logo
العالم

"جنرالات في قبضة "جويتا".. هل بدأ صراع الأجنحة يهز نظام باماكو؟

"جنرالات في قبضة "جويتا".. هل بدأ صراع الأجنحة يهز نظام باماكو؟
عناصر من الجيش المالي المصدر: ا ف ب
15 أغسطس 2025، 11:57 ص

بعد حملة اعتقالات "صامتة" طالت عشرات الضباط والجنود نهاية الأسبوع الماضي، ووسط غياب أي تفسير للخطوة المفاجئة لعدة أيام، أعلنت الحكومة الانتقالية في مالي مساء الخميس، أنها "أحبطت محاولة لزعزعة استقرار البلاد، خطط لها عسكريون ومدنيون بدعم من دولة أجنبية"، في إشارة إلى فرنسا التي تناصفها النخبة العسكرية الحاكمة في بامكو العداء، بل ورفعت شعار معاداتها بغية الحصول على شرعية في الداخل.. فما حقيقة ما جرى في مالي؟ وما طبيعة ما يجري الآن؟.

البداية 

تقول وسائل إعلام مالية، إن السلطات بدأت حملة الاعتقال الحالية بشكل هادئ منذ فاتح أغسطس/ آب الجاري، قبل أن ترفع من وتيرتها نهاية الأسبوع الماضي الذي شهد اعتقال أكثر من 40 عسكريا بينهم قادة ألوية ووحدات ميدانية، غالبيتهم تم توقيفهم من منازلهم بعيدا عن ثكناتهم، لكن إعلان حكومة بامكو أمس لم يذكر سوى اعتقال جنرالين وضباط ومواطن فرنسي يدعى "فزيلييه بان كريستيان برنار"  وصفته بـ"العميل".

مصادر في مالي تحدثت إليها "إرم نيوز"، كشفت أن إعلان السلطات عن وقوف جنرالين فقط وراء ما تسميه محاولة "زعزعة الاستقرار"، يحمل أكثر من تفسير، فرئيس المرحلة الانتقالية عاصيمي جويتا، لا يريد أن يعترف بأن أيا من رفاقه يفكر في الانقلاب عليه لكونه يقدم نفسه داخليا باعتباره ذلك الضابط الشاب الذي قاد انقلابين أحدهما على الرئيس الراحل إبراهيما بوبكر كيتا في أغسطس العام 2020، والثاني ضد شركائه في المرحلة الانتقالية مايو 2021، وما أعقبه من تفرد شبه كامل بالسلطة والامتناع عن تحديد آجال للمرحلة الانتقالية حتى أصبحت رئاسته "شبه مفتوحة".

ولعل أبرز ما كشفه إعلان وزير الأمن في مالي الجنرال داوود علي محمدين الليلة الماضية، فيما يتعلق بهذه القضية، يدعم الرأي السابق، حيث لم يتم وصف ما حدث بأنه "محاولة انقلاب"، بل "محاولة لزعزعة البلاد"، لكن الوزير كشف أن من بين المتورطين الجنرالين، عباس ديمبلي الحاكم السابق لإقليم منطقة موبتي، وهو أحد أبرز جنرالات الجيش، وقد خاص معارك طويلة ضد الجماعات المسلحة والمتشددة، وكان لافتا أيضا اتهام الوجه النسائي الوحيد في جيش مالي التي تحمل رتبة جنرال "نيما ساجارا"، في سابقة قد تغلق أيضا باب انفتاح المؤسسة العسكرية على النساء في أعلى هرم الجيش.

أخبار ذات علاقة

عناصر من الجيش المالي

خطط لها ضابط فرنسي.. إحباط محاولة انقلاب عسكري في مالي (فيديو)

 انقلاب أم تصفية؟

ما يحدث في مالي، رغم أن السلطات أزاحت الغموض عن جانب منه بإعلانها اعتقال 55 متورطًا من بينهم جنرالان بارزان، يرى مراقبون أنه أكبر من أن يكون مجرد محاولة "لزعزعة الاستقرار"، كما تسميها بامكو. بل يذهب بعضهم إلى اعتبار موجة الاعتقالات الأخيرة مؤشّرًا على بداية سعي الرئيس الانتقالي "عاصيمي جويتا" للتخلص من شخصيات نافذة تحظى بالقبول داخليًا، بل ولدى بعضها علاقات بدول تتصارع على النفوذ في البلاد.

