ترى ألمانيا أن تمويلها الضخم للمشروع يجب أن يتيح لها حق الاطلاع والتحكم في هذه التقنيات، وإلا ستجد نفسها تملك "منتجًا جاهزًا" بلا سيادة تكنولوجية.
ومن المقرر عقد اجتماع رفيع المستوى في أكتوبر المقبل، على أن يتخذ القرار النهائي بنهاية العام. فإذا نجحت الأطراف الثلاثة في تجاوز خلافاتها، قد ينطلق أخيرًا بناء النموذج الأولي.
وتعيد هذه الأزمة إلى الأذهان أحداث الثمانينيات، حين انسحبت فرنسا من مشروع الطائرة الأوروبية المشتركة، الذي ضم: ألمانيا، وإسبانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وأسفر عن مقاتلة "يوروفايتر"، لتطلق حينها مشروعها الخاص "رافال".