ويرجع الصحفي المهتم بقضايا الأمن في منطقة الساحل، مصطفى عمر، في تصريح خاص لـ"إرم نيوز"، ما يجري في مالي إلى ما وصفه بـ"صراع الأجنحة والنفوذ" داخل النخبة العسكرية الحاكمة، مؤكدًا أن ما حدث كان متوقعًا بالنظر إلى الخلافات التي ظهرت خلال الشهرين الماضيين، قائلًا: "خلال أحد الاجتماعات للمجلس العسكري الحاكم في مالي، أظهر اثنان من الضباط (عقيدان) توجّهًا مختلفًا تمامًا عن البقية، حيث انتقدا ضمنيًا الارتماء الكامل في الحضن الروسي، واعتبر أحدهما أن قوات فاغنز (الفرع الأفريقي) لا تستطيع الصمود أمام الجماعات التي تحارب الحكومة، وتحديدًا جماعة ماسينا".

واعتبر مصطفى عمر أن الإعلام المالي تحدّث عن هذا الاجتماع، والذي بدا فيه أن هناك من بين الجنرالات من لا يمانع في مد جسر التعاون مجددًا لفرنسا، أو على الأقل عدم ترك المجال لروسيا وحيدة. مؤكدًا أن إحجام عائلات المعتقلين عن التصريح عقب اعتقال ذويهم من منازلهم، يعكس حساسية الملف من جهة، وعدم الرغبة في استفزاز جويتا ورفاقه.

أخبار ذات علاقة

 رئيس وزراء مالي الأسبق، شوغيل كوكالا مايغا

اعتقال رئيس وزراء مالي الأسبق شوغيل مايغا بتهم فساد

 ما علاقة وزير الدفاع؟

منذ تسارع موجة الاعتقالات في صفوف الضباط والجنود، تحدث الإعلام المحلي عن ما أسماها حملة تطال المقربين والمحسوبين على وزير الدفاع القوي، العقيد ساديو كامارا، وربط محللون الخطوة بتزامنها مع غيابه في رحلة خارجية قادته إلى بوركينا فاسو والنيجر، قبل أن يظهر أمس في موسكو خلال اجتماع مع وزير الدفاع الروسي. لكن نشر السلطات لصور المتورطين، ومن بينهم الجنرالان ديمبلي ونيما ساجارا، أعطى للشائعات المتعلقة بتصفية الحسابات داخل الدائرة الضيقة نوعًا من المصداقية، وفق تعبير مصطفى عمر، الذي اعتبر أن الصورة قد تتضح أكثر عند عودة الوزير لبامكو لمعرفة كيف ستتعامل معه السلطات وردة فعله المتوقعة حيال الأحداث الأخيرة.

ويُذكر أن العقيد كامارا يشغل منصب وزير الدفاع منذ انقلاب 2020، ويعتبره الماليون الرجل الثاني في نظام جويتا، ويوصف بأنه "العسكري اللغز"، فهو روسي التكوين و"عرّاب" الصفقات العسكرية مع روسيا وتركيا، وفوق ذلك يحمل الجنسية الفرنسية، وتلاحقه العقوبات الأمريكية بسبب علاقته بمجموعة "فاغنر" الروسية.

هذه المعطيات تجعل من العقيد ساديو رقماً صعبًا في معادلة "الاضطراب" التي تعيشها مالي، ومصدر إزعاج لأصدقائه وأعدائه في الوقت نفسه. فإلى أين ستسير الأمور في بلد هش، خصوصًا أن أي اضطرابات قد يشهدها ستكون لها تداعيات على الإقليم، وفي القلب منه منطقة الساحل (جوار مالي)؟

;
logo
تابعونا على
جميع الحقوق محفوظة © 2024 شركة إرم ميديا - Erem Media FZ LLC